تقدم حاليا على مسارح بريطانيا
تقدم مجموعة من اللاجئات السوريات سلسلة لعرض مسرحي يحمل عنوان “ملكات سورية” في عدة مدن بريطانية، ليسجلن في ذلك السبق في أول إنتاج عربي “مترجم” يعرض على الجمهور البريطاني قصص لاجئات سوريات عشن مرارات الحرب في بلادهن التي دمرتها آلة الحرب الأسدية.
انطلاقة العروض في العاصمة البريطانية لندن كانت يوم 4 تموز/ يوليو الجاري. ومن المقرر أن تجوب المسرحية بعد عرض لندن كلاً من أوكسفورد وبرايتون وليفربول وليدز وأدنبرة لتنتهي الجولة في مسرح “نيو لندن” في الويست إند بالعاصمة البريطانية في 24 من هذا الشهر.
العمل مقتبس من النص المأساوي “نساء طروادة” للإغريقي يوربيدس، وتشارك به ثلاثة عشر لاجئة سورية مزجنّ تجاربهنّ في الحرب الأسدية ضد الشعب السوري لينسجنّ منها خيوط وتفاصيل الحكاية. والرؤية البريطانية للمسرحية من إخراج زو لافرتي، التي ركزت في أعمالها السابقة على النزاعات وعدم توازن القوى السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان.
المسرح في مواجهة آلة الموت الأسدية
يقدم العمل على لسان سوريات اتشحن بالسواد، قصصاً عن مآسي وويلات الحرب التي عصفت بسوريا منذ أن علا صوت أبناء الشعب السوري في وجه طاغية العصر مطالبين بالحرية والكرامة بعد خمسة عقود من هيمنة آل الأسد على البلاد ونهب مقدراتها.
قصص من واقع المأساة وعلى لسان من عشنها، فمهما صورنا الحرب التي تدور رحاها على كل ما يمثل الحياة في المدن السورية، وأتينا على أصغر تفاصيلها، فإنه لا يمكننا أن نتخيّل وطأتها وأفعالها ومآسيها في أدق تفاصيلها كمن عاشها وعايش أهوالها بجسده وأنفاسه، بأيّامه وكل ما يمثل ذاته. سمعنا الكثير من قصص الحرب يرويها جنود أو مدنيون، لكن جلّ القصص التي وصلتنا عن الحرب رواها رجال، لم نسمع إلا نادراً قصص الحرب ترويها نساء عايشنها ولسعنّ بنارها، وحملنّ ندوباً من آثارها العميقة في الأجساد والأرواح.
ويُشار إلى أن العرض الأول لـ “ملكات سورية” كان عام 2013 في العاصمة الأردنية عمان، التي لجأت إليها النساء السوريات فراراً من المأساة في وطنهن.
وفيما بعد تم تحويل قصة العرض إلى فيلم وثائقي فازت من خلاله المخرجة ياسمين فدا، بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان أبو ظبي السينمائي في عام 2014.
وتشارك بالعروض التي تقدم حالياً في العاصمة البريطانية عشرة من طاقم العمل بالمسرحية الأصلية بالأردن. من بينهن ريم صياح التي تظهر على المسرح برفقة والدتها، وغيرهنّ من النساء اللائي يشتركنّ في قصص معاناتهنّ مع الحرب الدائرة رحاها في بلدهنّ.
توثيق “الحكي النسائي” فنياً ..
تنسج ريم إلى جانب 12 لاجئة سورية غيرها قصصهن الخاصة عن الحرب ضمن أحداث المسرحية الأصلية. وفي تصريحات صحفية لها، تقول ريم: ليس بيننا ممثلات ولم تحلم أي منا بأن تكون ممثلة – لذلك كان غريباً علينا عمل ذلك. وتضيف: ربما لا يتحدث جميعنا الإنجليزية، ولكن يمكن فهمنا من خلال لغة المسرح الدولية. فالناس بحاجة لفهم أننا ناس مثلهم كانت لدينا بيوت وعائلات وشوارع وأحياء وجامعات وفقدنا كل ذلك بسبب الحرب. وتتابع قائلة: نحن لا نمثل فالجمهور لن يشعر أننا نؤدي أدواراً تمثيلية على الخشبة. فمثل ما يرى المتفرجون نحن نقدم قصصاً من واقعنا هي قصصنا، والنص نصنا، يعني كل شيء على المسرح صادر عنا ويمثلنا، فالقصة ليست قصة تمثيل بقدر ما هي تعبير عن الدواخل والوقائع وسرد للحقائق”.
وكانت المخرجة المساعدة شيرين زعمط قد قامت بتنظيم العروض التجريبية (البروفات) في عمان لإعداد الممثلات لأداء أدوار مسرحية لأول مرة على مسارح بريطانيا. وتؤكد زعمط أن الممثلات كنّ يردنّ أن يتحدثنّ للعالم عن معاناتهن وسعادتهن وذكرياتهن. وأضافت، بحسب تصريحات نقلتها وكالات أنباء عالمية: هنّ نساء قويات ورغم معاناتهنّ فإنهنّ قادرات على تغيير عالمهنّ. الرسالة التي يقدمنها في العرض واضحة جداً. لكن ما الذي يحدث خلال المسرحية، ما الذي يحرك الجمهور ويصل إلى عقله وقلبه؟ ذلك هو أهم شيء.
بدورها قالت المخرجة البريطانية زوي لافرتي إنها معجبة بهؤلاء النساء اللائي ليس لديهنّ خلفية في التمثيل. وتابعت: من غير المعتاد أن نسمع تجارب تمر بها النساء أثناء الحرب إنه لمن المثير حقاً أن تكون لديك مسرحية تركز على السرد النسائي، فغالباً ما تسمع في الحرب سرد الرجال، ولا تسمع من خلال المرأة عمّا يحدث للمرأة. وهكذا فهذا – سواء داخل المسرحية أو في الواقع – فضاء فسيح لاستكشاف الحكي النسائي
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج