Site icon مجلة طلعنا عالحرية

داعش والفضاء التويتري: الوصول إلى الغرب بأسهل الطرق

باسل مطر- مشروع سلامتك

يبلغ عدد مستخدمي تويتر النشطين حوالي 277 مليون مستخدم وفقا لموقع الشركة, وهو رقم أقل بكثير من عدد مستخدمي فيسبوك الذي يزيد عن المليار مستخدم, لكن تويتر يعد الوسيلة الأكثر رواجا في الغرب للحصول على الأخبار السريعة, حيث تجذب منشوراته المختصرة, التي لا تزيد عن 140 حرفا, المستخدمين على نحو كبير. وتقول تويتر بأن النسبة الكبرى من المستخدمين تدخل إلى الخدمة عن طريق الهاتف النقال, وهو أمر ذو مغزى أيضا.

ينشط عدد كبير من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بداعش على توتير, ويتخذون منه منبرا للوصول إلى شرائح مختلقه من الجماهير, للترويج لإيديولوجيتهم الأصولية والتأثير بالشباب المسلم في أوربا وشمال أمريكا بهدف تجنيدهم, ويستخدم لنشر أخبار “جهادهم” المقدس و”دولتهم الإسلامية” وجمع المال.

يعرف قادة التنظيم, وهم من غير السوريين في غالبيتهم, كيف يستخدمون هذه الخدمة, وأهميتها, نظرا لانتشارها بين شرائح يريدون استهدافها, ويساعد وجود الكثير من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم على التعبير بشكل منتظم بلغات مختلفة أهمها الإنكليزية, وعليه فإن أخبار داعش هي أول ما يصل إلى الكثير من أبناء المجتمعات الغربية, في حين تغيب أخبار سوريا الأخرى عن هذا الفضاء الهام.

بلغ اهتمام داعش بتويتر حد تطوير تطبيق خاص مرتبط بتويتر يدعى فجر البشائر, تقول عنه داعش أنه الوسيلة الأفضل لتتبع أخبار التنظيم, وقد جذب التطبيق في شهر حزيران الماضي المئات من المستخدمين خلال وقت قصير من إطلاقه. وقد بلغ عدد التغريدات التي أطلقتها داعش من خلال التطبيق ما يزيد عن أربعين ألف تغريدة خلال يوم واحد, وهي كافيه لإغراق الفضاء التويتري الخاص بسوريا والعراق والتطورات الجارية هناك.

في النتيجة, أصبح البحث عن كلمة بغداد على تويتر مثلا يفضي إلى ألوف التغريدات الداعشية. وتقوم استراتيجية داعش على أمرين, الأول هو استخدام وسوم (Hashtags) محددة تختار بعناية والثاني هو إطلاق عدد كبير من التغريدات لإغراق الفضاء التويتري, وهي استراتيجيه معروفة توظفها داعش بدهاء كبير. يحدث بالنتيجة أيضا أن رسائل داعش تصبح طاغية ومضخمة لدرجة كبيرة, وهي أيضا جزء من سياسة إعلامية يتبعها التنظيم.

تستخدم داعش تويتر كأداة للتسويق أيضا كما تفعل الشركات الكبرى, فقبيل إعلان “الخلافة” ومبايعة البغدادي, وجهت داعش سؤالا عبر تويتر لمتابعيها حول اسم التنظيم وقد رد الكثيرين بأنه يجب تغير الاسم ليصبح الدولة الإسلامية, التي ستعيد مجد الخلاقة, وبالفعل, فبعد فترة حدث هذا تماما.

تستغل داعش الأحداث العالمية الكبرى أيضا لتوصل رسائلها التويترية إلى العالم, والمعلوم أن جميع الفعاليات الكبرى في العالم تستخدم وسوما (Hashtags) خاصة بها, لتمكن الجماهير من متابعتها بسهولة. وقد استغلت داعش مناسبة كأس العالم, التي يتابعها مئات الملايين حول العالم. قامت داعش باختطاف الوسم الخاص ببطولة كأس العالم لكرة القدم هذا العام, وقامت من خلاله بالترويج لرسائلها وأخبارها وبث صور معاركها وانتصاراتها, وقد حققت من خلال ذلك وصولا منقطع النظير إلى جمهور لن تصل إليه دون هذه التكتيكات.

توحي استراتيجيات داعش الخاصة بفضاء توتير الهام, بدراية كبيرة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي, وبدراية كبيرة باستخدام تويتر تحديدا, وتلقى استراتيجيتها تلك اهتماما ملحوظا في الصحافة الغربية, لكن الأسوأ أن أخبارها ورسائلها تطغى على كل شيء آخر, وتحجبه بشكل شبه كامل, بسبب أمرين. الأول هو الكم الهائل لها وطريقة استخدام التنظيم لتويتر, والثاني هو الغياب الكامل أو شبه الكامل لجهود مماثلة من قبل الفعاليات الثورية السورية العسكرية منها والمدنية على حد سواء.

Exit mobile version