مجلة طلعنا عالحرية

ماذا قالت المراكز البحثية عن انقلاب تركيا الفاشل؟

 

مرقاب

احتل الانقلاب التركي الفاشل في 15 حزيران مساحة هامة من تحليلات المراكز البحثية العربية أو العالمية على السواء، نستعرض في هذه المادة بعض الآراء التي تابعت الانقلاب وتأثيره على كل سياسة تركيا الداخلية والخارجية، لاسيما دورها في دعم الثورة السورية.

يرى هنري باركي من مركز ويلسون أن فشل الانقلاب يحمل أخباراً سيئة وأخرى جيدة؛ فالانقلابات تترك جروحاً غائرة لا تندمل في جسد المجتمع والحياة السياسية، ولكن فشل الانقلاب أظهر ضعف الجيش التركي ونشر بين الشعب عقلية “رعاع” جماهيرية مناهضة له، كما أضر بصورة أردوغان النمطية كقائد لا يقهر بحسب باركي، متوقعاً أن الاضطرابات ستستمر في سياسة تركيا الداخلية والخارجية على السواء.

ذات الرأي يتبناه سونر جاغابتاي من معهد واشنطن أن محاولة الانقلاب هي أخبار سيئة للديمقراطية، فتركيا ستصبح دولة أكثر قمعية مع أردوغان المنتصر، حيث سيعمل على تصفية كل خصومه سواء منهم من شارك بالانقلاب أو من لم يشارك، متوقعاً أن تستمر تركيا بالاضطراب إذا لم يغير أردوغان من سلوكه.

وبالنسبة لداني رودريك من بروجيكت سانديكت فإن فشل الانقلاب لن يحقق أي فائدة تذكر للديمقراطية التركية، ومع هذا فإن المؤكد أن الضربة التي كانت لتوجه لآفاق الديمقراطية لو نجح الانقلاب كانت لتصبح أشد، وكانت تأثيراتها لتدوم أطول

أما فادي حاكورة فكتب في شاتام هاوس عن ارتدادات ما بعد الانقلاب في تركيا، حيث يعتبر أنها مجرد بداية، محذراً مرة أخرى من تراجع حقوق الإنسان في هذا البلد بعد الانقلاب، ومحملاً المسؤولية في ذات الوقت للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي ساركوزي اللذين أوقفا مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي بعد انطلاقها بفترة قصيرة في عام 2005. وقريباً من هذا الرأي يكتب ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية حيث يناقش ” كيف جعل أردوغان استبدادية من جديد؟ ” حيث يرى أن إغلاق الاتحاد الأوروبي الباب بوجه تركيا دفعها نحو تجاهل الإصلاحات القضائية والدستورية التي كان حزب العدالة والتنمية نفسه قد شرع بها مع استلامه السلطة، ليخلص لنتيجة مفادها بأن الديمقراطية في تركيا لم تضيع، “فلم يكن هناك ديمقراطية أصلاً”.

يعود الكاتب نفسه مرة أخرى ويناقش أسباب فشل الانقلاب في تركيا، فيعددها بعجز المتآمرين الواضح عن اعتقال الرئيس أو السيطرة على الإعلام، بالإضافة للانجازات التي حققها حزب العدالة والتنمية وشعبيته الجارفة، ويضيف عليها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالاتحاد الشعبي والسياسي ضدّ الانقلاب الأمر الذي أدى غيابه لنجاح الانقلاب في مصر.

في حين أشارت آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن  إلى أن المستفيد الأكبر مما حصل هو بوتين الذي سيزيد من تقاربه مع الرئيس التركي الذي يتوقع أن تتعقد علاقته مع الغرب بعد فشل الانقلاب.

يناقش كريستوفر كوزاك من معهد دراسة الحرب آثار الانقلاب الفاشل على الدعم التركي للمعارضة السورية، فيعتبر أنه على المدى القريب سيؤثر الانقلاب الفاشل على قدرة تركيا على دعم المعارضة، وستستفيد من هذا الأمر كل من روسيا والنظام السوري والقوات الكردية وتنظيم الدولة، أما على المدى البعيد فسيصبح الجيش التركي الذي لطالما رفض دعوة أردوغان للتدخل أكثر استجابة لتطلعات الرئيس الشخصية، ما يهدد باندلاع مواجهات مع روسيا وإيران، ليخلص إلى نتيجة أن فشل الانقلاب يزيد من خطر اندلاع صراع أوسع، ويربك المصالح الاستراتيجية في المنطقة.

وبالمحصلة نستطيع القول إن مراكز الأبحاث الأجنبية التي تابعناها لا تبدي أي تعاطف مع الأتراك، وذهبت جميعها إلى تحميل أردوغان المسؤولية عن ما حدث، باعتباره المسؤول عن الاستقطاب الحاصل في الشعب والمؤسسات التركية, محذرين من انجراف الدولة التركية بقيادة أردوغان نحو القمع، بل ذهب بعضهم إلى اعتبار فشل الانقلاب خسارة استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، كما أجمعت أن فشل الانقلاب سيحد من قدرة تركيا على دعم المعارضة على المدى القريب.

Exit mobile version