في خضم استحقاقات سياسية ووطنية كبيرة تزداد المسؤولية على من تصدّوا لعبء العمل الإعلامي والصحافي بما يكافئ هذه الاستحقاقات والتعقيدات، خاصّة إذا كانت الأرض خصبة صحافياً مثل سوريا؛ حيث يُعاد تشكيل الهوية وتعريف مفاهيم عامة وأولية كالوطن والمواطن والانتماء والولاء..
طوال رحلة (طلعنا عالحرية) التي تقترب من إتمام عامها الثاني كانت عوائق الاستمرار في إصدار الجريدة أكثر من المحفزات عليها.. فربما كان من السهل أن تفتتح عملاً جديداً بوجود الزخم الكبير المرافق للبدايات، لكن من الصعب أن تستمر عندما يتخامد هذا الزخم كما العادة، والأصعب أن تستمر مع تقديم إضافة تنفع الواقع الذي يزداد تشابكاً ولا ينفكّ يخلق تحديات جديدة.
العدد الأخير (العدد 35) من (طلعنا عالحرية) تضمن ملفاً خاصّاً عن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). لم يُطبع العدد في معظم المناطق المعتادة، وتعرّض ناشطون عملوا على طباعة وتوزيع الجريدة في منطقتهم للتهديد بعد أن تمّ اقتحام وتخريب مكتبهم.
هذا (الجرم) الذي اقترفناه؛ طرحنا المسألة (الداعشية) في ملف خاص.. لم نقتحم مقرّاتهم بالرشاشات والمدافع. لم نختطف أحداً من عناصرهم، لم ننصب الحواجز (المؤلّلة) في طريقهم. لم نسطو على مخازن ذخائرهم لـ (نغتنمها). تكلّمنا ونقلنا بعض ما يُقال عنهم. سلاحنا قلم وذخيرتنا عقول تطرح الأفكار والأسئلة.
لكنّهم شعروا بالتهديد من الأقلام والأفكار!
و(داعش) ليست هي صاحبة (الفضل) الوحيدة في إعادة جوّ الإرهاب والكبت؛ فكل من يمنع تداول الأفكار ويحاكم من أجلها هو من نفس هذه الملّة وإن اختلف عنها بالكم أو بالوجهة.
غير أن كلّ ذلك لم يكن السبب في احتجاب الجريدة لأكثر من شهرين ولأول مرة منذ انطلاقها. لم تؤخرنا العوائق على الطريق أو ازدحامه، وإنما تأخرنا – وكدنا نتوقف – لأسباب تنظيمية وداخلية صرفة!
وإننا – فريق (طلعنا عالحرية)- إذ نعتذر من قرائنا ومتابعينا لغيابنا الأخير، نجدد الوعد في هذه المناسبة أن نبقى في الساحة طالما بقي لدينا (ذخيرة)، شاهري (السلاح) في الساحات. وأكثر من ذلك فإننا لن نسلم السلاح لأي كان.. فبالجريدة أو بغيرها، معركتنا مستمرة!
ناشط وصحافي، رئيس تحرير مجلة طلعنا عالحرية، ومدير مكتبها في دوما / الغوطة الشرقية سابقاً، إجازة في الآداب من جامعة دمشق قسم اللغة الإنكليزية، مدير مكتب الحراك السلمي السوري في ريف دمشق.