Site icon مجلة طلعنا عالحرية

في ذكرى مجازر شنكال الإيزيدية.. 3 آب 2014

2

تمر في آب الذكرى السنوية الأولى على مأساة الأيزيديين الذين تعرضوا لأبشع أنواع حملات القتل الجماعي على يد داعش في شنكال العراق.

من هم الأزيديون ولماذا هم تحديداً الذين تعرضوا لما تعرضوا له على يد تنظيم داعش الإرهابي؟

يُفاجأ كثير من الناس إذا سمع بوجود أناس يسكنون في نفس الدولة التي يسكن فيها ويتكلمون لغة مختلفة عن لغته أو يؤمنون بدين مختلف ولا يعزون ذلك إلى جهلهم أو قلة معلوماتهم إنما يعتقدون بأن ما سمع به هو شيء جديد أو ملة جديدة ظهرت إلى الوجود في اليوم الذي سمع به عن وجودها..

هذه السطور هي ما قبل المقدمة لموضوعي حيث أريد هنا أن أعرّف القارئ العربي الذي لا يعرف الإيزيديين أو يخلط بينهم وبين الشعوب الأخرى بهذا الشعب أو هذه الطائفة الدينية.

ككل شعوب الأرض يظن الإيزيديون أنفسهم الأقدم، وككل الأديان يظنون دينهم الأقرب الى مرضاة الله ولكن يميزهم عن باقي الأقوام والأديان شيئان مهمان الأول هو أن دينهم توحيدي أي يؤمن بخالق واحد هو الله ولكن لا نبي لهم، وهذا ما يجعل الإيزيديين يعتقدون أنفسهم الأقدم، إذ يرجعون بعقيدتهم إلى أبي البشر آدم والذي دعا أبناءه إلى عبادة الله الواحد، دون أن يكون من داع لنبي إذ أن آدم كان أقرب إنسان إلى الله، والشيء الثاني هو عدم وجود كتاب للديانة الإيزيدية لهذا تعرضت هذه الديانة الفطرية لكثير من التحريف واقتربت في كثير من تفاصيلها من أديان المنطقة والجيران وتقاطعت معها في أمور مختلفة، ولكنها بقيت أقرب إلى الديانة الإسلامية حتى اتهمها البعض بأنها نسخة محرفة من الإسلام.

بالرغم من الغموض الذي يكتنف هؤلاء القوم إلا أنه قد اتفق الباحثون على أن اليزيديين أو الإيزيديين هم مجموعة دينية تتمركز في العراق وسوريّة. يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال شنكال في العراق، وتعيش مجموعات أصغر منهم في تركيا، ألمانيا، جورجيا وأرمينيا.

ينتمون عرقياً إلى أصلٍ كرديٍ ذي جذور هندو-أوروبية مع أنهم متأثرون بثقافات عربية وسريانية، فأزياؤهم الرجالية قريبة من الزي العربي أما أزياؤهم النسائية فتشبه الزي السرياني.

على الرغم من أن الإيزيديين يرون أن شعبهم ودينهم قد وُجدا منذ وجود آدم وحواء على الأرض إلا أن باحثيهم يرون أن ديانتهم قد انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا) ويرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، ويرى آخرون أن الديانة هي خليط من عدة ديانات قديمة مثل الزرادشتية والمانوية أو امتدادٌ للديانة الميثرائية.

الشخصيات الأساسية في الديانة الإيزيدية هي عدي بن مسافر والذي بُني معبد لالش على قبره، ويحج إليه الإيزيديون كل عام بطقوس مشابهة لطقوس الحج الإسلامي وطاووس ملك والذي هو كبير الملائكة.

الديانة الإيزيدية هي ديانة غير تبشيرية لا يمكن الدخول فيها إلّا بالولادة من والدين إيزيديين. ويُقسّم المجتمع الإيزيدي إلى ثلاث طبقاتٍ هي: الشيخ، والبير، والمريد، ويحرّم الزواج بين الطبقات.

