عبد الله الخلف
“وباء اللشمانيا دفعني للمشاركة في حملة بسبب الأمراض التي انتشرت بيننا انتشاراً ملفتاً وبشكل مقلق”، بهذه الكلمات بدأت هناء الأسود البالغة من العمر 34 سنة، وهي ربة منزل تنحدر من إحدى قرى ريف دير الزور الشرقي، المشاركة بحملة أطلق عليها اسم “ديرتنا”، وهي مبادرة تطوعية انتشرت على نطاق واسع، وتفاعل معها سكان المنطقة ونشطاء منصات التواصل الاجتماعي، وشملت مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في محافظة دير الزور. وتهدف المبادرة لتنظيف الشوارع من القمامة المتكدسة خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى أنشطة أخرى مرتبطة بنشر التثقيف الصحي والبيئي والتوعوي لمواجهة التحديات المرضية وانتشار الأوبئة في منطقة عانت من حروب وصراعات عسكرية على مدار العشر سنوات الماضية.
وتقول هناء في حديثها لمجلة طلعنا عالحرية إنها شاركت في الحملة بعد أن سمعت بها عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، لأنها تلمست خطر انتشار النفايات على الصحة العامة، وكيف تتسبب بأمراض وأوبئة مثل اللشمانيا وغيرها التي انتشرت بشكل كبير في المنطقة خلال عامي 2019 و2020، وتزامنت مع انتشار فايروس كورنا في محيط المنطقة.
وتؤكد هذه السيدة على ضرورة أن تكون هناك استمرارية لهذه الحملات التطوعية، التي تشجع الأهالي على الاهتمام ببلداتهم وقراهم حسب رأيها، وأضافت قائلة: “شاركت أنا وعائلتي بهذه الحملة عبر تنظيف الشوارع من الأوساخ والأتربة والنفايات، وكثير من الأهالي شاركوا فيها”، وأعربت إنه شعور وإحساس جميل جداً بالتكاتف الذي أظهره أفراد المجتمع، “إذا تكاتفنا فـنحن قادرين على حل مشاكلنا وتوجيه البوصلة للسلطات الإدارية”.
وشارك في حملة “ديرتنا” مئات المتطوعين حسبما قال ثائر الربيع مدير الحملة، والذي أكد أن مجلس دير الزور المدني وعشرات المنظمات العاملة ساهمت بآلياتها وموظفيها والمتطوعين، وأشار إلى أن ضعف الإمكانيات وقلة الآليات لدى البلديات الموجودة في المنطقة تسبب بانتشار القمامة بشكل كبير في قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي، ما دعا المجلس والمنظمات لإطلاق هذه الحملة المشتركة بين الأهالي والمجلس والمنظمات، لافتاً إلى أنهم بدؤوا منذ شهرين بالتحضير للحملة، وانطلقت في 24 من آب/ أغسطس الماضي، واستمرت لغاية الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، وذكر في حديثه لمجلة طلعنا عالحرية: “قمنا بتوزيع أكثر من 50 ألف منشور ورقي توعوي حول النظافة والصحة العامة وترشيد استخدام المياه، ووضعنا 300 لافتة كذلك في كافة المناطق المستهدفة”.
موضحاً أن الحملة استهدفت 12 منطقة، وفي كل منطقة شارك ما بين 150 – 250 متطوع/ة، مدنيين/ات وموظفين/ات في المجلس والمنظمات، “نسعى لترسيخ قواعد النظافة العامة وتعزيز ثقافة التطوع لدى المجتمع، وتحفيزهم على التعاون مع البلديات للحفاظ على مناطقنا”.
وينوّه الربيع إلى أنه تم استهداف الشوارع العامة ومكبات النفايات، بالإضافة لسرير نهر الفرات ضمن المناطق المستهدفة، “الحملة لاقت استجواباً ملفتاً من الأهالي، لم نكن نتوقع هذه المشاركة الواسعة”.
وقام مجلس دير الزور المدني التابع للإدارة الذاتية بتوزيع المياه الباردة والعصائر على المتطوعين خلال الحملة، كما تم توزيع قمصان كُتب عليها عنوان الحملة “ديرتنا”.
صالح العلي “44 سنة” سائق أجرة ينحدر من بلدة هجين بريف دير الزور، يقول إن الأوساخ تراكمت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، والروائح الكريهة منتشرة في الكثير من الشوارع، فالحملة “جاءت في وقتها” كما يصف.
قرر صالح أن يترك عمله لبعض الوقت من أجل التطوع في الحملة، ويقول: “أحب أن تكون بلدتي نظيفة ومشرقة، ربما تكون البلدية غير قادرة على التخلص من كامل الأوساخ، بسبب نقص في العمال أو الآليات حسب ما يقولون، لذلك علينا نحن كأهالي أن نأخذ المبادرة ونحافظ على نظافة بلداتنا وقرانا”.
وتوجد في ريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عشرات المنظمات المحلية التي تأسست بعد رحيل تنظيم داعش عن المنطقة، تقوم بحملات ومبادرات خدمية واجتماعية.
والجدير بالذكر أن مرض اللشمانيا انتشر بشكل كبير في محافظة دير الزور بالسنوات الماضية، وتم تسجيل آلاف الإصابات فيها. واللشمانيا مرض جلدي ينقله طفيلي تحمله ذبابة الرمل، والتي تتكاثر في مكبات الأوساخ العشوائية والمستنقعات.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج