مجلة طلعنا عالحرية

نظام تعليم لاستيعاب جميع الأطفال

شبكة حراس

إن الجهل بخصائص أطفال الاحتياجات الخاصة هو أهم عوائق التعامل معهم في المجتمع، وعادة ما نسمع ردوداً من قبيل: “نحن لسنا مختصين! فكيف نتعامل معهم؟”.

نظرة الصندوقين في تمييز أطفال الاحتياجات الخاصة في التعليم:

تقول وجهة النظر إن هناك مكانين للتعليم؛ مكان لمن تطورهم نمطي، أي الأطفال “العاديين”، ومكان آخر للأطفال الذين لديهم تطور غير نمطي، أي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

بينما تكمن المشكلة في نظرتنا إلى حدي أبيض-أسود؛ ما هو طبيعي- وما هو غير طبيعي في تصنيف الأشخاص. قد تكون أنت شخصاً غير طبيعي بالنسبة لطفل لديه اضطراب طيف التوحد، لماذا لا تهتم بالتفاصيل؟ ولا تستمتع بأصوات مميزة يحبها هو؟ كذلك لا تهتم بالألوان؟!

ولكنه بالنسبة لك شخص مهتم جداً بالتفاصيل، ولديه تعلّق زائد بحركات معينة، ولكنكما معاً على نفس الطيف من الاحتياجات، حيث أنت تميل إلى جهة، بينما هو يميل إلى جهة أخرى!

فالإعاقة ناتجة عن النقص في تصميم مؤسساتنا والنظام التعليمي فيها، والتي تعيق انضمام هؤلاء الأطفال، بينما ينبغي أن يتم تصميم النظام التعليمي ليشمل الجميع، بحيث يكون شمولياً يستطيع أن يعلم جميع الأطفال، ونعيد تصميم منهج إعداد المعلم بحيث يتعلم كيف يعلم جميع الأطفال؛ نمطيي التطور وغير نمطيي التطور، ونعدل في تصميم الأبنية المدرسية، بحيث يسهل على الجميع التحرك فيها .. عندها لن يكون علينا إلا أن نجهز الطفل ليعتمد على نفسه أكثر.

لا يجب أن يفهم من كلامنا أن التغيير باتجاه الدمج أمر بسيط أو أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحتاج إلى عناية “خاصة”. لكن لا يجب أن يكون تقصيرنا في التفكير في البدائل سبباً لتحميل الأسرة والطفل مسؤولية إعاقته بالكامل، وكأنه ولد بشكل لا يتناسب مع متطلبات الحياة وأنماطها. المشكلة تكمن في نمط الحياة الذي يوفره المجتمع واقتصاره على فئة معينة من الأطفال.

نظام للدمج يتدرب عليه المعلمون:

نواجه في “شبكة حراس” هذه النظرة من خلال الأنشطة التي نقوم بها، فهناك أشخاص لاستقبال الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والمدرسة مجهزة لمن يتحرك على كرسي متحرك، ومن يستقبله معلم مدرَّب على  نظام دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فيتم تحضير الطفل في “غرفة الموارد” حيث يتعامل فيها مع أستاذ واحد، ويتعلم فيها مهارات يكسر بواسطتها حاجز الخوف، ثم يتم إضافة أطفال آخرين إليه في الغرفة، وبعدها يذهب الطفل إلى الحصص العادية، حتى يعتاد وجود الأطفال الآخرين إلى جانبه، ثم ندمجه اجتماعياً مع أقرانه بواسطة أنشطة اللعب وفي الفسح بين الحصص، ثم وبحسب مستواه والأفضل بالنسبة له، يتم إدماجه كلياً أو جزئياً، بحسب نقاط القوة والضعف لديه وليس بحسب تصنيفه في التشخيص.

دمج أطفال الاحتياجات الخاصة في مدارس حرّاس

حقيقة، في العمل مع أطفال الاحتياجات الخاصة أنت بحاجة إلى الاختصاصي من أجل أن يضع التشخيص والخطة الفردية لحالة الطفل. بينما رعاية الطفل وتعليمه يقوم على أشخاص لديهم الدافع للعمل مع الأطفال ومعلّم متميز، لتطبيق تلك الخطة.

وبذلك نستطيع دمج أطفال الاحتياجات الخاصة في المدرسة العادية بتدريب كادر المدرسة وتهيئة البيئة المرحّبة به فيها، وهذا ما نعمل عليه في مدارس حراس حتى استطعنا استقبال 13 طفل وطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة في “مدرسة لحن الحياة”، و3 أطفال في “روضة حلم الطفولة”. (بحسب تقرير نصف السنوي -حزيران ٢٠١٦)

العدالة هي المساواة في الحقوق:

ومن جانب آخر فإن تكلفة تعليم طفل احتياجات خاصة تعادل تكلفة تعليم طفلين عاديين، ويمكن تفهم قرار أصحاب القرار في تفضيل العمل على تعليم الأطفال العاديين، خاصة عندما تكون الموارد محدودة كما في ظروف الطوارئ الحالية.

ولكن القرار في شبكة حراس يعتمد على مبدأ العدالة في تقديم الخدمات. وبما أننا نتوقع أن قلة من مقدمي خدمات التعليم سيعملون على تعليم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما هناك عدة جهات لتعليم الأطفال العاديين.

فالعدالة تقتضي إزالة العوائق أمام طفل غير نمطي التطور للحصول على حقوقه، حتى لو لم يحقق هذا المساواة مع أقرانه من أصحاب النمو النمطي،  لأن الهدف ليس تقديم الخدمات فحسب وإنما ضمان حصول الجميع، بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة، عليها.

العمل في الظروف الصعبة:

إن النجاح في إيجاد حلّ لمشكلة ما، هو أكثر ما يزود العاملين بالدافع للاستمرار:

كان من أكثر المواقف التي أثرت فيّ هي قصة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، شاركني بها فريق الاستجابة، وهي قصة طفل حجبه أهله في البيت لمدة تسع سنوات خوفاً عليه من السخرية أو الأذى التي قد يتعرض لها من المجتمع، ثم استطاع الخروج من البيت إلى المدرسة بمساعدة الفريق، ثم حصل على فرصة للعب في الحديقة. لن تستطيع أن تتخيل ردة فعله لأول مرة يركب فيها الأرجوحة! إن شعور الطفل في هذه العشر ثوان لا يقدر بثمن.

الجميع يستطيع المساعدة:

إن مواقف الناس من الإعاقة تؤثر دوماً على كيفية تعاطيهم مع ذوي الاحتياجات الخاصة. نستطيع مساعدة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة إذا تذكرنا أن لديه احتياجات مماثلة لاحتياجات الأطفال الآخرين: كالمحبة والأصدقاء واللعب والمسؤولية والعمل والإحساس بالقيمة.

Exit mobile version