بالورقة والقلم يحتاج السوري الموجود داخل سوريا إلى عشرة أضعاف دخله بالحد الأدنى ليؤمن الحاجات البسيطة الأساسية للمعيشة.
نعرف أن مسببات ضعف الاقتصاد والفقر وقلّة فرص العمل كثيرة، ونعرف أيضاً أن النظام هو المسؤول الأول عن المعيشة الضنك التي يعاني منها السوريون، وإن شاركه في هذا الجرم تجار دم ومستبدون آخرون بنسب مختلفة.
إذا أخذنا عينة من «التكتيكات» التي تتبعها أغلبية العائلات السورية لخوض معركة المعيشة، سنجدها تتشابه في كثير منها:
تستغني عن الترفيه والكماليات، بعد أن تعيد تعريف كل من الكماليات والأساسيات، فتتضخم القائمة الأولى على حساب الثانية؛ نتكلم عن «رفاهية» أشياء مثل الطبابة والوقاية أو متابعة التعليم أو الكهرباء والتدفئة والاتصالات والمواصلات..
تراقب تكاثر الجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة، وبغض النظر عن تقييم أدائها، فهذه المؤسسات أصلاً تعترف بنفسها بعبثية المهمة التي تتصدى لها.
سيعمل أكثر من شخص في البيت الواحد لتأمين اللقمة؛ لن يمنع أن يتحول المرضى وأطفال البيت إلى عمالة (مستغَلَّة غالباً) للمشاركة في المصروف.
يتم ترقيع الدخل بحوالات من المغتربين.
بعض المحظوظين يجدون من يقرضهم مبالغ للطوارئ؛ هي بالنسبة لمانح القرض «ديون معدومة»، سيحتسبها كصدقات مقنّعة.
الخوض في كل هذه التكتيكات وغيرها سيدخلك في تفاصيل ومشاكل ووجع رأس، ولن يجيب عن السؤال «كيف عايشين؟» وإنما يزيده غموضاً.
لطالما كان تدبير الأمور لغزاً محيراً عندما تأتي للسوريين، حتى قبل شنّ النظام السوري حربه على الشعب؛ أيام الدولار بـ 45 ليرة وربطة الخبز بـ 10 أرغفة ساخنة وكبيرة.. أيام «كنّا عايشين»!
لكن من الأفضل الاستمرار في البحث حول هذا السؤال «كيف عايشين؟» لأنه يبقى أقلّ سوءاً من سؤال يبطنه المستبدون وحلفاؤهم من المترفين: «ليش عايشين؟»!
ناشط وصحافي، رئيس تحرير مجلة طلعنا عالحرية، ومدير مكتبها في دوما / الغوطة الشرقية سابقاً، إجازة في الآداب من جامعة دمشق قسم اللغة الإنكليزية، مدير مكتب الحراك السلمي السوري في ريف دمشق.