الاختبار البريء الذي لا يحمل أيا من معاني البراءة!
يقول الخبراء أن لا شيء مجاني في عالم التجارة والإنترنت. إن لم تكن تدفع ثمن خدمة ما فاعلم أنك أنت السلعة التي تباع وتشترى وتدر الأرباح على مقدمي هذه الخدمات. مامعنى هذا الكلام؟
تنشر خدمات مجانية لا تنتهي على الإنترنت, ولا نريد القول أن جميعها له هدف تجاري، فبعضها لا يحمل مثل هذه الأهداف بالتأكيد, لكن الغالبية الساحقة منها تديرها شركات تريد الربح. يعني هذا ببساطة أن هذه الشركات تستفيد من المعلومات التي تقدمها لها عن نفسك, وعملك ومعارفك, وقد تبيعها لشركات أخرى تعمل في مجال الإعلان والتسويق. هناك الكثير من الطرق التي تستطيع شركات التسويق والإعلان الحصول من خلالها على معلومات عنك, وفي الآونة الأخيرة انتشرت اختبارات فيسبوك الاجتماعية التي تخبرك عن أكثر الناس قربا إليك, أكثر صورك شعبية, والشخصية العامة التي تشبهك والبلد الذي تنطبق صفاته عليك! هل توقفت ولو قليلا عند هذه الاختبارات؟ ناهيك عن مدى الجدية والمصداقية التي تحملها, ونحن نؤكد لك أنها لا تتمتع بأي من ذلك على الإطلاق, فهي وسيلة مكشوفة لاختراق خصوصيتك والولوج إلى بياناتك على حسابك على فيسبوك والتصرف بما في ذلك بيعها لأطراف أخرى, قد تبيعها بدورها لأطراف جديدة, وهو أمر لا نعرف أين ينتهي! فأنت السلعه التي لا تراها وتعتقد أنك تحصل عليها مجانا!
لنأخذ مثالا على ذلك لشرح الفكرة. منذ فترة انتشر على فيسبوك اختبار بعنوان “من هو معجبك السري؟” الذي تقدمه شركة ميو والتي تقدم المئات من الاختبارات المشابهة. من المدهش أن الملايين من المستخدمين قاموا بإجراء الاختبار وشاركوه على صفحاتهم على فيسبوك دون إيلاء الانتباه إلى حجم المعلومات التي يحصل عليها الاختبار.
عند النقر على الرابط تصل إلى صفحة الاختبار التي تعرض عليك الصلاحيات التي يطلبها هذا التطبيق, وإليك هذه الصلاحيات:
– بروفايلك العام والذي يشمل اسمك وتاريخ ميلادك والمدينة التي تعيش فيها وجنسك وبريدك الإلكتروني ورقم هاتفك
– قائمة أصدقاءك كاملة على فيسبوك
– كل ما نشرته من صور ونصوص وروابط ومنشورات وفيديوهات منذ أنشأت حسابك
– الصفحات والمنشورات والصور والفيديوهات التي أعجبت بها منذ أنشأت حسابك
تقول الشركة في بيان في أسفل صفحة الاختبار أن المعلومات التي تجمع تستخدم فقط للتسليه ولإجراء الاختبار, لكن القصه لا تنتهي هنا, فعند مطالعة سياسة الخصوصية الخاصة بالشركة نجد أنها تتيح لها التصرف بهذه المعلومات, وهذا يعني أنها تستطيع بيعها لشركات الإعلان, لكن السلسلة لا تنتهي هنا أبدا.
تجمع الشركة من خلال التطبيق ملايين عناوين البريد الإلكتروني, وهي ثورة من البيانات التي تحتاجها الشركات لتسويق منتجاتها, وهي أيضا تستطيع معرفة شبكة معارفك وأصدقاءك, ونحن نعلم أن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي لا يجيدون الحفاظ على خصوصيتهم, مما يعني أن الشركة ستحصل على معلومات عن هؤلاء أيضا.
تقول الشركة أن سياسة الخصوصية هذه لا تنطبق على الأطراف الأخرى التي قد تحصل على هذه المعلومات, وهذا أمر يثير الكثير من الريبة, حيث لا تحدد هذه الأطراف.
في زاوية أخرى من سياسة الخصوصية تقول الشركة بأن المعلومات الشخصية التي تجمع تعالج على مخدمات عديدة في دول مختلفة, مما يعني أن معايير الخصوصية والأمان تختلف حسب البلد, وهو أمر ثان يدعونا للتفكير مليا بمصير هذه المعلومات وكيف تتم المحافظه عليها ومن يستطيع الوصول إليها.
قد تبدو هذه الاختبارات مغريه للتسليه, فمعرفة من هو الصديق الذي يحبك أكثر من غيره, أو معرفة معجبك السري لا تخلو من الإغراء, لكن الثمن هو خصوصيتك, والنتيجة مئات الرسائل الإعلانية في بريدك الإلكتروني, وعدد لا متناه من الشركات التي تعرف عنك أكثر مما يعرفه المقربون منك.
من الصعب إقناع المستخدم بدرجة الخطر التي تحملها مثل هذه الاختبارات والسماح لها باجتياح خصوصيتنا ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنا. فيسبوك شبكة للتواصل الاجتماعي تعرف عنك كل شيء, وهي تمتلك كل ما تنشره عليها, لكن هذا لا يبرر أبدا السماح لشركات أخرى ذات أهداف غير واضحة بالوصول إليها.
مشروع سلامتك