Site icon مجلة طلعنا عالحرية

غياب الإعلام الدولي وتغيرات المشهد السوري

650_433_013878639226832

باسل مطر – مشروع سلامتك

لعب الناشطون الإعلاميون والمواطنون الصحفيون في سوريا دوراً عظيما في نقل الأحداث للعالم في عام 2011 حين كانت الثورة في مرحلتها السلمية وحين كانت السلطات السورية تمنع الصحفيين الأجانب من القدوم إلى سوريا لتغطية الأحداث هناك. ومع تصاعد العنف والعنف المقابل وتحول الثورة إلى كفاح مسلّح, خرجت مناطق في الشمال السوري عن سيطرة النظام ووقعت في أيدي المعارضة, وغدا ممكناً لوسائل الإعلام الدولية الدخول إلى سوريا, حيث جرت تغطية الأزمة بكل مناحيها تقريبا, مع التركيز على الأوضاع الإنسانية ونقل صورة عن المأساة التي حلت بهذا البلد.

وبين العامين 2012 و2013 ومع تراجع نفوذ النظام في كثير من المناطق تدفق عدد كبير من الصحفيين الأجانب إلى سوريا, وتمكن الناشطون والكتائب المقاتلة في الجيش الحر ومجموعات أخرى معتدلة من حمايتهم وتأمينهم داخل المناطق التي يغطون الأحداث فيها, بما ذلك  المناطق التي لم تخرج كليا عن سيطرة النظام مثل حمص وريف دمشق وجبال اللاذقية ودرعا. ومع تصاعد العنف, وتزايد نفوذ “الدولة الإسلامية” أصبح من المتعذر على هؤلاء الصحفيين العمل في سوريا, سيما بعد أن أصبحوا هدفاً للتنظيم, وأصبح الأخير يوثق قتلهم من خلال أفلام ذات صبغة درامية تهدف إلى إرهاب الإعلام الذي يحاول تحدي التنظيم والحديث عنه بما لا يحب. لم يبتدع التنظيم الإرهابي هذا الأسلوب دون شك, فقد سبقه إليه عصابات المخدرات في المسكيك, وتنظيم القاعدة, والده الشرعي, والخمير الحمر, لكنه أضفى عليه صبغة درامية مروعة وجديدة.

كان لذلك التغير في المشهد السوري عقبات خطيرة على مصداقية الأخبار الواردة منه, والتي عاد لينقلها ناشطون إعلاميون ومواطنون صحفيون لا يمتلكون الخبرة والمهنية التي تمتع بها الصحفيون الأجانب الذين لم يعد بإمكانهم القيام بعملهم هناك رغم امتلاكهم لحس المغامرة والاجتهاد والاخلاص لما يقومون به, ولم تخلو المعلومات والأخبار الواردة بطبيعة الحال من انحياز وغياب للموضوعية, مما جعل نقل الحقائق أكثر صعوبة, وجعل عمل المؤسسات الإعلامية الدولية أكثر صعوبة في ظل هذه التطورات.

يتشعب المشهدي الإعلامي الثوري كثيرا, فهناك المئات من المجموعات الإعلامية الصغيرة والكبيرة التي تسعى لنقل الحدث, لكن العالم اليوم أصبح منشغلاً بقضايا أخرى بعد أن أصابه الإعياء من المحنة السورية, وبعد أن أصبحت الأخبار الواردة من هناك رتيبة ومتكررة رغم فداحتها, لكن سوريا فقدت فعلا اهتمام وقدرة الإعلام الدولي على متابعة أخبارها بشكل مهني وموضوعي إلى حد بعيد.

لم يقتصر استهداف الإعلاميين الأجانب على داعش, فقد قامت مجموعات أخرى باختطاف صحفيين أجانب بهدف الحصول على فدية مالية, لكن هذا لم يردع الآخرين في الحقيقة من التوجه إلى سوريا رغم هذه الأخطار, فالعمل الصحفي في ميادين الحروب والنزاعات لا يخلو من هذه المخاطر, وهو أمر يعيه من يقدم عليه بطبيعة الحال.

تجد الثورة السورية اليوم نفسها رهينة الخبرة والتمويل المحدودين للإعلام المحلي البديل, وغياب تغطية الإعلام المهني الدولي, والإعياء الذي حل بالعالم جراء استمرار هذه المحرقة, وإعلام النظام وحلفائه الذي يعتمد على البروباغندا التي تخاطب القطيع, ويعج بالإكاذيب, وبين تحول اهتمام كوكب الأرض عن تغطية مأساة القرن لصالح الحديث المؤدلج عن داعش والإرهاب الإسلامي.

Exit mobile version