Site icon مجلة طلعنا عالحرية

مدينة أبي العلاء المعرِّي تنفض غبار التعب لتحيا من جديد

خليل الصبيح



التاسع عشر من نيسان/أبريل الماضي، عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهراً، دوَّن تاريخ الثورة السورية مجزرةً مروِّعةً في مدينة أبي العلاء المعرّي؛ معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، عندما قصفت قاذفاتٌ حربيّة تُستخدم في الحروب البرية، سوقاً شعبية في المدينة التي يزيد عمرها عن آلاف السنين، ما أسفر عن سقوط عشرات الأبرياء والجرحى من المدنيين.

المجلس المحلي للمدينة أصدر بياناً بخصوص المجزرة المروعة موضحاً خلاله أن استهداف السوق الشعبي في وقت الذروة، إذ تكون حركة المارة شديدة الإزدحام من سكان المدينة وريفها، يعبر عن مدى الحقد والإجرام الذي يكنِّه نظام الأسد للمناطق المحررة.

“ساعاتٌ غصَّت بالألم والدموع.. أن تخرج من منزلك لدقائق حتى تجلب لعائلتك قليلاً من الطعام، حالما تنظر خلفك فلا تجد شيئاً كما كان؛ هو المستحيل والجنون” هكذا بدأ (سامر أبو محمد) أحد ساكني المدينة، حديثه لـ”طلعنا عالحرية”، “تترك عائلتك في منزلك وتخرج لجلب الاحتياجات الغذائية من السوق، الذي يشهد حركة ازدحامٍ شديدة، وسرعان ما تجد سوقاً تدمرت، وأشلاء في الشوارع، ولكلِّ امرئٍ لقى حتفه قصة”.

الدكتور (خالد أبو عبدالله) أكّد أن “الكارثة لا تتلخص في سطور أو بضع كلمات”، لافتاً أن ما حدث “أبدل وجه المدينة؛ فبينما كانت تغص شوارعها بالتجار والبائعين وأصوات خطوات المارة والمتجولين، لم يبقَ في المدينة أحد عقب وقوع المجزرة، ولا تسمع سوى سيارات الإسعاف وسط حالة هلعٍ خيَّمت على المدينة”.

وأضاف أن “المشافي غصَّت بالجرحى والضحايا، فيما نقل آخرون إلى القرى والبلدات المجاورة” موضحاً أن “السوق المستهدف لا وجود فيه لمقراتٍ أو عناصر لـ “الجيش الحر” أو الجماعات “الإسلامية”، بل لمساكين يعملون في بيع الخضروات والاحتياجات المنزلية والغذائية”، وأكّد “أن الضربة الجوية موجهة للمدنيين بدون أدنى شك”.

وكان للقصف آثارٌ سلبية على البنية التحتية للمدينة، إذ أشار (د.خالد أبو عبدالله) إلى “تلف خطوط الصرف الصحي وتسرب المياه الملوثة إلى المياه المخصصة للشرب، واختلاطها، الأمر الذي ينذر بأفدح الشرور على صحة السكان” ما دفع مجلس المدينة المحلي لإطلاق نداء استغاثه للمنظمات الدولية لإنقاذ المدينة من هذه الكارثة.

لكن الجولة الميدانية لـ”طلعنا عالحرية”، كشفت في الأيام التالية، عودة الأسواق الشعبية إلى ما كانت عليه؛ فالمدينة لملمت جراحها ونفضت غبار التعب عنها، لتدبّ الحياة من جديد في شوارعها.

حركة المتسوقين وبائعي الخضراوات وأصداء أصواتهم عادت الى الشارع، بل عادت أسواق الألبسة وغيرها من المحال التي تفتح أبوابها من الصباح وحتى غروب الشمس.

الطالب الجامعي (ملهم العبود) والذي يعمل كبائع خضروات على عربةٍ صغيرة، أكد أن “قصف المدينة من الطيران الحربي والمروحي، أحدث دماراً واسعاً”، لافتاً أن “العديد من السكان نزحوا، في الوقت الذي يعانون من أوضاع معيشية صعبة جراء تدهور خدمات الكهرباء والمياه والتعليم وغلاء الأسعار”، لكنه أوضح أن “غالبية السكان عادوا إلى منازلهم؛ فالمدينة عادت كما هي تغصّ بالمارّة والسكان المحليين وأبناء الريف”.

ويبلغ عدد سكان المدينة وفقاً لإحصائياتٍ تعود لـ 2006، نحو 150 ألف نسمة، فيما يبلغ عدد سكان منطقة المعرة 400 ألف نسمة، حيث تتبع لمدينة المعرة أكثر من 30 قرية وبلدة، إلا أن الحرب أبعدت نصف سكان المدينة وقراها جراء القصف، وتركز معظمهم في القرى الحدودية والمخيمات.

وكان الحراك الثوري قد بدأ في المدينة مع بداية الثورة السورية في العام 2011، حيث خرجت أول مظاهرة من المعرة بتاريخ 25/3/2011، وتستمر المظاهرات في المدينة حتى يومنا هذا، إذ خرجت مظاهرات يوم الجمعة الماضية، نادت بالحرية وإسقاط نظام الأسد وهتفت لرجال “الجيش الحر”، واللافت أن المدينة تحتضن (الفرقة 13) حيث تمجّد قاداتها ودائماً ما يتظاهرون في الساحات سويةً.

Exit mobile version