Site icon مجلة طلعنا عالحرية

كتاب سميرة الخليل و”قضية مخطوفي دوما الأربعة” في أمسية ثقافية في اسطنبول

 غسان ناصر – طلعنا عالحرية

شهدت صالة دار النشر “باغلام” في اسطنبول، الاثنين الماضي (٥ كانون الأول ٢٠١٦)، أمسية ثقافية أدارتها الإعلامية السورية زويا بستان بحضور الكاتب ياسين الحاج صالح، الذي قدم بدوره لكتاب “سميرة الخليل: يوميات الحصار في دوما ٢٠١٣” الصادر قبل أسابيع عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وتطرق الحاج صالح مع الحاضرين إلى الشرح والنقاش حول قضية مخطوفي دوما الأربعة (سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي)، والقرائن على ضلوع “جيش الإسلام” فيها، وذلك بعد مرور ٣ سنوات على اختطافهم.

وقبل الخوض في قضية سميرة ورفاقها نتوقف قليلاً عند محتوى الكتاب الذي قسّمه محرره إلى ثلاثة أقسام، تضمن أولها محتوى أوراقٍ كتبتها سميرة بخط اليد، والثاني منشوراتٍ لها على صفحتها الفيسبوكية، فيما يتكون القسم الثالث من ثلاث مقالاتٍ تعريفيةٍ كتبها الحاج صالح عن زوجته المغيَّبة قسرياً، مع رفاقها الثلاثة، في سجون “جيش الإسلام” السرية.

ولعل من أبرز ما احتواه الكتاب هو ما كتبته المعتقلة السياسية السابقة المخطوفة، بعد مذبحة الكيماوي في الغوطة في آب 2013 وقبل خطفها في كانون الأول من العام نفسه. إذ نراها تصرخ بقهر في وجه عالم بلا أخلاق، ترك (أبو الكيماوي) بعدما حدد مصير الكيماوي: “في جرائم حرب يا أولاد الستين ألف كلب”.

اختطاف رموز “سورية الجديدة” ..

الأمسية التي نظمها “البيت الثقافي السوري” في اسطنبول، تخللها قراءة لزويا بستان مقاطع من كتاب سميرة، وتكلم فيها ياسين الحاج صالح، زوج سميرة ومحرر كتابها، عن هذا الاصدار التوثيقي، وعن قضية مخطوفي دوما الأربعة في الغوطة الشرقية، والمتاح من المعلومات عنها، وأحدث التفاعلات معها. موردًا القرائن المرجحة لارتكاب “جيش الإسلام” -الذي كان آنذاك تحت قيادة زهران علوش- الجريمة.

وأكد الحاج صالح أن قضية مخطوفي دوما الأربعة نالت أقلّ مما تستحق من قبل الرأي العام، رغم أن هذه الواقعة شكلت أحد أكبر المنعطفات السلبية في تاريخ كفاح السوريين الشاق للتخلص من حكم الطغمة الأسدية.

ويرى الحاج صالح، المعتقل السياسيّ السابق في سجون الأسد، والذي قضى نحو 100 يومٍ في دوما والغوطة الشرقية في عام 2013، أن لسميرة كمناضلة رمزيةً خاصةً من أكثر من وجه. فهي، كمعتقلةٍ سابقةٍ في معتقلات النظام الأسدي (بين 1987 و1991)، ثم كمخطوفةٍ من قبل “جيش الإسلام” اليوم؛ ترمز إلى استمرار كفاح السوريين خلال جيلين. وهي، كمنحدرةٍ من منبتٍ علويٍّ وكانت تقيم في دوما، وتعتبر سكانها أهلها وتشاركهم مشاقّ حياتهم تحت الحصار، على ما يُظهر الكتاب؛ ترمز إلى الصفة العابرة للطوائف للكفاح السوريّ. وهي، كامرأةٍ، ترمز، مع رزان ومع نساءٍ كثيرات، إلى المرأة السورية المكافحة وما تحملته من عناءٍ هائل، غير مرئيٍّ غالباً. وأخيراً، كمخطوفةٍ ومغيبةٍ من قبل تشكيلٍ سلفيّ، ترمز إلى تعدد جبهات كفاح السوريين وعدم اقتصاره على المعتدي الأسدي.

