تقارير

مهجرون يتقاسمون الحياة مع طلاب المدارس

محمد هشام – زاكية

تكتظُّ بلدة زاكية التابعة لناحية الكسوة في ريف دمشق  بالمهجرين من شتى أنحاء سوريا بأعداد كبيرة جداً، دفعت اللجان القائمة على رعاية المهجرين لإسكان قسم كبير منهم، ممن هم دون خطّ الفقر، في المدارس الحكومية.

“ياسر القاضي” مسؤول التنسيق الإغاثي مع إدارة المدارس في مدينة زاكية، تحدث لطلعنا عالحرية عن الضرورة التي اقتضت تحويل المدارس إلى مأوى للاجئين: “دفع عدد العائلات المهجرة الكبير البالغ 1200 عائلة اللجان العاملة إلى إسكان عدد من الأهالي في المدارس، حيث تم توزيع 150 عائلة على سبع مدارس في البلدة”. وأضاف: “المدارس التي سكن فيها الأهالي كانت ولا تزال تمارس مهمتها التدريسية، وهذا يؤثر سلباً من غير شك على سير العملية التدريسية”.

وعن كيفية استخدام الصفوف أفاد السيد ياسر: “تم تقسيم كل مدرسة من المدارس السبع إلى قسمين؛ قسم تُواصل فيه العملية التدريسية وقسم لإيواء الأهالي، حيثُ تم تكثيف عدد الطلاب في كل قاعة ليصل إلى 40 طالباً في الشعبة الواحدة، تلك التي لم تكن تتسع لأكثر من 25 طالباً في الظروف العادية”.

وتابع: “هذه المدارس كأي مؤسسة حكومية أخرى؛ ليست مجهزة بالمرافق الصحية إلا بما يسد حاجتها الاعتيادية، إلا أن طبيعة استخدامها الجديد دفعتنا إلى إنشاء عدد من المرافق الصحية الجديدة، وذلك ليتمكن الأهالي والأسر من قضاء مختلف حوائجهم المعيشية”.

كما نوّه السيد “باسل” أحد أفراد الكادر الإغاثي، بأنّه قد تم تقسيم كل صف من الصفوف التي تم إفراغها من أثاثها المدرسي إلى غرفتين، تسكن بكل واحدة منهما أسرة. كما قام الفريق الإغاثي بالتنسيق مع إدارة المدارس -التي أبدت تعاوناً حيال ذلك- بتفقد الكهرباء وتأمين إيصال إنارة ليلية لجميع الشعب والغرف باستخدام البطاريات.

وعن الصعوبات التي لا زالت تواجه هذا العمل، أفاد مراسل طلعنا عالحرية بأن الأهالي يشتكون من بعد المرافق الصحية عن الغرف، مما يسبب للنساء خاصة حرجاً في ممارسة شؤونهم المعيشية، بالإضافة إلى مشكلة إضافية هي الاضطرار إلى الاختلاط أثناء استخدام هذه المرافق.

وحول طبيعة الطقس داخل الغرف علقت السيدة  “بثينة البني” ابنة الغوطة الشرقية: “الجدرانُ غير المعزولة، والتي تنقلُ الرطوبة والبرد الشديد، تُشعرنا كأنّنا نعيش بغير سقف؛ وفي الصيف يكون الحال سيئاً جدّاً بسبب الحرارة المرتفعة، خصوصاً مع تعذر مغادرة الغرف والصفوف ساعات الدوام المدرسي لتجنب التشويش على الطلاب”.

وعن الصعوبات التي تواجه الطلاب خلال العملية التدريسية أفاد الأستاذ “مظهر” مدير إحدى المدارس الإعدادية في المدينة: “كثافة الطلاب داخل الشعب تجعل من الاستيعاب والتمكن من طرح الأسئلة واستيفاء الفهم أمراً صعباً جداً، بسبب الاكتظاظ، واضطرار الأهالي إلى التجول في المدرسة، وهذا دفع كثيراً من الطلاب للجوء إلى المدرسين المختصين لتحصيل المعلومات واستيعاب الأفكار بشكل أفضل”، وتابع: “تتضاعف الصعوبة أيام امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، حيث يتم تكثيف الطلاب في القاعات خلال الامتحان للتغلّب على إشكالية قلّة الشعب المُتاحة وعدد المتقدمين الكبير، وهي خطوةٌ تتعارضُ مع قوانين وزارة التربية والتعليم خلال الامتحانات، إلا أنه لم يكن باليد حيلة، كما تم نقل امتحانات الشهادة الثانوية إلى مدينة الكسوة، بأوامر من الوزارة بعد اطلاعها على واقع المدارس”.

لعل السوريين اليوم لم يعودوا يجدون في أي ظاهرة محزنة في سوريا ما يدعو إلى الاستغراب أو إلى الحزن حقاً، فما نزفته سوريا من دماء وأرواح وخراب أمات الإحساس في قلوبهم، وأصاب مشاعرهم بالجمود، بانتظار اليوم الذي تنتهي فيه الحرب ليبدؤوا مشوارهم في استرداد طبيعتهم الإنسانية بعد أن أدمتها سنوات الحرب الطوال.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top