Site icon مجلة طلعنا عالحرية

محصول التين الأخضر والمجفف يؤمن فرص عمل جيدة في إدلب

شمس الدين مطعون

يجهز سعيد 26 عاماً دراجته النارية مع ارتفاع أشعة الشمس، ويضع عليها عدداً من الصناديق البلاستيكية، وينطلق متوجهاً لحقول التين في بلدته سرمين بريف إدلب.
يقول سعيد: “قبل انطلاق الموسم اتفقت مع أحد أصحاب حقول التين، على (الضمان) أنا أضع عملي وجهدي ونتقاسم مرابح البيع مناصفةً”.
استطاع سعيد وهو طالب جامعي أن يجد فرصة عمل جيدة لا تتطلب منه التفرغ بشكل دائم، كما أنها لا تحتاج لرأس مال، “يمكنني أن أوفر معظم مصروفي الجامعي خلال عملي في جني التين بمدة لا تتجاوز الشهرين” قال سعيد.
يبدأ موسم قطاف التين منذ منتصف شهر تموز، ويستمر 60 يوماً تقريباً، وخلال هذه الفترة تنضج ثمار أشجار التين ليمكن قطفها مباشرة، ويعرف بالتين الأخضر، أو تركها حتى تجف وهو التين (اليابس) المجفف.
يتطلب قطاف ثمار التين الأخضر سرعة ومداومة، وخصوصاً في أوقات ارتفاع درجات الحرارة، لذلك يخرج سعيد للعمل باكراً قبل أن تلسعه أشعة الشمس، ليتمكن من جني حبات التين وبيعها في السوق، كما يلجأ بعض الأهالي لتأجيل رحلة الجني لفترة أخرى وهي “العصرية” وتبدأ عندما تخف أشعة الشمس في آخر النهار.
يؤمن موسم التين فرص عمل جيدة لكثير من الأهالي، فهو يحتاج إلى القطاف والتعبئة والشحن والتسويق، ومن ضمن شروط العمل في قطاف التين أنه يتم الاتفاق على الأجر على كل ساعة عمل.
ويقول “أبو عمر” مزارع من بلدة سرمين، إن حمولة شجرة التين الواحدة الجيدة تقدر بحوالي 70 كيلو غرام، ومع تقدم عمر الشجرة تبدأ حمولتها بالتراجع، كما أن شجرة التين لا تعمر أكثر من 50 عاماً.
لذلك فإن الأهالي الذين يملكون أشجاراً كثيرة ذات حمولة جيدة مضطرون لإيجاد عمال لقطاف المحصول “التين ما بيتحمل يبقى ع الشجر كتير، ولازمو حواش أول بأول” يقول أبو عمر.
ويوضح المهندس الزراعي “أحمد غزال” أن ما يميز زراعة التين أنها تنجح في معظم الترب، ومع قليل من الأسمدة لبعض التربة الضعيفة، كما تعتمد زراعة التين في إدلب على مياه الأمطار، ونادراً ما يُسقى المحصول، وهي لا تحتاج سوى لقليل من التقليم من سنة لأخرى.
ويقول غزال إن الأهالي خلال عملهم بالزراعة في إدلب يعتمدون على محاصيل رئيسية أبرزها التين والزيتون، وتتميز شجرة التين بتحملها للظروف المناخية، وبأنها لا تحتاج للكثير من الأسمدة والري “وهي ذات مرابح أوفر في حال وجدت طرق التصدير” يوضح المهندس غزال.
ويقول “محمد أبو حمزة” إن أسعار التين الأخضر تعتبر جيدة لهذا العام؛ نظراً لتراجع الكميات المطروحة بالسوق، ويضيف أن سعر كيلو التين تراوح بين 3 إلى 4 ليرات تركية، أما التين المجفف (اليابس) فقد تراوح سعره في بداية موسمه بين دولار ونصف إلى دولارين بحسب النوعية.
كما تتنوع أصناف التين في محافظة إدلب، ومن أشهرها السطحي والصفراوي والزعيبلي وكعب الغزال، وتتركز زراعتها بشكل أساسي في جبل الزاوية وريفه ومناطق سرمين والنيرب وريف المعرة.
*التين المجفف (اليابس):
كما تجد السيدات في موسم التين فرصة عمل جيدة، حيث تنتشر ورشات لتجهيز التين المجفف، وتعمل السيدة “هيفاء” وهي نازحة من ريف المعرة وتقيم في بلدة المسطومة في ورشة لتجفيف التين في البلدة والتي تضم عشرات العاملات.
تقول هيفاء: “ما دفعني للعمل في تجفيف التين، هي سهولة العمل والذي سيؤمن لعائلتي دخلاً جيداً خلال فترة قصيرة”.
حيث تقوم السيدات باستخدام المكابس لفرز ثمار التين حسب الجودة والحجم، ومن ثم تبدأ مرحلة الغسيل والتبييض في أحواض الماء لإزالة الشوائب والأوساخ، ثم تنشر حبات التين في الهواء الطلق حتى تجف، وبعدها يتم تغليفه ضمن أكياس خاصة وبأحجام مختلفة في قوالب متنوعة.
بينما استطاعت “زينب” أن تعمل بتجفيف التين من منزلها “لا أستطيع مغادرة البيت لأن أطفالي صغار ولا يمكنني تركهم لوحدهم” توضح السيدة.
وتضيف وهي تشرح طريقة عملها: “أحصل على التين الأخضر من السوق، ويطلب أن يكون ناضجا تماماً، وأنقعه بماء مغلي مملح لعدة دقائق، ثم أتركه حتى يجفّ على قطعة قماش نظيفة، وبعدها أقوم بتعليق حبات التين على حبال، وأعرضها لأشعة الشمس لمدة يومين”.
في السابق، كانت زينب تبيع معظم إنتاجها من التين المجفف لأقاربها وجاراتها، ولكن مع تراجع الوضع المعيشي، باتت السيدة تخبئ إنتاجها حتى يستقر سعر السوق لتقوم ببيعه للمحال التجارية.
*مصاعب ومخاطر:
على دراجته النارية يقطع “حسين” عشرات الكيلومترات من مخيمات الشمال حيث يقيم بعد النزوح مع عائلته، متجهاً إلى أرضه في جبل الزاوية لجني محصول التين.
ويشكل موسم التين مورداً هاماً لأهالي جبل الزاوية، وهي منطقة تعتبر الأخطر حالياً، بعد تصعيد قوات النظام قصفها على المنطقة.
يقول حسين: “لابد من المخاطرة لجني محصول التين، لأنه يمكن أن يحقق أرباحاً تكفينا مصروفاً لأشهر عدة، وبالأخص التين اليابس”.
من جهته يوضح الناشط “إبراهيم الشمالي” من جبل الزاوية أن محصول التين في جبل الزاوية لهذا العام تعرض لمشاكل عدة أبرزها القصف المتكرر الذي تشهده المنطقة، والذي منع معظم الأهالي من الوصول لمحاصيلهم.
ويقول الشمالي: “تحتاج بعض الأشجار للتسميد والسقاية، لكن الغلاء وعدم الاستقرار لم يسمحا بتقديم الرعاية الكافية لأشجار التين، وهذا ما أدى لضعف إنتاجها”.
ويضيف الشمالي أن موسم التين كان يؤمن سابقاً فرصاً لعشرات عمال المياومة لجني المحصول الوفير، لكن مع ضعف المحصول يضطر الأهالي لجني محاصيلهم بأنفسهم لتوفير أكبر قدر ممكن من الأرباح.

Exit mobile version