31 يناير، 2013، الساعة 01:41 مساءً
ملف “طلعنا عالحرية” / العدد 22 / 30 / 1 / 2013
حول صفقة تبادل الأسرى: مالها وما عليها
وصلتنا إلى بريد الجريدة المادة أدناه بقلم الناشطة سماح الهادي من مدينة دوما. تحمل المادة الكثير من التساؤلات والاتهامات الخطيرة، التي تنال من صفقة تبادل الأسرى الإيرانيين. نود التأكيد كأسرة تحرير “طلعنا عالحرية” أننا لا نتبنى ما ورد في المقال المذكور، وننشره إيمانا منا بحق الجميع بطرح أية تساؤلات وقضايا تتعلق بالثورة وشجونها والسعي للوصول إلى حقيقة الأمور. وحرصا منا على الموضوعية، فقد أجرينا لقاء موجزا مع النقيب عبد الناصر شمير طرحنا فيه بعض التساؤلات حول أهم النقاط التي وردت في المقال المذكور.
ننوه أخيرا إلى عدم صحة ما ورد في المقال من تدخل لجان التنسيق في المفاوضات التي جرت بأي شكل من الأشكال.
أسرة التحرير
———————–
صفقة تبادل الأسرى الإيرانيين في ريف دمشق هل هي حقيقية؟ وهل هناك من ثمن؟
بقلم الناشطة سماح الهادي
ثلاثة وعشرون يوما مضت على إعلان إتمام صفقة تبادل الأسرى الإيرانيين المحتجزين لدى الجيش الحر برعاية خارجية مع معتقلين سوريين لم يعرف عنهم شيئا، برز فيها لواء البراء بن مالك في ريف دمشق كطرف وحيد مفاوض ومتخذ للقرار فيما لاتزال أسئلة كثيرة تحتاج إلى توضيح وإجابات..
ليس من العسير الوصول إلى نتيجة مفادها أن أي صفقة تبادل تعتبر خسارة مدوية للنظام، فكيف إن كانت تلك الصفقة استبدال ثمان وأربعين ايرانيا ب 2016 معتقلا سوريا على يد الجيش الحر؟! إنه اذعان واعتراف به كجهة شرعية على الأرض تتفاوض معها دول ويدخل في تفاصيلها وسطاء دوليون بمستوى وزراء خارجية وتتوج حسب ما زعم بإطلاق المعتقلين، فيما المئات بل الآلاف من أسرى النظام من الضباط والعسكريين ممن يصنفون على أنهم من طائفته وأبناء جلدته يتم تجاهلهم من قبل النظام والسماح بقتلهم دون أي ردة فعل.
وفي المآل لم يخرج أي معتقل ممن تم توثيقهم في دوما حاضنة العملية حسب الأطراف الفاعلة بها، ولم يعرف من المفرج عنهم أحد وطمست القضية كأنها لم تكن.. ما السر وراء الموقف الذي اتخذه المجلس العسكري في ريف دمشق من وضع النقيب أبو النصر شمير أمام المُساءلة بعد أن أتم العملية دون استشارة أو علم أحد من قادة الكتائب الأخرى ضمن المجلس أو التنسيق معهم أو وضعهم في الصورة كما صرح بعض قادة تلك الكتائب بعدما تردد من أسئلة محقة واستفسارات من الأهالي ؟؟…..
