وفوق ذلك صار الطيران الحربي ضيفاً ليلياً ثقيلاً في سماء الغوطة بعد أن كانت صلياته مقتصرة على النهارات الغوطانية.
وفي الأسبوعين الأخيرين ازداد تواتر غارات الطيران الحربي على مناطق سكنية من الغوطة الشرقية خاصة في مدن دوما وحمورية وعين ترما.
إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تصعيداً من نوع آخر (داخلياً) على الأغلب.
فقبل أسابيع قليلة تم التوصل لتشكيل عسكري يجمع ألوية وكتائب عاملة في الغوطة الشرقية أطلق عليه اسم (جيش الأمة). وتبدو المقابلة (اللفظية على الأقل) واضحة التي تستدعي للأذهان اسم (جيش الإسلام). وزكى هذا الاحتمال بيان صادر عن (أو منسوب لـ) الشيخ زهران علوش قائد جيش الإسلام بعد تشكيل جيش الأمة يرفض وجود “رأسين” للجسم الواحد.
وكان قائد جيش الإسلام قد حضر الوليمة التي أقيمت لإعلان تأسيس جيش الأمة.
مساء يوم السبت 20 أيلول تناقلت غرف الأخبار المهتمة خبر اغتيال بشير الأجوة الناطق باسم لواء أسود الغوطة من قبل مجهولين. وكان والد المذكور أبو بشير الأجوة مؤسس لواء أسود الغوطة قد قُتل بعيد معارك تحرير الغوطة قبل حوالي سنتين، ونُسبت الحادثة لنيران (صديقة) أيضاً.
ولم تغب طائرة النظام الحربية عن سماء الغوطة في الليلة التالية لحادثة التصفية لكن ترافق هديرها مع أصوات لإطلاق نار من داخل البلد في دوما. وفي صباح اليوم التالي (يوم الأحد) تمّ التشييع بموكب عسكري تصدّره قائد جيش الأمة الحاج أبو صبحي طه ومعظم القيادات العسكرية في التشكيل الجديد الذي كان الفقيد أحد إعلامييه.
وبعد التشييع بدأت أصوات إطلاق النار والاشتباكات تملأ أرجاء المدينة، وسمعت أصوات مدافع متوسطة وثقيلة وبعض الشهود تكلموا عن استخدام RBG وقنابل ضد أهداف محددة! وسط إشاعات تقول إن جيش الإسلام هو المتهم بحادثة الاغتيال.
فيما تناقلت غرف الأخبار بياناً منسوباً لجيش الأمة يعطي أهالي دوما وسائر الغوطة مهلة لسحب أبنائهم من جيش الإسلام تحت طائلة الملاحقة والاستهداف. تم لاحقاً نفي هذا البيان من قبل جيش الأمة.
شهدت ساعات الظهيرة في شوارع مدينة دوما توتراً كبيراً؛ من انتشار للمسلحين بعتادهم الثقيل في المدينة ونصب حواجز وتفتيش ومساءلة للمارة مع إطلاق نار متفرق. وتكلّم شهود عيان أيضاً عن اعتقالات عشوائية قام بها محسوبون على لواء أسود الغوطة طالت عناصر من جيش الإسلام. وبالمقابل قام بعض عناصر جيش الإسلام بتهديدات لعناصر جيش الأمة وخاصة لواء أسود الغوطة بحملة عسكرية ضدّهم على غرار الحملة التي قام بها جيش الإسلام مؤخراً ضد (داعش) ووجودها في الغوطة الشرقية، وذلك في حال استمرت ممارسات واتهامات المحسوبين على لواء أسود الغوطة في حقّ جيش الإسلام.
قبل مغيب شمس الأحد نجحت الوساطات المستمرة بعقد اجتماع لكل القيادات العسكرية ولبعض رجالات المدينة، وخلصوا إلى بيان عن تشكيل لجنة تحقيق بقضية الاغتيال بإشراف المجلس القضائي للغوطة الشرقية.
اعتبر مراقبون إسناد الأمر للقضاء نهاية للتوتر ووأداً للفتنة. فيما رأى آخرون أنه لا يوجد أي ضامن لعدم تكرار مثل هذه الحوادث طالما بقي الفلتان الأمني وفوضى السلاح والمحسوبيات تسود الموقف.
ناشط وصحافي، رئيس تحرير مجلة طلعنا عالحرية، ومدير مكتبها في دوما / الغوطة الشرقية سابقاً، إجازة في الآداب من جامعة دمشق قسم اللغة الإنكليزية، مدير مكتب الحراك السلمي السوري في ريف دمشق.