Site icon مجلة طلعنا عالحرية

مد وجزر .. افتتاحية العدد 52

مرة أخرى تعود طلعنا عالحرية للإصدار المطبوع بعد توقف دام ستة أشهر متواصلة، ومرة أخرى نعود لنعتذر من قرائنا ومتابعينا وكتابنا الأعزاء عن هذا الغياب المتكرر للمرة الثالثة. نحاول إيجاد الأعذار بالحديث عن المعوقات والمصاعب وهي كثيرة.. بينما نغبط جرائد أخرى زميلة على استمراريتها الدائمة ومثابرتها العجيبة في صدورها المنتظم طوال سنوات الحرب الماضية.

ولنكن صريحين، فلسنا خبراء في استجلاب الدعم اللازم لتغطية نفقات هذا الاستمرار.. ولا نحن بارعون في الاتصال بالمؤسسات الداعمة وتزويدها بما لا ينتهي من أوراق وقوائم، ناهيك عن الآلية التي يتم اتباعها من قبل هذه الجهات بتعاطيها الحذر مع الجدية والكفاءة وإهمالهما، بالتزامن مع تمرير أجندات قد لا تتلاءم مع استقلالية طلعنا عالحرية ورغبتها في البقاء خارج الخطاب النزاعي المنتشر.

لم نتمكن يوماً من توظيف شخص خبير بهذا المجال نظراً لعجزنا المالي الدائم أو لأن كثير من النشطاء لا يتعاملون مع منتجات الثورة بالجدية والاحترافية اللازمتين.. أو ربما لسوء إدارتنا واستمرارنا بالاعتماد على نخوة أصدقاء لنا من هنا وهناك.. وعلى سيرة الأصدقاء فإنهم يتبدلون موسمياً؛ فيقترب بعض بينما يبتعد آخرون، وتبقى المجلة تعاني تبعات هذا المد والجزر، كما الواقع السوري تماماً.

ولنتحدث أيضاً عن عقبة أخرى تقف في وجهنا.. هبوطاً وصعوداً.. المزاجية.. نعم المزاجية، لكنها ليست تلك المزاجية المترفة أو المتعالية فوق الواقع، بل هي المزاجية المنغمسة بالهم والدم والجوع.. باليأس وأنات الأطفال والخوف الجاثم من قادم أكثر فظاعة.

لم أقو يوماً على الحزم أمام تكاسل أسامة وهو الذي لم يغادر تلك البقعة المحاصرة منذ سنوات.. ولا زال يكتب عن السلام والمقاومة بالفرح (بالحزن هذه المرة!).. كما أعجب أحياناً من تفاؤل أوس المنغمس في عمله الطبي ضمن أصعب الظروف.. وأتململ أمام تعقل أبو القاسم وإصراره على دولة المواطنة.. وأستوعب مراراً وتكراراً ميرال ووعوده التي لا تأتي أمام لباقته ودماثته وانشغاله بما هو مفيد في مكان آخر… ولن أنسى هاني وسمير واستجابتهما الدائمة بإبداعهما الذي لا ينضب ربما لأن العالم غدا أكثر كاريكاتوريا… وكتابنا الأعزاء الذين أحييهم فرداً فرداً، وحدهم مصممو الغرافيك نجحوا دائماً في إثارة حنقي.‎

وعن نفسي فلن أزايد على آلامكم بالحديث عن اللاجدوى.. عن يأسي وعجزي، عن مدّي وجزري ومحاولتي إشغال نفسي بما هو مفيد أو غير مفيد كي أتجنب الإحساس بالموت.

ما أعرفه تماماً أننا جميعاً نحاول العمل بصدق وحسّ عنيد بالانتماء، نبحث عن الأمل بين ركام الواقع.. لم نزين البشاعة يوماً.. لا نخدع الناس بوعود كاذبة.. ولا نحول البحر إلى طحينة.

لا زلنا نحب سوريا ونتأمل خيراً بشعبها المظلوم.. وسنبقى بحدود قدرتنا نعمل من أجل أن نحمي بقايا الإنسان فينا..

هي محض مصادفة أن نستأنف الإصدار في يوم العيد، فكل عام وأنتم بخير.. ولنحتفل قليلاً من أجل أن تنتصر الحياة.

Exit mobile version