التاريخ 5/8 /2012 ..الحادثة أسر ثمانٍ وأربعين إيرانيا جلّهم من العسكريين في عملية وصفت بالنوعية للجيش الحر في ريف دمشق. تُعرضُ صور الأسرى على الشاشات ويُعلِن أبو النصر شمير النقيب المنشق عن الجيش الأسدي وقائد لواء البراء بن مالك والتابع للمجلس العسكري في ريف دمشق المسؤولية عن أسرهم ويؤكد أن من بين الأسرى عناصر من الحرس الثوري الإيراني دخلوا الأراضي السورية بمهام قتالية ويبرز هوياتهم العسكرية. فيما يؤكد اعلام النظام والإيرانيون بأنهم ليسوا سوى مجموعة من الحجاج المدنيين دخلوا الأراضي السورية بهدف الحج فحسب.. يتلوا أبو النصر البيان ويعلن أنه لن يطلقهم إلا بشروط أهمها إطلاق سراح المعتقلين لدى النظام وايقاف الحملة العسكرية الشرسة والقصف عن الغوطة الشرقية.. يجن جنون النظام ويختار مدينة دوما التي يعتبرها الحاضن الاجتماعي والمادي والبشري للواء البراء ويحسبه عليها كما يصرح بذلك النقيب في مقال نشر له في الشهر السابع من 2012 والذي يعتبر فيه اللواء مكونا من مكونات الجيش الحر في مدينة دوما وهي تمثل حاضنته الشعبية، ويرسل إشارات مستمرة إلى أن الأسرى محتجزين في منطقة ما فيها، فيصعَد النظام ردهُ القاسي منذ اللحظة الأولى عليها ويبدأ انتقامه، وهي المدينة المحاصرة والمحتلة عسكريا بشكل كامل منذ عام ونصف، دون أن يكون هناك أي أسرى، ولكن النظام المريض يتخذ من تلك العملية مطية وسببا لقهر المدينة والغوطة عموما مدفوعا بأربابه الايرانيين.. يجن جنون القناصين المتمركزين في أكثر من عشرين نقطة موزعة على أعلى أبنية المدينة وابراجها فيُعملون رصاصهم في قتل الأهالي وارعابهم انتقاما، ليسقط المئات والمئات من الشهداء والجرحى تباعا ولتنفذ الحملات العسكرية والاقتحامات الميدانية ويتكثف قصف الطيران وتحليقه المستمر منذ تاريخ اعلان العملية. فيما يفرض حظر للتجوال شبه كلي على المدينة ويسير الإجرام بشكل تصاعدي ويزداد الضغط عليها، حتى بات وضع المدينة يمثل الجحيم نفسه. فتتوالى موجات النزوح عنها حتى تبلغ نسبته 99% وتصبح مدينة للأشباح فقط. وتتوالى التهديدات للأهالي بالإبادة والتصفية الجماعية وتحويل المدينة إلى صحراء مقفرة، وهو بالتأكيد ليس بجديد بل متابعة لسياسة ممنهجة سابقة ابتدأت منذ بداية الثورة ولم تنته حتى اللحظة. توجه النظام في المدينة نحو عمليات الاختطاف الجماعي للعائلات والذي كانت باكورته أول عملية اختطاف من نوعها في المدينة بعد الاعلان عن العملية فورا، حيث اقتحمت قوة أمنية في الساعة الثانية بعد منتصف الليلة ذاتها 5/ 8 /2012 منزل ثلاث عوائل دومية واختطفت أفرادها وهم خمسة رجال وأربعة نساء بينهم سيدة حامل في شهرها الأخير ليختفي أثرهم وليصل عدد المختطفين من أهالي المدينة في ذلك اليوم فقط اثنان وثمانون مختطفا ومختطفة كرد أولي من النظام على العملية…
مفاعيل العملية:
مر الوقت دون أي التفاتة من النظام لقضية الأسرى ليصل اقتراح للنقيب عبد الناصر شمير يطلب إليه أن يعيد القضية مرة أخرى للإعلام بعد تجاهل النظام وتناسيه وتنكر إيران لمواطنيها. كانت الفكرة أن يتم التهديد بتصفية الرهائن إن لم يذعن النظام لمطالب الجيش الحر ويطلق سراح المعتقلين وكان ذلك ما أعاد القضية مرة أخرى للواجهة. وكانت تسريبات تصل إلى أسماع البعض ممن يتابع القضية ويضع الكثير من الأمل عليها في إحداث فجوة ما، يتيسر من خلالها الإفراج عن بعض المعتقلين وبخاصة النساء وأصحاب المدد الطويلة. غير أن النظام ومن خلفه الإيرانيين لا يبدون التفاتة للأمر ويتجاهلون تهديد النقيب أبو النصر بل يزداد توعد النظام وتهديده لأهالي المدينة بالإبادة، ما يتسبب بحالة مضاعفة من الخوف من ردود فعل انتقامية ضد الأهالي ومن صعوبة تأمين الأسرى ضمن منطقة محتلة ومحاصرة لتوفير مكان مناسب ومحمي يوفره لهم الجيش الحر الذي أرهقه التنقل بهم من سجن إلى آخر وما دفعه مقابل ذلك من شهداء من كتيبة البراء وكتيبة شهداء دوما وغيرها من الكتائب المنضوية تحت مظلة المجلس العسكري في إطار عملية تأمين الحماية للأسرى للمفاوضة عليهم لتحرير المعتقلين.
