مجلة طلعنا عالحرية

وتستمر الجريدة…/ ليلى الصفدي

tl

وتستمر الجريدة… رغم الظروف المروّعة التي تشهدها سوريا، قد يبدو هذا ضرب من الترف والرومانسية، الا أنه  التحدي الانساني والثقافي في أن نبقى قادرين على القيام بنشاطات مدنية في ظل حالة همجية يفرضها نظام قاتل في منازعته الأخيرة، تحدي الحياة مقابل الموت، تحدي المستقبل الديمقراطي  مقابل الماضي الديكتاتوري… تحدي ان هذه الثورة سوف تستمر وتنتصر.. بكل اخلاقيات الثورة وتوقها للحياة والحرية، وليس كما يحاول النظام حرف مساراتها لحرب طاحنة لا معنى لها الا الموت والانقسام والتفتيت.

“طلعنا عالحرية”  التي ولدت في سياق ايماننا ان الثورة السورية لها خصوصية لا تشبه غيرها من الثورات، جاءت لتلبي الحاجة المتعاظمة لخطاب عقلاني ومدني ينطلق من الشعب إلى الشعب، ضمن هذه الظروف المفتوحة على احتمالات مجهولة. هي صوت اخر للناشطين يعبرون من خلاله عن امالهم ووجعهم وافكارهم الخلاقة في الثورة، ونافذة  للحلم لرسم بعض ملامح سوريا الجديدة.

لماذا المطبوع؟

لأن لرائحة الورق وملمسه نكهة لا تشبه غيرها من وسائل الاعلام حتى وان فقدت في السنوات الاخيرة شيئا من حظوتها بسبب اتساع فضاء الانترنت ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة.

للمنشورات الورقية بساطة وقرب يشبه الثائرين اكثر من باقي الوسائل، وهي فرصة للاتصال بمن ليس لديهم القدرة على التواصل من خلال الوسائل الحديثة وهم حاليا غالبية الشعب السوري.

لا تطمح جريدة  “طلعنا عالحرية” لأن تكون نخبوية..  بل أن جلّ طموحها أن تعبر عن نبض الشارع البسيط الذي فاجأ كل النخب السياسة وقاد الثورة كل هذه الفترة، ولأنها كذلك فهي تعتمد في تقاريرها وموادها على اعضاء التنسيقيات والذين ينقلون لنا واقعهم الجديد حتى وان  لم يمتلكوا كل الامكانات الصحفية والمهنية، ومثلهم مثل كل جنود الثورة المجهولين لا يحظون بما يفترض ان تتيحه الصحافة من  شهرة، بسبب الظروف الأمنية القاسية والخطر الذي يتهدد حياتهم.

نحن في ثورة شعبية.. شعب يتوق للحياة الكريمة والحرية ويتعرف  من جديد على نفسه.. وهنا لا شيء يدعو للفخر والاعتزاز أكثر من أن تكون الجريدة شعبية.

ولعل هذا الطابع الذي يرتسم واضحا على صفحات الجريدة لم يدغدغ أقلام مثقفين وكتاب دعوناهم مرارا للمساهمة، متجاهلين او متناسين ان نخبويتهم لم تطعمنا لا حرية ولا خبزاً…

يتوجه خطاب جريدتنا  الى عموم السوريين.. لأننا نؤمن أن المراهنة فقط في نجاح الثورة على السوريين انفسهم، فالرهانات الزائفة على عدالة هذا العالم وعلى وقوفه المفترض الى جانب الحق والأخلاق والعدالة اثبتت فشلها.. وكذبها..

خطابنا موّجه إلى الداخل الثائر والصامت على حد سواء، كي نساهم بخلق الظروف الملائمة لتوحيد الشارع السوري بمواجهة جلاده.. وتحقيق الأرضية اللازمة لعصيان مدني شامل كفيل اذا ما تحقق فعلا بأن يزيح عن سمائنا تلك الغيمة السوداء وأن يمهد لانهيار متسلسل لأعمدة النظام الفاشي والتي لن تبدو عندها إلا أعمدة من ورق.

أيام قليلة تفصل بين ارسال ملفات الجريدة وبداية ارسال فيديوهات الطباعة والتوزيع… ليس اجمل منهم شباب التنسيقيات الأبطال وهم يطبعون الجريدة ويرفقونها بكلمات عن الحرية والثورة والمصداقية… بينما قوات النظام الهمجية تقصف وتحاصر مدنهم وقراهم،  وليس ابهى من منظرهم وهم يوزعونها على المحال التجارية او في المظاهرات.. هنا في هذه اللحظات  يختفي كل التعب ويبدأ التحضير لعدد جديد بقصص واخبار وامال جديدة…

Exit mobile version