تقارير

السلّ.. تهديد يعود بسبب الحصار

هيثم بكّار

يعتبر مرض السل (التدرن) السبب الرئيسي للوفاة بعد مرض الإيدز حسب منظمة الصحة العالمية. وبفضل التطور التعليمي في المجال الطبي وإيجاد علاجات بالمضادات الحيوية قلت نسبة الوفيات إلى حد كبير.

لكن بفضل نظام الأسد وسياسته بقتل السوريين وحصارهم في عموم مدن وبلدات سوريا والغوطة الشرقية خصوصاً، انتشر مرض السلّ بسبب توفر عوامل وظروف حضانة الفيروس.

الطبيب أنس من المكتب الطبي لمدينة دوما وما حولها قال:

“داء السلّ هو مرض التهابي، ومشكلته أن علاجه طويل الأمد، تشرف عليه أساساً الجمعية العامة لمكافحة السل؛ وهي جمعية تابعة للأمم المتحدة، ترسل الأدوية وتشرف بشكل مباشر على العلاج، حتى إنها تأخذ أسماء المرضى وتاخذ توثيقات العلاج وتضع برامج العلاج، وهذا الأمر ليس في سوريا فقط بل في جميع أنحاء العالم”.

ويضيف د. أنس: “السلّ لديه ميزة؛ الجرثومة السلية نسميها (عُصية السل) هي جرثومة ضعيفة، مشكلتها أننا إذا أخذنا العلاج لمدة شهرين -مثلاً- ثم أوقفناه تطوّر نفسها ضدّ العلاج؛ فلا تستجيب له”.

وعن مراحل علاج مرض السل وظروف حضانته وانتشاره يقول د. أنس: “علاج السلّ يحتاج من 6 إلى 9 أشهر للشفاء التام، في حال وجدت ظروف الاستشفاء من أدوية وغذاء وبيئة”.

لكن الحصار ساهم بشكل مباشر في ازدياد أعداد المصابين في الغوطة الشرقية من عدة نواح، نجملها كما فهمناها من د. أنس:

أولاً: الحصار مع القصف أجبر الناس على النزول إلى الأقبية، وهو مكان فيه رطوبة لأن الشمس والهواء لا يدخلانه، ويضطر سكان البناء جميعهم للنزول، ويكون العدد كبيراً جداً والمكان صغيراً، وبالتالي ينتقل المرض بين الأطفال والناس.

ثانياً: التغذية السيئة التي فرضها الحصار ساهمت بضعف المناعة عند الناس وازدياد عدد المرضى.

ثالثاً: الاعتقال؛ فهنالك عدد كبير من المعتقلين يخرجون مصابين ولكن لا تظهر أعراض مرض السل مباشرة ويتم التشخيص بعد مدة، ويكون المرض قد انتشر بين الناس.

ويؤكد الطبيب أن “القصف المستمر أجبر الناس على السكن في أماكن بعيدة عن الشمس لفترات طويلة، والتعرض للشمس هو أحد أهم وسائل المساعدة للقضاء على السلّ وهذا غير متوفر”.

وبحسب الطبيب أنس فأن أدوية السلّ توزع حصرياً عن طريق جمعية مكافحة السلّ، وتوزع عن طريق النظام.

ويضيف د. أنس: “أدخل الهلال الأحمر كميّات من الأدوية، وحالياً هناك جزء من الأنواع انقطع تماماً، وإذا طورت عُصيّة السلّ مناعتها ضدّ الأدوية التي يستخدمها مرضى السل، ستسوء حالتهم وبالتالي يتأثر العالم كافة، وليس الغوطة فقط. طبعاً هذا الأمر لن تظهر نتائجه خلال فترة قريبة، إنما ستظهر المضاعفات على المدى الطويل، وبالنهاية سوف تصل هذه الجرثومة المقاومة للأدوية للعالم كله، وسوف يضطر العلماء لإنتاج أدوية جديدة ضدّ السلّ”.

وعن عدد مرضى السلّ والأدوية المتوفرة يضيف د. أنس: “لدينا في الغوطة 150 إلى 160 مريضاً، ويتم تشخيص من 7 إلى 10 شهرياً كمرضى جدد، كما سُجلت حالات شك ليست مؤكدة 100/100 فلم يسعفنا الوقت لإجراء تحاليل. كما أنه لا يوجد إحصائية دقيقة للأعمار، ولكن معظمهم من الشباب. أما الدواء فهناك نوعان ثنائي ورباعي؛ الثنائي متوفر أما الرباعي فغير متوفر”.

وبعد مناشدات عديدة أطلقها المكتب الطبي منذ شهرين، وهي مستمرة إلى الآن، لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية والأمم المتحدة لإدخال الأدوية والمساعدات الإنسانية. أعلن الهلال الأحمر العربي السوري- شعبة دوما يوم السبت 13 شباط عبر صفحته على الانترنت عن دخول 4 سيارات تحوي على حليب ولقاحات، ولم تحو على أدوية السلّ، وتم تأجيل دخولها “حتى إشعار آخر” بحسب البيان.

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات اشترطت دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا لبدء عملية التفاوض مع النظام.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top