محاولات لإيجاد حل:
مع هذا التجاهل تتسرب معلومات عن نية مؤكدة لدى اللواء لإعدام الأسرى جميعا كون الوضع لم يعد يحتمل، ما دفع النشطاء في مدينة دوما إلى طلب اجتماع مع قائد لواء البراء ليضعوه أمام مسؤولياته والحال في المدينة على ما هو عليه. يحدث الاجتماع وتنقل الصورة كاملة بلا مواربة وتحدث بعض المشادات حول أداء الجيش الحر في المدينة ومسألة حماية المدنيين وعدم التسبب بتعريضهم للقتل فيما يرد اللواء بكثير من التحفظ مؤكدا أن القرار أتخذ وبان هناك فتوى تبيح قتلهم وهو ملتزم بها (حديث النقيب)، ما يطرح سؤالا لماذا لم يتم قتل الايرانيين فور احتجازهم؟ لماذا يتم الانتظار اشهرا ومن ثم يعدمون على مرأى من العالم وباسم المدينة؟؟ يقترح النشطاء على النقيب عدة مخارج منها التواصل مع دول أخرى عبر وسطاء ليأمنوا إطلاق سراح المعتقلين وضمان إيقاف الحملات العسكرية الدموية المتكررة على المدينة. ترتفع حدة النقاش ويدلي النشطاء بما عندهم محملين النقيب تبعات ومسؤولية ما يمكن أن يجلبه ذلك على المدينة المنكوبة. فيما يشير بعضهم إلى ما يتم تداوله حول التسريبات عن بيع الأسرى بمبالغ كبيرة عبر وسطاء دوليين ما يدفع النقيب للخروج من الحديث غاضبا حيث أنه اعتبر أن هناك إهانة له في هذا الحديث.
ينتهي اللقاء فيما يتم التواصل عقب الحديث مباشرة من قبل البعض عبر لجان التنسيق المحلية مع بعض وزارات الخارجية العربية والغربية، وطلب تدخلهم الفوري لتأمين تحرير عدد كبير من المعتقلين في سجون النظام مقابل هؤلاء الأسرى مع الإشارة إلى جدية اللواء بتهديداته، لتبدأ المفاوضات الماراتونية وهي التي لم يكن أحد من النشطاء أو حتى كتائب الجيش الحر الأخرى تقف على ما يدور خلالها.
إعلان الصفقة.. ما حصة المدينة المنكوبة 816 شهيدا في فترة العملية؟
تشرق شمس التاسع من الشهر الأول على خبر إعلان الصفقة التي سيتم بموجبها تحرير 2036 معتقل بينهم عدد كبير من النساء جلهم من دمشق وريفها.. لترتفع التوقعات والأماني عند أهالي مدينة دوما وذوي المعتقلين بقرب الإفراج عن أبناءهم وهو ما يرونه الشيء الطبيعي الوحيد مع ما تحملوه ودفعوه من أثمان مرهقة بلغت في حدها الأقصى 816 شهيدا خلال فترة العملية إضافة لآلاف المعتقلين وتدمير كلي للمدينة ونزوح سكانها.. كبُر الأمل مع تباشير إطلاق سراح العائلات الثلاث المختطفة منذ تاريخ إعلان العملية في الشهر الثامن إضافة لإطلاق سراح ناشطتين دوميتين تم اعتقالهما في دمشق قبل شهرين كمقدمة لسيل من الإفراجات اللاحقة كما يُظن .. طال انتظار الأهالي ولم يكن هناك أي إفراجات أو أيه أسماء معلنة من المدينة خرجت بموجب الصفقة. وبقي السؤال على أفواه الأهالي، من هم المعتقلين المزعومين المفرج عنهم من المدينة؟ ماهي اسماءهم؟ ومدد اعتقالهم؟ لماذا لم يتم الافراج عن مئات المعتقلين المزمنين والذين مضى على اعتقال بعضهم ما يقارب السنتين؟؟ فيما يدق البعض ناقوس الخطر حول ما يلمسونه من تجميع لمعتقلي دوما الذين يتم ترحيلهم بكثافة خلال الفترة الاخيرة إلى سجن عدرا وهو ما يرون فيه استعدادا لمرحلة لاحقة قد يلجأ فيها النظام لاستخدامهم كدروع بشرية في معركة قد لا تكون بعيدة في باقي منطقة الغوطة الشرقية.
في رحــــــاب الصفقة:
تواردت معلومات خطيرة مباشرة بعد الإعلان عن الصفقة تهدف لسحب وتشويه أي شعور بالانتصار، بعضها حول وفاة بعض من المفرج عنهم بدعوى حقــنهم بمواد سامة وهو ما انتشر انتشار النار في الهشيم وأحدث حالة من الرعب.. فيما تتردد أقاويل بعضها يستند إلى معطيات موضوعية واخرى تستند إلى التحليل ولربما الخيبة: هل كان ثمن الصفقة بضعة ملايين من الدولارات تسلمها النقيب أبو النصر شمير برعاية قطرية؟ يقول البعض أن المبلغ يبلغ بضعا وعشرين مليون دولار دفعت من قطر كونها من أهم مهندسي العملية لإعطاء العملية والخبر مساحة كبيرة على شاشة الجزيرة؟! وذلك دون أن يعلن اللواء أو إحدى الدول الوسيطة في العملية بشكل شفاف عن أسماء المعتقلين المفرج عنهم للتأكد من صدقية العملية وشفافيتها وهو مالم يحصل قطعا، لماذا عُلمت أسماء بعض المفرج عنهم في محافظات اللاذقية وحماه وبعض المناطق الأخرى فيما غابت اسماء المفرج عنهم من دمشق و ريفها ودوما تحديدا وغابت أية معلومات؟؟
الصفقة وموقف الكتائب العسكرية منها:
يؤكد قادة الكتائب والألوية ومنهم قادة المجلس العسكري في ريف دمشق ولواء البراء أحد أهم فروعه، أن لا معلومات لديهم من أي نوع حول العملية أو كواليسها أو ثمنها، ولم يشاورهم النقيب بأي من قراراته ولم ينسق أو يستشر أحد منهم. وقد لف العملية الكثير من الضبابية ولم يعلموا بنتائج أي محادثات وقد اتخذ قراره منفردا، وهو ما دفع المجلس العسكري في ريف دمشق لطرح الأسئلة المباشرة على النقيب ووضعه أمام المُساءلة الجماعية وتجميده. وخصوصا بعد حالة الغليان و ما تردد من أسئلة محقة واستفسارات من الأهالي؟؟ هل مرد تلك النواقص والسلبيات في العملية هو ضعف الخبرة السياسية والتفاوضية والاعلامية عند العسكريين المفاوضين؟ أم قضايا أخرى أكبر؟ تلك أسئلة لاتزال معلقة تحتاج إلى إجابات حازمة فيما لايزال آلاف المعتقلين من مدينة دوما المنكوبة وباقي مناطق الغوطة الشرقية ينتظرون يدا تمتد لتخلصهم من جحيم لا يطاق ومن مصير مجهول يخبئه هذا القاتل لمن هو واقع بين يديه.
** رد النقيب عبد الناصر شمير قائد لواء البراء بن مالك التابع للمجلس العسكري في ريف دمشق
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج