أحدثت مبادرة غاليري النحات السوري مصطفى علي، بفعاليتها «فن الطريق» في حارة التيامنة القديمة في حي الميدان الدمشقي العريق في الأسبوع الأخير من العام المنصرم، غضبًا في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لما اعتبره كثيرون تشويهًا لجدران مدينة دمشق القديمة.
الفعالية شارك فيها نحو 16 فنانًا وفنانة من الشباب جرى اختيارهم من قبل الغاليري، نفذوا لوحاتهم ومنحوتاتهم في الطريق خمسة منها كانت جدارية نفذت على الجدران مباشرة، مما أثار السخط العام وحفيظة المهتمين بالحفاظ على دمشق القديمة وهويتها المعمارية والفنية الجمالية، باعتبار الرسم على الجدران بطريقة اعتباطية غير مدروسة تشويه لا تزيين للمدينة. وصبّ آلاف السوريون عبر “فيسبوك” جام غضبهم على النشاط وعلى محافظة دمشق التي تمنح بصعوبة بالغة تراخيص الترميم للأهالي، مهملة الأحياء القديمة بينما تسمح بإقامة أنشطة تزيد في التشويه الحاصل بزعم “بث الروح” في تلك الأحياء بعد عشر سنوات من الخراب والدمار بسبب الحرب المجنونة التي أعلنها رأس النظام بشار الأسد ضد شعبه لثورته ضد حكمه الفاسد المستبد.
وزارة ثقافة النظام التي شملتها موجة الانتقادات العاصفة بصفتها المخوّلة بالحفاظ على الأحياء التراثية، لا سيما الموضوعة على لائحة التراث العالمي التابعة للجنة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونيسكو)، تبرأت في بيان لها من الموافقة على فعالية «فن الطريق» وقالت إنها: «لم تعط أي موافقة على القيام بالنشاط المذكور»، كونه خارج صلاحياتها بعد التأكيد على أنّ حي التيامنة الذي جرى الرسم على جدرانه “غير مسجل أثريًا”.
هذا ويشار إلى أنّ حارة التيامنة في حي الميدان الدمشقي العريق، التي لا تحظى بأي اهتمام من قبل المعنيين بحماية التراث المعماري والحضاري بدمشق، تحوي ثلاث كنائس تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر، أهمها كنيسة (القرشي) الواقعة في زقاق القرشي، وتعدُّ من أهم كنائس الشرق، إذ كانت المركز الرئيسي لطائفة الروم الكاثويك قبل انتقاله إلى كنيسة الزيتون في حي باب شرقي العريق. ورغم الأهمية التاريخية لحارة التيامنة فإنها سقطت من دائرة الاهتمام الرسمي والشعبي وحتى الكنسي، وقلّة من السوريين يعلمون بوجود حارة مسيحية منذ نحو أكثر من مائتي عام داخل حي الميدان ذي الغالبية المسلمة المحافظة.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج