Site icon مجلة طلعنا عالحرية

عن الاتجاه “الطائفي”..! واستحالة الانتقائية / سميح الصفدي

سميح الصفدي

شكل الثنائي الخطير فيصل القاسم / وماهر شرف الدين خلال الفترة الماضية حالة شعبوية خاصة تميزت بالتحريض الطائفي الصريح والمنفلت من عقاله، إلا أنها كانت في نفس الوقت أشبه بلعبة ضمنت لنفسها قبولاً واسعاً أو تواطؤاً ضمنياً شعبياً ونخبوياً.

فمن جهة يعتبر الكثير من المتعصبين أو حتى المعتدلين “السنة” أن الثنائي “الدرزي” الشهير جدير بمهاجمة الطائفة العلوية كطرف “ثالث” شبه “محايد” إلى حين.. وشاهد على جرائمها وذلك دون أن يُتهم بالإرهاب والتكفير والتحضير لمجازر طائفية.. كونهم ليسوا من الأكثرية المتهمة بأنها حاضنة الإرهاب في المنطقة والعالم.

ومن جهة أخرى أرضت قفشات الثنائي المرح غرور الكثيرين من ضيقي الأفق المحسوبين على المعارضة من أبناء الطائفة الدرزية، بل وربما طمأنتهم بصك براءة ممهور بآلاف اللايكات والتهليلات لحلقات الاتجاه المعاكس وللبوستات التي تنضح بعقلية طائفية غبية وخبيثة.

وفي موازاة الموقفين المذكورين لم يبلور المثقفون والناشطون المحسوبون على التيار المدني للثورة حتى الآن مواقف جادة من هذه الظاهرة ولم تبرز حتى على صفحات التواصل الاجتماعي حالة استنكار كافية لتحجيم هذه الأصوات العالية. 

والحال أن العقلية الطائفية لا يمكن أن تخضع للانتقائية ولا للتبريرات الرغبوية، ولا للتذاكي والخداع، بل هي رزمة كاملة متكاملة لا تقبل الفصم ولا الانفصال.. ولا تحتمل إلا انصياعاً كاملاً أو رفضاً كاملاً. والسهام الطائفية التي سددها القاسم والماهر شرف الدين وغيرهما للطائفة العلوية لا بدّ أن ترتد على أصحابها.. وذلك التواطؤ المؤقت سوف ينجلي قريباً.

فلا يصعب أبداً على العقلية الطائفية ذاتها أن تقول أن مواقف ما يسمى بـ “الأقليات” ومنها الطائفة الدرزية ليست “مشرفة” بالقدر الكافي الذي قد يشفع لها أمام أية طائفية مضادة، وهي بالعموم كانت ولا زالت محابية للنظام أكثر بكثير مما هي للثورة. كما أنها ليست مقبولة على العقلية التكفيرية ولو زينت نفسها بأعلام الثورة أو حتى بالرايات السود.

لقد ارتفعت وسوف ترتفع بشكل متزايد الأصوات التي تحرض كل الطوائف على بعضها، ومنها طائفة الثنائي المذكور.. وأرضنا السورية اليوم قاحلة من كل شيء إلا من الرغبة في الانتقام، فهي خصبة بفعل أروائها المستمر بالدم، وسوف يحصد الجميع ما زرعوه قتلاُ وتهجيراً ودماراً.

يبدو من الصعب اليوم، ومع اقتراب الإعلان الصريح عن ولادات أجنة الدويلات الطائفية المحتَضنة دولياً، أن يعرف أحد إن كان من المجدي بعد الدعوة للتعقل ومحاولة استجماع بقايا الروح الوطنية المتناثرة وروح الثورة الحقيقة التي قام من أجلها الثائرون والشهداء والمعتقلون.. روح المواطنة والمساواة والمدنية، إلا أن بقايا ما فينا من إنسانية وضمير يجب أن تدفعنا جميعاً رغم اليأس المنيخ فوق الرؤوس إلى الصراخ بصوت عال لا للطائفية المرعبة، لا للتحريض الأعمى المرتد إلى الذات حتماً، وكفى تصفيقاً لأغبياء ملأوا الشاشات والمنابر.

Exit mobile version