زياد إبراهيم
يمضي هذه الايام عامان على اختطاف رزان زيتونة وسمير الخليل وناظم حمادي ووائل حمادة من مكتب توثيق الانتهاكات في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، الحدث الذي لا يزال حتى الآن يلقى استهجاناً من ناشطي الثورة السورية على وجه الخصوص وفعاليات حقوق الانسان والمنظمات العالمية على وجه العموم.
حيث تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حملات مختلفة للتضامن مع المخطوفين الأربعة، مشابهة لحملات التضامن التي حدثت في الذكرى السنوية الاولى لاختطافهم، اضافة الى بيانات الادانة والمطالبة بالكشف عن مصيرهم من عدة جهات.
وتتوجه الاتهامات بشكل مباشر و/أو غير مباشر (سياسياَ و/أو جنائيا) الى جيش الاسلام تحت قيادة زهران علوش كونه الفصيل الاكبر والاقوى في الغوطة الشرقية اضافة الى القرائن التي قدمها بعض اهالي المخطوفين بعد عملية الاختطاف.
الجدير بالذكر انه خلال العامين الماضيين لم يتم توجيه اصابع الاتهام الى النظام السوري على الرغم انه من أشد المستفيدين من عملية الاختطاف لناشطين مدنيين يقومون بتوثيق انتهاكاته على كامل التراب السوري ويحظون بثقة منظمات حقوق الانسان العالمية، كما لعبت رزان زيتونة جنبا الى جنب مع كل من ناظم ووائل دوراً هاما في الحراك الثوري بحكم انهم من المؤسسين للجان التنسيق المحلية اول الهياكل التنظيمية التي انبثقت عن الثورة السورية.
في التاسع عشر من أيلول 2013 اعتقلت قوات النظام أحد مؤسسي لجان التنسيق المحلية المقربين من رزان وكان مكلفاً حينها بإدارة مكتب الحراك الثوري وهو من مدينة دوما ليتم احتجازه واستخدام كل وسائل التعذيب المعروفة عند النظام الأمني السوري في التحقيق معه بغية الحصول على معلومات هامة قد تفيد النظام في ملاحقة نشطاء آخرين أو الوصول إليهم.
بعد مرور عام وبضعة أشهر على اعتقاله تم الافراج عنه وبقي في مدينة دمشق لعدة أشهر حتى استطاع الخروج منها الى أحد دول الجوار بعد تحسن حالته الصحية.
يروي عضو لجان التنسيق المحلية عن فترة الشهور الأولى من اعتقاله كيف ان التحقيق كان متمحوراً حول شخص رزان زيتونة وطبيعة عملها ومساعديها وعن ماهية لجان التنسيق المحلية وشكلها التنظيمي وعن مركز توثيق الانتهاكات وكيفية عمله وعن توثيقه لمجزرة الكيماوي وغيرها.
ثم يقول بأن جلسات التحقيق كانت تأخذ ساعات طويلة (تحت التعذيب) للحصول على معلومات خاصة برزان زيتونة ومكان سكنها ومن يعمل معها وحالتها المادية وحياتها اليومية ثم طلب منه المحقق في أكثر من مرة المساعدة في اقناع رزان بطريقة ما والتأثير عليها كي تنتقل الى مناطق النظام مع إمكانية تقديم كل التسهيلات ليتم الامر.
يقول الناشط: كان جوابي دائما بأن رزان ومن معها من المستحيل جذبهم الى مناطق النظام تحت أي حجة، فهم مستقرون في مدينة دوما وجميع احتياجاتهم مؤمّنة، وينعمون بعلاقة جيدة مع جميع من حولهم، ولديهم الكثير من العمل الذي يقومون به، ومن الصعب جدا اقناع رزان بترك دوما لتخرج الى مناطق النظام.
ثم يردف قائلا: بعد أن اقتنع المحقق بعدم امكانيتي (الفعلية) في إقناعها بترك مدينة دوما، واستحالة جذبها الى مناطق النظام، قال لي: “ لا يوجد لدينا مستحيل، وإذا كنت انت لا تستطيع جلبها الينا، فلدينا الكثير من أصحاب اللحى في الغوطة الشرقية قادرين على ذلك “
وبحسب الناشط فإن مرحلة التحقيق هذه لم تتعدى الشهرين من لحظة اعتقاله، أي انها انتهت قبل شهر تقريباً من عملية الاختطاف التي حدثت في التاسع من كانون الأول 2013 في مدينة دوما.
هذه الشهادة التي يقدمها أحد أعضاء لجان التنسيق المحلية عما جرى معه في معتقلات الفروع الأمنية، مع الاخذ بعين الاعتبار تقاطع الفترة الزمنية مع الفترة التي اختطف فيها نشطاء دوما الأربعة، تضع فرضية -مسؤولية النظام السوري عن عملية الاختطاف-على طاولة البحث والتحليل بجانب الفرضيات الأخرى ولا تستبعدها كما تم استبعادها سابقاً.
ان الفرضية الجديدة لمسؤولية النظام عن اختطاف رزان زيتونة وسميرة الخليل وناظم حمادي ووائل حمادة لا تبرِّء ابداً الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية وعلى رأسها جيش الاسلام من المسؤولية عن عملية الاختطاف، بل على العكس فإن هذه الفرضية لو صحت، فان مسؤولية الفصائل العسكرية سوف تتجاوز اختطاف نشطاء مدنيين لتصبح مسؤولية عن أمر أكبر من ذلك بكثير.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج