Site icon مجلة طلعنا عالحرية

ظاهرة عمالة الأطفال في الجنوب السوري

لبنى صالح

عمالة الأطفال، ظاهرة ليست بالجديدة على معظم العوائل السورية، فقد كانت موجودة قبل الثورة ولكنها تزايدت واستشرت بعد انطلاقها، لتصبح رؤية الأطفال في المعامل والورشات وعلى الطرقات أمراً اعتيادياً، ولم يعد مشهد الأطفال وهم يمارسون أعمالاً شاقة مفاجئاً للكثيرين، أطفال ابتعدوا عن طفولتهم وتركو مدارسهم و أجبروا على العمل لتأمين لقمة العيش.

أسباب كثيرة ساهمت في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في مناطق درعا المحررة، وبالطبع فإن أول هذه الأسباب هي الحرب الدائرة على الأرض السورية، وتوقف كل سبل الحياة ومقوماتها، ونتيجة لارتفاع معدلات الفقر وغياب المعيل وتوقف المدراس في المناطق الخطرة، وانخفاض مستوى الدخل الشهري للأسرة.

تنتشر ظاهرة عمالة الأطفال في كل بلدان العالم، لكن ما يميزها في سوريا هو التزايد الكبير في أعداد الأطفال  العاملين في مجالات مختلفة، ومنها ما هو خطير. فمنذ بداية الثورة فقد الكثير من السكان مصادر دخلهم في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وبات الاعتماد على أكثر من مصدر للرزق وأكثر من معيل حتى لو كان طفلاً لمساعدة الأسرة على العيش ومواجهة الغلاء أمراً اعتيادياً.

إن توقف معظم المدارس في المناطق المحررة جراء قصفها، والنزوح المتكرر بين المناطق للبحث عن الأمان، وتدهور الليرة السورية ونقص المواد الأساسية، دفعت أيضا المجتمع إلى الانتقال المبكر إلى العمل ولو كان يهدد سلامة الأطفال وحرمانهم من حقهم في الحياة الكريمة والتعليم.

يقول الدكتور معاذ القطيفان مسؤول المكتب الإنساني والإغاثي التابع لمجلس محافظة درعا الحر إن ظاهرة الأطفال الذين تركوا مدارسهم واتجهوا إلى سوق العمل كانت اهم أسبابها تعطل المدارس التي استهدفها النظام، وعدم قدرة المنظمات التعليمية في المناطق المحررة على استيعاب كامل أعداد الأطفال الذين تركوا مقاعدهم الدراسية بالإضافة إلى غلاء المعيشة وعدم قدرة الأسرة الواحدة على مواجهة الغلاء بدخل واحد فقط، وأضاف القطيفان أن هناك تقصير كبير تجاه هؤلاء الأطفال فليس هناك إحصائية دقيقة لعددهم، ولم تُعن أي منظمة أو مؤسسة بهذا المجال لتوفير الدعم النفسي للأطفال والتوعية الأسرية من خلال حلقات توعية أو منشورات ورقية، فالمجتمع بحاجة إلى توعية حيال هذه الظاهرة.

ظاهرة لا تقتصر على الداخل السوري فحسب، بل تمتد إلى السوريين اللاجئين في دول الجوار، مع ملاحظة غياب الإهتمام من مختلف الجهات السياسية والإغاثية وعدم سعي أية مؤسسة ثورية لإيجاد حل لهذه الظاهرة التي تتفاقم داخل سوريا وخارجها.

Exit mobile version