جاء الخبر صاعقا. فتحت فيسبوك، لتطالعني منشورات كثيرة تنعي كل من فارس حمادي وإبراهيم عبد القادر، الناشطين في حملة الرقة تذبح بصمت، اللذان قضيا ذبحا على أيدي داعش.
ليست هذه المرة الأولى التي تطال يد داعش الغادرة أعدائها في تركيا، ففي غازي عنتاب تم القبض على انتحاري بحزام ناسف بالقرب من مبنى تتخذ فيه عدد من المجموعات المدنية السورية مكاتب لها، وفي أورفا، وبعد ساعات من اكتشاف جريمة تصفية فراس إبراهيم، قامت الشرطة التركية بتفكيك سيارة مفخخة، واعتقال شخصين على مسافة قريبة من مكان الجريمة.
ليست داعش بقوة عظمى، ولا تمتلك أجهزة استخبارات قوية كالتي تمتلكها الدول، لكن عصر المعلومات جعل العمل الاستخباري سهلا للغاية، وإذا ما أضيف إليه جهلنا (واستهتارنا) بكيفية حماية أنفسنا من شرور تقنيات الاتصالات والمعلومات، يصبح العمل الاستخباراتي أمرا يقوم به الهواة بنفس مهارة المحترفين.
من المؤلم حقا أن نستيقظ على هذا الإحساس العارم بالخطر ونحن ننعي اثنين من خيرة شبابنا الذين واظبوا على مقارعة داعش بالحقيقة، وتوثيق جرائمها، والوقوف في وجه التطرف، متخذين من الكلمة سيفا، لكن هناك درسٌ في هذه القصة علينا أن نتعلمه.
يبدو أن الخروج من سوريا إلى ما نعتقد أنه بلد آمن لم يعد كافيا، ويبدو أنه علينا، أكثر من ذي قبل، إيلاء سلامتنا حرصا أكثر من أي وقت مضى. لم يتبق الكثيرون منا، ومعظمنا نال منه السجن أو الموت، وجلنا مهجر في بقاع الأرض، ومن تبقى منا في الداخل يقف كل يوم بين الموت والحياة، يبدأ نهاره ولا يعرف هل ينهيه قبل أنه تنهيه رصاصة أو برميل أو صاروخ أو سكين.
ليس لدي ما أقول سوى بضع نصائح لمن قد يكونون هدفا ليد الغدر. لا شك أن الموت سيطال من أتت منيته، لكن كما يقول الحديث “إعقل وتوكل” وعلينا جميعا اتخاذ كل ما من شأنه أن يحمي سلامتنا.
– لا تستهتر، كن حريصا، ولا تجعل أمر معرفة مكانك سهلا على من يتربصون بك. لا تشارك موقعك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أبدا. قم بتعطيل ميزة تحديد الموقع على كل الخدمات التي تستخدمها.
– احرص على استخدام حسابات وهمية لعملك، ولا تفصح عن هويتك الحقيقية.
إن كنت شخصية معروفة، وتستخدم اسمك الحقيقي في نشاطك، فلا تفصح عن مكانك أبدا، ولا توثق تحركاتك من خلال فيسبوك أو تويتر، ولا تنشر أية معلومة توحي بمكان تواجدك. إذا كانت هذه هي الحال، قم بتغيير مكان إقامتك فورا.
– أذا كنت تشك بأنك مراقب أو مستهدف، عليك بتغيير مكانك على الفور، والامتناع عن التردد على الأماكن التي كنت ترتادها قبل انتقالك.
– عليك التفكير مليا في الأماكن العامة التي تعقد فيها لقاءات أو اجتماعات عمل.
– استخدم تقنيات اتصال آمنة، ولا تترك أي أثر في رسائلك يوحي بمكانك أبدا. إن تم اختراق هذه الرسائل سيتم الكشف عن مكانك فوراً.
الرحمة لشهداء الرقة تذبح بصمت، ولشهداء الحقيقة والحرية جميعا.
مشروع سلامتك