الليرة السورية تسجل أدنى مستوى قياسي أمام الدولار، وميالة يدعي ضخّ شريحة نقدية “بسقوف مفتوحة ودون ضوابط” !!!؟
يجب عليك عزيزي المواطن السوري أن تقتات بالنذر القليل الذي ترميه لك الحكومة من فتات موائدها المترعة، حيث يعادل راتب موظف الدولة 50 دولاراً أي نصف مرتب الخادمة الأثيوبية. دون أن تخجل الحكومة من ذلك أو تسرع لأخذ أي إجراء. لأنها على ما يبدو راضية عن هبوط سعر الليرة ما يجعلها تختصر الكثير من نفقاتها كدفع أجور الموظفين الذين يشكلوا أغلبية الشعب السوري.
فمع دخول الثورة السورية عامها الخامس، تشهد العملة المحليّة انخفاضاً حادّاً في قيمتها أمام العملات الأجنبيّة لم تعهده من قبل، حيث تجاوز سعر صرف الليرة السوريّة أمام الدولار الأميركيّ مطلع نيسان/أبريل الجاري 500 ليرة.
ما أدى لاستياء شعبي عام وبلبلة في أوساط الشارع السوري من جهة وبين التجار والمواطنين من جهة أخرى؛ فتوقف كثير من التجار عن بيع السلع بانتظار استيضاح المستوى الذي سيقف عنده الدولار، لاسيما أن أسعار المنتجات المحلية مرتبطة به في حين يتقاضى الموظفون والعمال أجورهم بالعملة السورية.
لعل تدهور الليرة يعود لعدة أسباب وعوامل أهمها:
– حرص نظام الأسد على تكريس خزينة الدولة لصالح الجيش وعملياته الحربية والفروع الأمنية ناهيك عن الحواجز التي غدت جمارك لها حصة ترانزيت لأي شاحنة تنقل سلع أو مواد غذائية وطبية وغير ذلك ما يساهم في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
– تهريب الأموال إلى دول الخارج إذ نجح المئات من رجال الأعمال والمصارف الخاصة بإخراج أموالهم من سورية.
– المضاربة الداخلية على العملة من خلال السوق السوداء التي تعد ورقة ضغط هامة على الليرة السورية علماً أن غالبية تجار تلك الأسواق إما رجال في الدولة أو عملاء مدعومين من قبلهم.
– الفجوة بين سعر الدولار لدى الدولة وسعره في تلك الأسواق حيث يتراوح الفارق بين 30 إلى 50 ل.س. تعود إلى الانخفاض السريع للعملة لاسيما بعد الانسحاب الروسي بينما يرى المصرف المركزي أن سبب هذا التباين “عودة المضاربين في السوق لتكثيف نشاطهم للضغط على سعر الصرف وإعادته إلى مسار التقلب من جديد”
في سياق متصل أكد حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة أن هناك أطراف “استغلت
خبر اتفاق تخفيض عديد من القوات الجوية الروسية في سورية لجهة التأثير في معنويات المواطنين والعمل على رفع سعر الصرف بشكل غير مبرر” ولاسيما في ظل المستجدات الاقتصادية التي وصفها ب “ الإيجابية “ التي كان من أبرزها فتح معبر جديد بين سورية والعراق وكذلك تشغيل الخط البحري المباشر بين الموانئ السورية والروسية لتسهيل تصدير المنتجات السورية إلى جمهورية روسيا الاتحادية.
– الضغط على العملة السورية من قبل الدول الإقليمية والعربية المحيطة التي تعمد لضخ كميات كبيرة من الليرة التي ملكتها قبل الأزمة تحقيقا لمصلحة خاصة ولأهداف سياسية مرسومة؟
– توقف عجلة الإنتاج في كثير من القطاعات خاصة القطاع الصناعي والزراعي مع ضعف التصدير للدول التي طبقت مقاطعة اقتصادية شاملة على سورية.
– إضافة للعوامل النفسية حيث تسارع المواطنون في الداخل لتحويل أموالهم إلى قطع أجنبي أو ذهب كملاذ آمن للادخار نتيجة هبوط العملة المحلية وغياب استقرارها.
خصوصا أن البنك المركزي لم يلتزم بالوعود التي أطلقها في مارس 2016 حول نيّته ضخّ شريحة من النقد الأجنبيّ “بسقوف مفتوحة ودون ضوابط”، حتى لو قام بذلك فان السوق ستبتلع هذه السيولة وتطالب بالمزيد بفعل الحرب
– انخفاض إنتاج سوريا للنفط بحكم سيطرة داعش على حقول النفط والغاز في المنطقة الشرقية
– عجز الميزان التجاري بسبب قلة الصادرات وزيادة الواردات نتيجة الحاجة الماسة للكثير من المواد الأولية اللازمة للقطاع الصناعي.
– التمويل بالعجز وهو مفهوم اقتصادي تلجأ إليه الدول في حالات خاصة حيث تطبع كميات من العملة الوطنية دون أن يقابلها رصيد ذهبي ربما كان هذا سبب هام أثر في سعر صرف الليرة حيث اعتمدت الحكومة السورية على هذا الحل لتغطية نفقاتها الحربية الأمر الذي زاد من مأساة الشعب السوري الذي يعيش 80 % منه تحت خط الفقر.
كما أدى تدهور العملة السورية وفقا لخبراء اقتصاديين إلى تضخم فاق 500 في المئة، وفي بعض الحالات تجاوز ألفاً في المئة. بينما وصل هذا التضخم داخل المناطق المحاصرة إلى 4000 -8000 في المائة.
يذكر أن الدولار الأمريكي كان يعادل سنة (2010) 47 ليرة سورية بينما يعادل اليوم 550 ليرة
أي كان المليون 21 ألف دولار في حين لا يتجاوز الآن ألفي دولار.
في هذا الشأن يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سامر بعض الحلول التي من الممكن أن تكون بمثابة إسعافات أولية ريثما تنتهي الحرب، منها:
– استخدام وسائل الإعلام لبث الثقة بالاقتصاد الوطني وبالليرة السورية حتى يعود المواطن لمرحلة التوازن من خلال ثقته بالعملة المحلية وعدم إلحاحه بطلب العملات الأجنبية
هذا سيؤدي لتخفيض الضغط على الليرة في الوقت الراهن.
– ترشيد الاستهلاك للأمور الحيوية وخاصة في مجال الطاقة.
– ترشيد الاستيراد بحيث يكون فقط “للمواد الحيوية والهامة لحياة المواطن كالمواد الطبية “
– تشجيع التصدير وخاصة للمنتجات الصناعية أو الزراعية المصنعة أي الصناعات الغذائية والامتناع عن تصدير المواد الخام حاليا لان” زيادة الصادرات تؤدي لوجود دخل من القطع الأجنبي يدعم الليرة السورية ويعيد التعادل للميزان التجاري “
لكن تبقى تلك الحلول وغيرها إن نفذت مثبطات مؤقتة لان واقع الحال يشير إلى انهيار الحياة الاقتصادية بسوريا واندثار عملتها يتبعه انهيار سياسي يلحق بنظام الأسد الذي نكل وشرد الملايين من شعبه.
أما سورية فلن يبقى منها سوى شبه بلد ممزق معدوم الموارد يسوده التناحر الأهلي تمهيدا لمرور مشروع تقسيم سوريا إلى دويلات على أساس طائفي عرقي وقومي
مستقل، مهووس في تكنولوجيا المعلومات والأمن الرقمي. مهتم في الشؤون الاقتصادية وريادة الأعمال، محرر القسم الاقتصادي في طلعنا عالحرية