كما أشار الحاج صالح في أكثر من مناسبة إلى أن الأربعة، (سميرة ورزان ووائل وناظم)، كانوا مطلوبين من قبل “الدولة الأسدية” وقت قدومهم إلى دوما بين ربيع وخريف العام 2103، وأنهم يرمزون إلى تصورٍ ديمقراطيٍّ واستيعابيٍّ لسورية جديدة.

قرائن موثقة حول تورط “جيش الإسلام” ..

يشدد الحاج صالح في أحاديثه المتكررة حول هذه القضية، أنّ ليس لديّه مشكلة مع “جيش الإسلام” كي يتهمهم جزافاً، قائلاً: “لستُ من يستخدم قضية خطف زوجته وأصدقائه للنيل من أيّ جهة”. لكنه بيّن أنه يستند في اتهامه “جيش الإسلام” إلى قرائن واعتباراتٍ موثوقة، منها أن هذا التشكيل السلفيّ، وهو سلطة الأمر الواقع في دوما، لم يحقق في الجريمة في أيّ وقت، ومنها أن شخصاً من “جيش الإسلام” هو من دخل على حواسيب المخطوفين. والأهم أننا نعرف بالاسم الشخص الذي كتب تهديداً بالقتل لرزان في أيلول (سبتمبر) 2013، حسين الشاذلي، وهو أمنيٌّ في هذا الفصيل المتشدد، وأنه كتب التهديد بأمرٍ من سمير كعكة، الشرعيّ في “جيش الإسلام”، وأن زهران علوش شخصياً زار الشاذلي الذي أوقف لوقتٍ قصيرٍ عام 2014 على ذمة القضية، وتوعد بضمان إطلاق سراحه، وبالفعل جرى تهريب الشاذلي من غرفة توقيفه بعد أيام.

ويعرف المتابع لقضية المختطفين الأربعة، وهم معارضون نشطوا في فعاليات الثورة منذ أيامها الأولى، أن الحاج صالح وعدة جهات حقوقية كانوا قد قاموا بسلسلة مبادراتٍ لاطلاق سراح سميرة ورفاقها، غير أن “جيش الإسلام” لم يُستجب لأيٍّ منها، وقد كان أول هذه المبادرات دعوةٌ للتحكيم المستقل قُدّمت للعموم وقت زيارة زهران علوش إلى تركيا بين نيسان (ابريل) وأيار (ماي) من العام 2015، ومنها رسالةٌ سلمت باليد لمحمد مصطفى، رئيس المكتب السياسيّ لـ”جيش الإسلام” في الريحانية، في شباط (فبراير) 2016، بالضبط بعد مرور أربعين يوماً على مقتل علوش، ووقتها وعد الرجل -الذي أقرّ بالمسؤولية السياسية لجماعته عن واقعة الخطف- بالرد، وهو ما لم يحدث إلى اليوم. وفي آذار (مارس) وُجّه نداءٌ علنيٌّ من أجل العدل يطلب المساعدة في معالجة القضية، وناله المصير نفسه.

كما تمّ توجيه رسالةٍ إلى المجلس الإسلاميّ السوريّ بمناسبة مرور عامين ونصف على الاختطاف، تتضمن طلباً للمساعدة لم يحظ باستجابةٍ بدوره. ومثله كان حال رسالة اعتراضٍ وجهت لرئيس الائتلاف السوري في حزيران (يونيو) الماضي، على إدراج اسم محمد علوش (شقيق زهران) ضمن قائمة الهيئة العليا للمفاوضات، بوصف ذلك “إهانةً للمخطوفين وذويهم”، غير أن هذه الرسالة كغيرها ظلت بلا رد.

Exit mobile version