بمبادرة من مكتب الحراك السلمي السوري في ريف دمشق، نظّم ناشطون في مدينة دوما المحاصرة يوم عمل قاموا خلاله بتشجير الشارع المحاذي لمكتبهم، وتنظيفه وتلوين الرصيف على جانبي الشارع، وقد شارك بالحملة عدد من الجيران وشباب الحي.
يقول أسامة نصّار مدير مكتب الحراك السلمي السوري: “كنا نفكّر منذ أكثر من سنة بعمل حملة كبيرة بمشاركة جهات عدة، إلا أن الأمر تعثر وتأخّر، فقررنا البداية بتجربة صغيرة وتشجير شارعنا على أمل الانتقال لشوارع أخرى لاحقاً، وبالفعل أعجبت الفكرة أصدقاء لنا وطلبوا أن نساعدهم بتكرار العمل في شارعهم وهذا ما حصل لاحقاً ونتوقّع أن يتكرر”. مضيفاً أن: “فكرة التشجير جاءت بسبب القطع الجائر للأشجار خلال السنتين الأخيرتين بسبب الحرب والحصار الذي لم يوفّر يابساً ولا أخضر”.
ومن المعلوم أن البنية التحتية الشجرية في الغوطة الشرقية بكاملها تضعضعت بسبب القصف ووقوع معظم الأراضي الزراعية في مناطق الاشتباك، ويقول أخصائيون إن تعويض الشجر الذي تمّ قطعه أو حرقه في سوريا -والغوطة ضمناً- يحتاج إلى حوالي 100 عام!
منسّق الحملة الناشط أحمد تي من الحراك السلمي السوري قال لطلعنا عالحرية: “إن حملة التشجير تمت في مكان قريب من البرج الطبي وهو البرج الذي كان يتمركز فيه قناصو النظام الذين قتلواً كثيراً من أبناء المدينة وخاصة من الأطفال، مما جعل الأهالي يسمونه (برج الموت). وزرع الشجر الذي يرمز للحياة قريباً من (برج الموت) كان مفارقة ذات دلالة بالنسبة لنا وللمشاركين.
وعن رأيه في مدى نجاح الحملة يقول أسامة: “ميزة مثل هذه الأعمال أنها تبدأ ناجحة أصلاً؛ لأننا في أقل النتائج نحصل على شارع نظيف وجميل، وغالباً نكسب تفاعل الجيران وإضفاء جوّ محبّب في الحي أيضاً أثناء التنفيذ، كما أن مثل هذه النشاطات تخرج الناس من جو الموت والقصف اليومي”.
وعن تفاعل الناس مع النشاط يقول أسامة: “دائماً هناك طيف من الاستجابة لمثل هذه النشاطات؛ فبعض الناس يتفاعل بإيجابية كبيرة ويشارك ويعتبر نفسه جزءاً معنياً، والبعض يعجبه العمل لكن يستصعب أن يشارك بنفسه أو يخجل أو يأخذ وقتاً ليندمج، وهناك آخرون لا يعجبهم شيء ويفتشون عن السلبيات في كل شيء، وهذا طبيعي”. وعن هؤلاء الأخيرين يقول أحمد: “هناك انتقادات وُجهت لنا بأنه من الأفضل إنفاق المال على إطعام الناس بدل صرفه على شجر للزينة وثمن الدهان وما شابه.. والحقيقة لا ألوم هذا التفكير فالوضع المعاشي فعلاً صعب، وربما بعض الناس يعتبرون هذا من الكماليات. إلا أن وجوه الخير كثيرة والزراعة وكنس الشوارع وإماطة آثار القصف هي أحد هذه الوجوه الذي نقترحه هنا. ومن ناحية أخرى هناك مؤسسات إغاثية كثيرة تبذل جهدها لمكافحة الجوع والحصار”.
وقد تميّزت الحملة بمشاركة نسوية في العمل سواءاً من الحراك السلمي السوري أو غيرهن من الناشطات والأهالي.
الناشطة ميمونة عبّرت عن فرحتها بهذه الخطوة: “لقد قمنا بزراعة شجرة تسمّى “الشمسيّة” وهي غرسة رخيصة الثمن ومتوفرة في الغوطة و(عينها قوية) كما يقول الفلاحون”، مؤكدة أن: “الشجر رمز الحياة والمستقبل الذي نريد فعلاً أن نتطلع إليه وأن نبينه لنا ولأطفالنا، وهي رمز للمقاومة، وتحدي الموت المتربص بنا في كل حين. ومشاركة الأيدي الصغيرة لأطفال الحي عزّزت هذا المعنى”.
كاتبة صحافية وناشطة سورية من الجولان المحتل، نائب رئيس تحرير طلعنا عالحرية.