قضايا المرأة

مقاتل لا قاتل

مجلة-طلعنا-عالحرية-Rising-For-Freedom-Magazine

المحامي ابراهيم القاسم

عبر التاريخ لم يستطع أحد منع الحروب من وقوعها، بل يعتبر البعض النزاعات المسلحة هي أحد الوسائل الممكنة لإنهاء النزاعات والوصول إلى الحقوق، وقد اختلف شكل الصراعات المسلحة من صراعات بين جيوش دول أو ممالك أو إمارات، وبين ما يمكن أن يكون حروباً بين جيوش نظامية، إلى نزاعات مسلحة بين جيوش نظامية ومجموعة مسلحة أو بين مجموعات مسلحة فيما بينها، وأمام عجز العالم عن إيقاف الحروب بشكل نهائي، حاول فقهاء القانون إيجاد أفضل السبل لتخفيف الخسائر البشرية والأضرار المادية لهذه النزاعات، ولذلك أرسى القانون الدولي بعض القواعد والمبادئ التي تسعى إلى تحقيق ذلك، وكان من أبرز هذه القواعد والمبادئ، إقرار تفرقة بين المقاتلين أنفسهم و تقسيمهم إلى فئتين:

1 – فئة المقاتلين القانونيين وتتمثل في أفراد الجيوش النظامية التابعين للدولة، وأفراد الشعب الذي يهب لنصرة وطنه فيما يسمى الهبة الشعبية، وأيضاً المليشيات المتطوعة، وجاء وصف المقاتلين القانونيين، نتيجة التنظيم الذي تتميز به لجهة الأمور الإدارية والتنظيمية وإلى أن عملهم العسكري منظم و يخضع لضوابط قانونية، وأفراد هذه الفئة يحصلون على حماية قانونية:

2 – الفئة الثانية المجردة من هذه الحماية القانونية، تشمل الجواسيس الذين يعتمد عملهم الحربي على الخديعة، والمرتزقة الذين يقاتلون من أجل الاسترزاق فقط، بالإضافة إلى الإرهابيين وطبيعة نشاطهم الإجرامي الخطير.

ويحق للمقاتل القانوني إلحاق الأذى بمقاتلي العدو وأهدافه العسكرية ضمن حدود معينة،  وفي المقابل هناك ضمانات كافية لهذا المقاتل من شأنها أن تحميه من بطش العدو إن تمكن منه.

حقوق المقاتل الشرعي

1 – الحق في التمتع بوضع أسير حرب : بمجرد وقوع المقاتل القانوني في قبضة الخصم و كفه عن القتال سواء رغما عنه بسبب إصابة بمرض أو جرح أو غرق أو أي نوع من أنواع العجز البدني أو العقلي ، أو باختياره كأن يلقي سلاحه و يستسلم للعدو ، ففي هذه الحالة يعتبر أسير حرب.

2 – الحق في الحماية والرعاية الصحية أثناء الجرح والمرض والغرق: يجب حماية الجرحى والمرضى والغرقى والاعتناء بهم ورعايتهم دون أي تمييز، ويتعين على الطرف الذي يسيطر علي ميدان المعركة أن يبحث عنهم و يحميهم من أي اعتداء أو أي معاملة سيئة، بحيث يحرم في جميع الأحوال قتلهم أو تعذيبهم أو أخذهم كرهائن أو تعريض أي منهم للخطر، وبصفة خاصة يحظر أن يجري لهؤلاء الأشخاص حتى و إن كان ذلك بموافقتهم عمليات البتر و استئصال الأنسجة أو الأعضاء بقصد زراعتها أو إجراء التجارب الطبية و العلمية عليهم، أو تركهم عمدا بلا علاج أو عناية معرضين لخطر الوباء أو العدوى، ويتعين أن تكون العناية بهم على أساس المساواة و بدون أدنى تمييز، ويتعين في جميع الأوقات و على الأخص بعد الاشتباك في القتال أن يقوم أطراف النزاع ودون تأخير بجميع الإجراءات الممكنة للبحث عن الجرحى و المرضي و جمعهم و حمايتهم من السلب وسوء المعاملة وضمان العناية المناسبة لهم، كما يجب توفير الإسعافات الأولية السريعة للحالات الخطيرة، ويمكن الاستفادة من وسائل العلاج الحديثة التي من شأنها إذا ما استخدمت في حينها قبل نقل المصاب وخلاله ، أن تساعد على بقائه حياً كنقل الدم.

بالإضافة إلى وجوب توفير الحماية للعدو العاجز عن القتال بحيث لا يجوز قتله أو تعذيبه أو جرحه أو ممارسة أي نوع من أنواع الإيذاء عليه، وعليه يجب معاملة الجرحى والمرضى وضحايا السفن الغارقة من أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأفراد المحميين بطرق إنسانية ومعاملتهم معاملة حسنة من الطرف المشارك في النزاع المسلح الذين يخضعون لسلطته وذلك دون أي تمييز مجحف قائم على أساس الجنس أو العنصر أو الجنسية أو الديانة أو الآراء السياسية أو أية معايير مماثلة أخرى.

3 – حقوق المقاتل في حالة فقدانه أو موته :

يجب على كل طرف من النزاع، حالما تسمح الظروف بذلك وفي موعد أقصاه انتهاء الأعمال العدائية أن يقوم بالبحث عن الأشخاص الذين أبلغ الخصم عن فقدهم ويجب على هذا الخصم أن يبلغ جميع المعلومات المجدية عن هؤلاء الأشخاص لتسهيل هذا البحث.

ويجب عدم انتهاك رفات الأشخاص الذين توفوا بسبب الاحتلال أو أثناء الاعتقال الناجم عن الاحتلال أو الأعمال العدائية، وكذلك رفات الأشخاص الذين توفوا أو قتلوا بسبب الأعمال العدائية في بلد ليسوا من رعاياه ، كما يجب الحفاظ  على مدافن هؤلاء الأشخاص جميعاً.

 واجبـات المقاتل الشرعي

         المقصود بهذه الواجبات، هي تلك التدابير والإجراءات الوقائية التي يتعين على كل مقاتل سواء كان ضابطا مسؤولا أو جندياً، اتخاذها، سواء قبل اندلاع العمليات  العسكرية أو اثنائها وحتى بعد انتهائها، هذه التدابير والاحتياطات التي يتعين على المقاتلين الالتزام بأخذها في الحسبان، حيث ينبغي على كل مقاتل أن يسعى إلى استخدام الوسائل والأساليب التي يمكن أن تساهم في تجنب خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية، وعليه ينبغي الامتناع عن العمليات أو استخدام الأسلحة التي تسبب آلاما أو أضرارا لا مبرر لها والمحظور استخدامها دوليا، وفكرة الإصابات المفرطة والآلام التي لا مبرر لها تتصل بتأثير تصميم السلاح على الصحة، وكذلك الامتناع عن استخدام الهجمات العشوائية التي لا توجه إلى هدف عسكري محدد .

ويجب أن تبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية، من أجل تفادي السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية .

من خلال ما سبق ذكره، نجد أن فوائد التمييز بين المقاتلين كثيرة، وأهمها هي تضييق نطاق العمليات العدائية بحيث يخرج عن نطاقها عدد لا يحصى من الأشخاص والأعيان التي لا تستدعيها الضرورة العسكرية، كما أن الوضع القانوني للمقاتل من شأنه توفير ضمانات كافية لدى المقاتلين، وتوفير قدر معين من الأمان خاصة عندما يدرك كل واحد حقوقه وواجباته وتكون هناك آليات قانونية كافية من شأنها فرض احترام هذا القانون وردع كل مخالف له.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top