زياد إبراهيم – باريس
افتتح في العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الماضي معرضاً للصور تحت عنوان “على حافة الأرض” عرض خلاله المصور عاصم حمشو مجموعة من الصور الملتقطة في مخيمات اللجوء تجسد صمود المرأة السورية، وتنقل تفاصيل وظروف الحياة اليومية التي تعيشها النساء السوريات في هذه المخيمات.
“طلعنا عالحرية” زارت المعرض الذي عرض أكثر من ثلاثين صورة التقطت في العامين 2013/2014 في مجموعة من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، وكان لها لقاء مع حمشو وزوار المعرض للوقوف على مدى وصول صورة المعاناة التي تعيشها المرأة السورية يومياً في ذلك المكان البعيد.
عن الرسالة المرجوة من المعرض يقول حمشو: “لا يوجد رسالة معينة أكثر من الذي تبوح به ألوان الصور، وأماكن يصر ساكنوها أن يبعثوا بها الحياة بالرغم من أدواتهم الحياتية البسيطة التي تخبرك أنهم لا يعتبرون هذه الأماكن إلا محطة انتظار. نساء من المجتمع السوري يعشن ظروفاً مختلفة وأحياناً مشابهة لظروف باقي أفراد هذا المجتمع في هذه الفترة الزمنية الصعبة التي تمر على بلادهم. عندهن الكثير مما يحزنهن والكثير مما يجعل الضحكات ترتسم على شفاههن”.
ثم يتابع: “ أردت أن أسجل هذه اللحظات بينما هن منشغلات في الذهاب للعمل بالأرض، أو في معامل تعبئة الفواكه والخضروات، وهن يجمعن الحطب ويصنعن الخبز، وعندما يغسلن الغسيل“.
وفي سؤاله عن الصعوبات التي واجهت المعرض يقول: “في الحقيقة لم يكن هناك صعوبات بمعنى الصعوبات؛ وإنما هي بعض التفاصيل الصغيرة المربكة، خاصةً أن المعرض قام بمساعدة مجموعة من الأصدقاء وبإصرار منهم، حيث أن كل ما تم إنجازه كان بجهودهم”.
وبالرغم من أن المنطقة التي استضافت المعرض بعيدة عن مركز المدينة، إلا أن عدد الزائرين الفرنسيين كان جيداً، خاصة أن الدعوة لحضور المعرض بدأت قبل أيام قليلة من افتتاحه، بالإضافة إلى حضور واضح للسوريين الذين حولوا بعض ساعات العرض إلى ترديد لأغاني من التراث السوري حاول من خلالها الحاضرون إكمال الرسالة التي حملتها الصور المعلقة على الجدران.
ومن ضمن الزائرين في المعرض التقينا “ليز ماري” إحدى الزائرات الفرنسيات التي عبّرت عن انطباعها الأول عن المعرض فقالت: “هذه الصور مختلفة لأننا نشاهد من خلالها لحظات متفرقة من الحياة اليومية في المخيمات” وسألناها عن المسؤولية التي يتحملها الشباب الأوروبي تجاه قضية اللاجئين فأجابت: “نعم وبكل تأكيد، كأوروبية نحن اليوم في عالم شامل وكل ما يحدث هناك هو عملياً يحدث عند بابنا.. نعم، أعتبر نفسي مسؤولة عما يحدث في سوريا، نحن سكان هذا العالم في الواقع، وجميعنا نحمل جزءاً من المسؤولية، ومن واجبنا المساعدة فيما بيننا بعيداً عن جميع الحدود”.
لا شك أن المعرض استطاع تغيير الصورة النمطية الحية في وجدان الزوار الفرنسيين حول حياة المخيمات بشكل خاص وحول القضية السورية بالشكل العام، خاصة أن الصور المعروضة كانت مركزة حول قضية الكرامة التي تملكها المرأة السورية رغم الظروف القاسية في مخيمات اللجوء، حيث يقول أحد الزوار الذي فضّل عدم ذكر اسمه: “النساء السوريات في المخيمات ينجحن في تدبير شؤونهن ولا يخضعن ابداً لهذه الظروف، هذه هي الكرامة، هم في الحقيقة نساء قويات بطبيعتهن”.
أما “كارول” عند سؤالها عن الحياة اليومية للنساء السوريات في المخيمات أجابت: “بالطبع هن يتابعن حياتهن، فهن مجبرات على ذلك. من معرفتي السابقة كانت لدي صورة مسبقة عن المخيمات وعن المرأة في المخيمات، ولكن هذه المرة بقوة أكبر وألوان أكثر، لا أقارن مع مخيم كاليه في شمال فرنسا طبعاً، ولكن نجد أن المخيمات في صور عاصم نظيفة”.
وفي رصد لردات فعل وانطباعات عدد من الزوار الآخرين للمعرض يبدو أن الرسالة من صور عاصم استطاعت الوصول بوضوح إلى معظم الزائرين، وأحدثت نوعاً من التغيير لنظرتهم عن قضية اللاجئين المستقاة أصلاً من الإعلام المحلي الفرنسي، ما يشجع عاصم وزملاءه على المتابعة في تقديم عروض لصورهم في فرنسا، حيث يقول عاصم بعد سؤاله عن إمكانية الاستمرار في إنشاء فعاليات مشابهة: “في السابق عرضت مجموعة من الصور عدة مرات بمعارض جماعية، ولكن هذه المرة الأولى في فرنسا التي يكون فيها المعرض خاصاً بصوري بشكل منفرد، طبعاً سأحاول أن لا يكون الوحيد، فحالياً أعمل مع مجموعة من الأصدقاء الفرنسيين على التحضير لمعرض آخر”.
بين تلك الصور المعلقة على جدران المعرض تميزت صورة لامرأة سورية تعلّق ملابس العائلة على حبل الغسيل المنصوب بجوار الخيمة، وتكدسها بالقرب من بعضها، عَلّها تستفيد من قساوة الشمس التي لم تكن وحدها من أتعبت أولئك الذين يعيشون “على حافة الأرض”.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج