Site icon مجلة طلعنا عالحرية

سوق خيري في ريف إدلب.. لتلبية جانب من احتياجات النازحين

هاديا منصور

لم تستطع سناء العوض (35عاماً) أن تشتري الثياب الجديدة لأبنائها الثلاثة حتى قبل نزوحها بأكثر من عام، وذلك تبعاً لغلائها من جهة ولفقر حال سناء بعد فقدها لزوجها من جهة أخرى، ولذلك كانت تلجأ لمحلات البالة الرخيصة بغية تأمين ما يلزمها، ولكنها مؤخراً استطاعت الحصول على بعض قطع الملابس الجديدة بعد افتتاح “سوق كريم الخيري” في مدينة كفرتخاريم في ريف إدلب.

تزامناً مع موجات النزوح المتتابعة في الشمال السوري، افتتح في مدينة كفرتخاريم معرضاً للألبسة الجديدة تحت مسمى “سوق كريم الخيري” بالشراكة بين كل من “منظمة معاً لأجل الخير” و”هيئة الإغاثة الإنسانية الـ IHH”، بهدف تقديم العون للنازحين في المنطقة.

تقول سناء واصفة سعادتها بحصولها على ملابس جديدة من السوق الخيري: “لقد كانت لفتة كريمة من تلك المنظمات؛ إذ ساعدتنا نحن النازحين البائسين وأدخلت شيئاً من البهجة في نفوس أطفالنا بارتدائهم ملابس جديدة وخاصة في ظلّ ما نعيشه من أوضاع مأساوية”. وتضيف متحدثة عن ظروفها بأنها فقدت زوجها الذي استشهد أثناء القصف الذي طال مدينتها معرشورين العام الفائت، وهي اليوم نازحة عن منطقتها كآلاف الذين هربوا من الموت، والباحثين عن حياة أكثر أمناً، وهي تفتقد الكثير من الحاجيات الأساسية التي غطى السوق الخيري بعضها.

عن السوق الخيرية يتحدث مدير “منظمة معاً لأجل الخير” محمد عبد الوهاب (36عاماً) قائلاً: “قررنا فتح هذا السوق الخيري ضمن حملة “معاً لأجل الخير” بغية مساعدة النازحين المتضررين؛ حيث يستهدف السوق 4500 عائلة بمعدل وسطي 50 عائلة يومياً أي 1500 عائلة شهرياً” ويلفت عبد الوهاب إلى المناطق التي استهدفها السوق، وهي حارم، كفرتخاريم، ملس، باريشا، أرمناز، كوارو، إضافة للعديد من المناطق الأخرى.

يتم الحصول على الألبسة وفق قسائم شرائية يتم توزيعها على العائلات المستفيدة مسبقاً، لتقوم باختيار الألبسة والأحذية المناسبة لها، بعيداً عن النمط التقليدي المعتاد، كما أوضح عبد الوهاب. ويؤكد بأن السوق يخص نازحي ريف إدلب الشرقي وريف حماة الشمالي، بالإضافة لعوائل الأيتام في المنطقة.

وبدوره حذيفة توامي (26عاماً) مسؤول المكتب الإغاثي في منظمة الـ IHH (هيئة الإغاثة الإنسانية) يشرح لطلعنا عالحرية هدف السوق الذي يندرج ضمن مشاريع المنظمة: “هدف السوق عام مثل باقي متاجرنا العشرة الموزعة في المناطق المحررة، وهي تلبية احتياجات النازحين وعوائل الشهداء بتقديم ملابس جديدة مناسبة لهم وباختيارهم، وطبعاً جاءت فكرة افتتاح السوق مع غلاء المعيشة وغلاء الألبسة الجديدة وخصوصاً في فصل الشتاء، ولذا قمنا بافتتاح المتاجر وترتيبها كالمتاجر التجارية بالنوعية وحرية الاختيار ولكن بشكل مجاني تماماً”، ويشير التوامي إلى أن السوق الخيرية يقدم خدماته على مدار الأسبوع ما عدا يوم الجمعة، كما وينوه إلى أنهم مستمرون بالمشروع حتى فصل الصيف، حيث سيتم رفده بالألبسة الصيفية.

ومن المتاجر المشابهة التي افتتحتها “هيئة الإغاثة الإنسانية” خلال العام الفائت كانت في خربة الجوز، بنش، إدلب المدينة، أريحا، كفرتخاريم، مخيم ساعد، كفريحمول، باب الهوى، عقيربات، أطمة بحسب ما صرح التوامي.

لقي “سوق كريم الخيري” استحساناً وإقبالاً كبيراً من قبل النازحين الذين أثنوا على المبادرة كونها قدمت لهم العديد من الحاجيات اللازمة في نزوحهم.. هذا ما تحدثت عنه (أم وائل) الأربعينية قائلة: “نزحنا من ريف إدلب الشرقي بسبب القصف العنيف والمتواصل.. خرجنا دون اصطحاب أي من الحاجيات؛ فقد تهدمت بيوتنا وآثرنا النجاة بأرواحنا، ولأننا لم نصطحب معنا الملابس الكافية فقد قدم لنا السوق ما نحتاجه منها”، وتتابع بأن” “أهمية السوق تكمن في جعل المستفيد يختار ما يناسبه؛ فبعض العائلات كانت تضطر للاستغناء عن بعض سلاتها الإغاثية وبيعها بغية شراء احتياجاتها من الألبسة، وفكرة السوق أغنتهم عن فعل ذلك”.

والتقت طلعنا عالحرية بالنازح عمر الجبير (35عاماً) بينما يتجول في السوق ويحاول انتقاء ما ينقص عائلته من ملابس، فهو يرى بأن: “الفكرة ممتازة، إذ أنها تمكن النازح من الحصول على ما يحتاجه، سيما وأن البضائع جديدة ومتنوعة، وتغنيه عن قصد السوق لجلب ما يحتاجه، حيث الأسعار الملتهبة المصاحبة لتردي الأوضاع المادية للنازحين وضعف قدرتهم الشرائية”.

الطفل علاء رافق والدته إلى السوق الخيرية وقام بانتقاء حذاء رياضي، يعبر عن سعادته به قائلاً: “سوف أستطيع الركض به واللعب وخاصة ضمن المخيم الموحل، فحذائي القديم سرعان ما أصبح بالياً بسبب الطرقات الوعرة، وسيكون هذا الحذاء مناسباً لهذه المناطق”.

عن فوائد المشروع وأهميته بالنسبة للنازحين يتحدث عضو المجلس المحلي في كفرتخاريم ويدعى (أبو محمد) (41عاماً) بأن: “ازدياد عدد النازحين من مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماه الشمالي في الفترة الأخيرة والذين قدر عددهم بـ 350  ألف نسمة وفق آخر إحصائية للدفاع المدني، دفع جميع المجالس المحلية والمنظمات الإغاثية للاستنفار من أجل مساعدة هؤلاء وتقديم ما يلزم لهم من احتياجات، ومع ذلك فإن ما يقدم لهم يبقى خجولاً أمام ما يعانونه من ظروف صعبة بعيداً عن بيوتهم ومناطقهم”. ودعا أبو محمد للمزيد من تلك المشاريع قائلاً: “إلا أنها ومع قلتها تبقى محاولة إيجابية للملمة جراحات هؤلاء في ظل الحالة المأساوية التي يعيشونها، فمهما كانت المساعدات بسيطة يبقى الحرمان أقل منها” .

Exit mobile version