لم يكن في حسباني ان اكتب مقالة عن ابو مرشد الشهيد، توقعت ان اكتب عنه بصفة الوطني او الثائر او المفكر، وكم هو صعب ان تخط كلمات في فقيد غالِ لك.. لم يكن القلب فقط يحبه بل العقل ايضا يحترمه ويجله، انه استاذي ابو مرشد.
محمود مدلل (أبو مرشد) الغوطة الشرقية – حرستا، اسم لا يعرفه الكثير من السوريين ولكن يعرفه الغالبية العظمى من ثوار الغوطة الشرقية.
كيف لا وابو مرشد هو اول من نادى بأول صيحة حرية في دوما بتاريخ 25 / 3/ 2015..
كيف لا وابو مرشد هو أحد ابرز قادة الحراك الثوري في الغوطة الشرقية ..
كيف لا وأبو مرشد اعيا النظام في محاولة القبض عليه..
كيف لا وأبو مرشد الذي دفع ابته الوحيد شهيدا للثورة ..
كيف لا وابو مرشد كان يعامل جميع ناشطي الثورة كأخوة له..
جمعني العمل الثوري به منتصف عام 2013 مع تشكيل ادارة المجالس المحلية في الغوطة الشرقية، حيث كان من اكثر المؤمنين بفكرة المجالس المحلية كنواة في بناء الدولة الحديثة. جمعتني معه مئات الجلسات خلال السنتين اللاحقتين، عندما تجلس معه يأسرك صمته.. فخلال الجلسات قد يبقى ابو مرشد صامتا لساعات دون ان يتكلم باي كلمة، ولكن عندما ينطق ولو بعدة كلمات فقط تستشعر عمق الفكر الواضح الذي يختزنه عقله الراجح، تعلمت منه كما تعلم الكثيرين مبادئ لا يمكن ان انساها ما حييت… منها:
- ان رجال المبادئ هم الباقون لا رجال المصالح.
- قوة الكلام لا بكثرة الكلمات وتنميقها بل بالحق الذي يقف وراء الكلمات ولو قل عددها.
- قول الحق ولو كان وراءه مخاطرة أفضل للرجال من التستر وراء الباطل ولو كان به سلامة.
- اقوى سلاح يمكن ان يحمله الرجل هو فكرا واضح مؤمن فيه.
- ان النصر في الثورة لا يقتصر فقط على اسقاط النظام بل بزرع بذور التغيير في الجيل السوري.
- ان الالتزام بالعمل هو السر الحقيقي في النجاح ولا يمكن لثورة ان تنتصر ان لم يلتزم كوادرها بها ويؤمنوا بها ايمانا صادقا.
- احترام الناس لك يتأت اساسا من مدى احترامك لهم
- ان الثورة هي ثورة في العقول قبل ان تكون ثورة في الأجساد، هي ثورة لتغير مفاهيم الاستبداد والديكتاتورية بمفاهيم الحرية والكرامة.
- ان الثورة السورية هي ثورة لسورية الدولة لكل مواطنيها دون تميز.
عندما استذكر هذه المبادئ استرجع عشرات النقاشات الفكرية معه، واستذكر اكثر كلمة كانت محببة له وهي كلمة (الدولة) لقد حمل ابو مرشد في تفكيره مفاتيح تفكير رجل الدولة الحقيقي، فلم ينظر الى الامور من ناحية شخصية او مذهبية او ايدلوجية او دينية او غيرها، بل كان يسمو فوق كل ذلك لينظر الى الامور من منظور رجل دولة سوري مجسدا روح الثورة واهدافها بالحرية والكرامة.
عندما تدعه يستذكر بدايات الثورة تراه يسرد لك عشرات القصص الرائعة والعاطفية للثورة في بدياتها، وترى البسمة ترتسم على وجهه وهو يستذكر تلك المرحلة، فلا أحد يمكن له ان يروي لك قصة الثورة في الغوطة الشرقية اكثر من ابو مرشد. إنه رجل لم يضع البوصلة رغم كل التقلبات التي عاشها الوطن السوري، رجل حمل هم وطن وامن بحلم الثورة لأجل الوطن.. وانا والكثيرين مثلي نفتخر بوطن حضن رجل كأبو مرشد لأنه رجل.. بوطن
كاتب وصحفي من داخل الغوطة الشرقية – ريف دمشق