هل يعبد اليزديون الشيطان؟

يعتقد الكثيرون أن اليزيديين يعبدون الشيطان وقد تسبب هذا الاعتقاد بكراهية الجوار لهم بل وحتى تسبب في قتلهم في أماكن وأزمان مختلفة ولكن الحقيقة هي أن الأمر ليس هكذا، ولكن انغلاق هذه الطائفة على نفسها وكتمان عقائدها وشعائرها سمح للعامة بإطلاق الشائعات ونشرها حولهم.

الشيطان نقطة خلاف بين الديانات السماوية والديانة الإيزيدية؛ ففي معتقد الإيزيدية: عندما أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم سجد الجميع إلا واحد يدعونه (طاووس ملك) وهو ملاك خلقه الله من نور وليس من نار كما خلق إبليس وبرّر (طاووس ملك) موقفه هذا بأنه لا يستطيع السجود سوى لخالقه الذي هو الله عند ذلك ثمن الله (طاووس ملك) عالياً ورفع شأنه وجعله رئيساً لجميع ملائكته.

وبالتالي لا وجود لملاك ملعون من الأصل ومن أساس عقيدتهم هو رفض السجود لآدم وما حدث ما هو إلا دليل على وجود الاختيار بين الخير والشر وفي هذا ميزة العقل.

الإيزيديون هم موحدون يواجهون الشمس في صلواتهم ويؤمنون بتناسخ الأرواح وبسبعة ملائكة، وتعتبر عين زمزم من الأماكن المقدسة لديهم. يصوم اليزيديون أربعين يوماً في السنة بدايةً من شهر كانون الثاني.

حيث لا يستطيع الأشخاص من الديانات الأخرى الانتماء إلى الديانة الإيزيدية، يعدها العديد قوميةً مستقلة وديانةً، في حين يرى الكثير من الإيزيديين أنفسهم كرداً في القومية، وقسم ثالث من الإيزيديين يرون أنفسهم كعرب القومية كإيزيدية بعشيقهوبحزاني.

تعرض الإيزيديون عبر التاريخ إلى 72 حملة إبادةٍ شُنت ضدهم لأسبابٍ دينية وعرقية، تسببت هذه الحروب والمذابح بالويلات والمآسي لهذا الشعب المسكين كان آخرها استهدافهم من قبل القاعدة وداعش.

القاعدة استهدفتهم في2007 في مجمعي سيبا شيخ خدر وتل عزير بصهاريج مفخخة قتلت أكثر من500 شخصاً وجرحت وأعاقت الكثيرين.

أما الهجوم الأعنف والأكثر دموية كان في 3 أب من عام 2014 حيث توجهت جحافل داعش بعد السيطرة على الموصل إلى منطقة شنكال وعاثوا فيها قتلاً وسبياً وترويعاً للسكان المدنيين.

أدّت سيطرة تنطيم داعش على مناطق شاسعةٍ من شمال العراق وسقوط مدينة سنجار الإيزيدية بيد المسلحين إلى قتل المئات

وهجرة الآلاف منهم من مدنهم وقراهم فراراً من بطش أعدائهم.

في ليلة الثالث من آب ومع دخول داعش إلى شنكال (سنجار) أحرقت المزارات ورهبانها وقُتل الرجال والأطفال ودفن الكثير منهم أحياء، أما النساء والبنات فقد سُبينَ ووزعن على رجال داعش، وما زالت الأخبار تتوارد حول بيعهن في مزادات داعش في الرقة والموصل! وفي الفترة الأخير انتشرت وثيقة داعشية كانت عبارة عن مسابقة لحفظ القرآن الكريم وكانت الجائزة فيها سبيةً أيزيدية!!

كانت المأساة أكبر من أن يحتملها عقل، رواها الناجون الذين لجؤوا بمساعدة القوات الكردية إلى جبل شنكال.

وبالرغم من هذا الواقع المرير للايزديين في هذه البقعة من الأرض إلا أنه -والحق يقال- فمشهود للأيزيديين بالصدق والأمانة والإخلاص في العمل لدرجة استدعت أن يفضل ربّ العمل المسيحي أو المسلم أن يعتمد عليهم اعتماداً كبيراً في عمله، ويأتمنهم على أمواله أكثر مما يفعل مع أبناء دينه أو طائفته، فهم -وبإجماع من تعامل معهم- أناس يستحقون الثقة.

Exit mobile version