أشعار وأغانٍ وموسيقا ، رسومات وتصاميم وأعمال تشكيلية، مقالات وخواطر، أفلام ووثائقيات.. مسرحيات وتمثيليات.. مسرح عرائس.. مواقع على الانترنت.. مدونات.. صفحات متخصصة على فيسبوك.. منشورات، دعوات على قصاصات ورقية…..
وجرائد!
أشياء كان بعضها موجوداً -ولو بخجل- قبل الثورة واليوم يعيش الطفرة في الثورة، ومنها (وغيرها) أشياء خلقتها الثورة أو أعادت إحياءها من جديد..
ما الذي حصل؟ كل هذه النشاطات كانت ممنوعة ومازالت ممنوعة، فما الذي تغير؟
إن من أهم بركات الثورة أنها حررت عقولنا، جعلتنا ندرك أن القيود الموضوعة على كل شيء في بلادنا معظمها أوهام تركناها تسيطر على تفكيرنا طوال السنين الفائتة، هي أغلال لم تكن على أيدينا وإنما في أذهاننا..
السوري اكتشف صوته، اكتشف قلمه وريشته، اكتشف مواهبه وعقله.. اكتشف أن الحرية قرارا يملكه كل إنسان، وتتبعه ممارسة يقدر عليها كل إنسان أيضاً، واكتشف خطأه عندما ظنّ أن الحرية منحة حكومية تنتظر فرماناً خاصّاً.
البعض ينظر بسلبية إلى كثرة الفعاليات والنشاطات هذه، فكثير من هذه الإنتاجات رديء وسخيف وربما يعوزه الإتقان. ناهيك عن أن متابعة هذا الطوفان غير ممكنة أصلاً .
ولكن المهم في الموضوع أن الزمن سيحكم على ما هو جيد ومفيد وما هو غير ذلك، وليستمر الجميع بطرح ما عندهم مهما كان، وطالما أننا نخرج من قانون الغاب (حيث البقاء للأقوى) ونعود للقانون الحقيقي للبشر (حيث البقاء للأنفع)، فلا بأس بأن يطرح أي كان ما عنده، بدل أن يكبته في داخله ويعود زمن (الكتمان) الأسود .
صحيح أن النظام انشغل طوال السنين الماضية بإنشاء فروع الأمن وتوظيف الناس مخبرين على بعضهم، إلا أنه لم يستطع أن يضع مخبراً يتابع كل مواطن، ولم يكن يراقب كل نفـَس نتنفّسه كما كان يشاع .. لم يكن يعرف ماذا نقول وماذا نفكّر وماذا نرى في مناماتنا.. لم يكن يعلم السرّ وأخفى.. ولم يكن الرقيب المحيط بكل شيء..
لقد أدرك السوريون أن النظام ليس إلهاً قادراً كما بقي يزعم! فانفتحوا على ذواتهم وأدواتهم، وهاهم يبدأون عهداً جديداً من الانفتاح والتفتّح ويتعارفون على بعضهم من جديد.
ناشط وصحافي، رئيس تحرير مجلة طلعنا عالحرية، ومدير مكتبها في دوما / الغوطة الشرقية سابقاً، إجازة في الآداب من جامعة دمشق قسم اللغة الإنكليزية، مدير مكتب الحراك السلمي السوري في ريف دمشق.