المحامية دعد موسى
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999 يوم 25 تشرين الثاني اليوم الدولي للقضاء على العنف ضدّ المرأة. تخليداً لنفس اليوم من سنة 1960 حين اغتيلت الأخوات ميرابال، الناشطات السياسيات، في جمهورية الدومنيكان، حيث سُجّل مقتلهنّ كأعتى أنواع العنف الموجه للمرأة.
وقد اعتبر هذا التاريخ، صرخةً عالمية تندّد بالعنف ضدّ النساء.
وبادرت الأمم المتحدة منذ عام 1991 إلى تخصيص مدة محدّدة من كل عام من 25/11 إلى 10/12 تنظم فيها حملات عالمية لمكافحة العنف ضدّ المرأة تسلّط فيها الأضواء على هذه الظاهرة من كافة جوانبها، واستنباط ما يلزم من وسائل وتحريك كل الإمكانيات المتاحة للقضاء عليها.
أصدرت الأمم المتحدة عام 1993 الإعلان بشأن القضاء على العنف ضدّ المرأة، ووفقاً للإعلان يعني تعبير “العنف ضد المرأة”: أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
وجاء في المادة 2 من الإعلان تحديداً لأشكال العنف وبدون حصرها؛ حيث يمكن أن تضاف إليها أي أفعال تعتبر من قبيل العنف وتسبب أذى للنساء مهما كان نوعه:
أ. العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث، والعنف المتصل بالمهر واغتصاب الزوجة، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال.
ب. العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدي الجنسي، والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر، والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء.
ج. العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع.
وتركز المادة 3 من الإعلان على الحقوق الأساسية الواجب تمتع النساء بهن دون أي تمييز.
أ. الحق في الحياة
ب. الحق في المساواة
ج. الحق في الحرية والأمن الشخصي
د. الحق في التمتع المتكافئ بحماية القانون
هـ. الحق في عدم التعرض لأي شكل من أشكال التمييز
و. الحق في أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية
ز. الحق في شروط عمل منصفة ومواتية
ح. الحق في أن تكون في مأمن من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.
وتلزم المادة 4 الدول أن تدين العنف ضد المرأة، وألا تتذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات دينية بالتنصل من التزامها بالقضاء عليه، وأن تدرج في القوانين المحلية جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل إدارية بحق مرتكبيه، وتؤمن للنساء تعويضاً عن الأضرار، وأن تفتح فرص الوصول إلى آليات العدالة أمام النساء، وأن تتاح لهنّ سبلاً عادلة وفعالة للانتصاف من الأضرار التي تلحق بهن وأن تصوغ،على نحو شامل، النهج الوقائي وكل التدابير القانونية والسياسية والإدارية والثقافية التي تعزز حماية المرأة من جميع أشكال العنف وتكفل أن لا يتكرر إيذاء المرأة بسبب وجود قوانين وممارسات تقليدية وأي أشكال تدخّل أخرى لا تراعي نوع الجنس.
وقررت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في قرارها 1994/45 في 4 آذار تعيين مقرر خاص معني بالعنف ضدّ المرأة، تتلقى معلومات عن العنف المرتكب ضدّ النساء وأسبابه وعواقبه من الحكومات وهيئات المعاهدات والوكالات المتخصصة والمقررين الخاصين الآخرين ومن المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، وأن تستجيب بفعالية لتلك المعلومات، وتوصي بتدابير وسبل ووسائل على الصعد المحلية والوطنية والإقليمية والدولية للقضاء على جميع أشكال العنف الموجه للنساء وأسبابه، ولمعالجة عواقبه، وتحيل مناشدات ومراسلات عاجلة إلى الدول بشأن حالات عنف مزعومة ضد المرأة.
وأطلقت منظمة العفو الدولية في العام 2004 حملة عالمية لوقف العنف ضدّ المرأة. أسهمت الحملة في النجاحات التي حققت عدداً من التغييرات التشريعية والتغييرات في السياسات المتبعة على المستويات الوطنية، فضلاً عن أنها ساندت الجهود التي بُذلت على الساحة الدولية لاعتماد قراري مجلس الأمن 1325 و1820 المتعلقين بالمرأة والسلام والأمن.
في آب 2008 قدم الأمين العام للأمم المتحدة للدورة 63 للجمعية العمومية تقريراً مفصلاً عن القضاء على الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بجميع مظاهره.
وتوالت الفعاليات والمؤتمرات بهدف تسليط الضوء على العنف ضد المرأة ومكافحته. ولكن الحقائق تشير إلى أنه مستمر ويتفاقم ويشكل وباءً عالمياً، وهو ناجم عن التمييز ضد المرأة قانونياً وعملياً، وكذلك عن استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين.
في أيار 2011 تم توقيع اتفاقية المجلس الأوربي (اتفاقية اسطنبول) حول الوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما.
وفي 25/11/2016 تم إطلاق حملة الأورو- متوسطية لمناهضة العنف ضد النساء
وحسب الإحصائيات تتعرض أكثر من 70% من النساء في حياتهن للعنف، وأن 35% من النساء والفتيات على مستوى العالم تعرضن لنوع من أنواع العنف الجنسي، وفي بعض البلدان تتعرض 7من كل 10 نساء لسوء المعاملة. و يقدر عدد النساء اللواتي تزوجن ولم يزلن صغيرات بـ 700 مليون امرأة، منهن 250 مليون تزوجن دون سن الخامسة عشر. ومن المرجح ألا تكمل الفتيات اللواتي يتزوجن تحت سن الثامنة عشر تعليمهن، كما أنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضاعفات الولادة.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج