(قوات سوريا الديمقراطية) تسيطر على 90 بالمئة
على مدى السنوات العشر الماضية تغيرت خارطة السيطرة على حقول النفط والغاز والطاقة بين الخصوم والحلفاء في سوريا، حيث تتالت جهات محلية وتنظيمات متطرفة وقوات مدعومة من تحالف دولي لبسط سلطتها، وباتت اليوم “قوات سوريا الديمقراطية” تسيطر على نحو 90 بالمئة من الثروة النفطية السورية، إضافة إلى 45 بالمئة من إنتاج الغاز الطبيعي، الأمر الذي يفتح فصلاً جديداً من الحروب بين أطراف النزاع في سوريا؛ المحلية منها والإقليمية والدولية المتحاربة على الأرض السورية.
حقول العمر والتنك ورميلان…
منذ خروج حقل العمر بريف دير الزور الشرقي (يُعدّ أكبر حقول النفط بسوريا) عن سيطرة النظام في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وسقوطه بقبضة تنظيم “داعش” الإرهابي منتصف 2014، حتى انتزاعه على يد “قوات سوريا الديمقراطية” العربية- الكردية والمدعومة من واشنطن نهاية 2017، بقيت المنشأة على حالها، والتي كانت تنتج أكثر من 90 ألف برميل يومياً قبل عام 2011، أما اليوم لا توجد أرقام دقيقة حول إنتاجها.
حقل التنك الذي يبعد 32 كيلومتراً شرقي منشأة العمر النفطية والذي كان يعد ثاني أكبر الحقول من حيث الإنتاج، تعرض إلى أضرار جسيمة جراء المعارك الدائرة في محيطه، ولم تصدر الجهات المحلية المسيطرة الكميات التي تنتجها اليوم.
وإلى جانب حقلي العمر والتنك، توجد حقول الورد والتيم ومحطة (T2) والجفرة، وعفرا وكوري وجرنوف وأزرق وقهار وشعيطاط وغلبان، وتقع جميعها شرقي نهر الفرات في بادية الجزيرة، كانت تنتج قبل 2011 نحو 200 ألف برميل نفط يومياً، أما اليوم فلا يتجاوز إنتاجها 25 ألف برميل يومياً في أحسن الأحوال، بينما يعد حقل غاز كونوكو أكبر حقول الغاز الطبيعي في سوريا، وكان ينتج نحو 10 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز قبل 2011 فيما اليوم يصعب معرفة إنتاجه لغياب الأرقام والبيانات.
وفي نيسان العام الماضي اتفقت “الإدارة الذاتية لشمال وشرق” سوريا و “قسد” مع شركات أمريكية لاستثمار النفط في شرق الفرات، وحصلت شركة “دلتا كريسنت إينرجي” الخاصة على ترخيص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، للعمل في شمال شرقي البلاد، وحتى تاريخ اليوم لم تبدأ هذه الشركة بالاستثمار أو استخراج النفط وسط تجاذب دولي وإقليمي وسوري حول حقوق الاستثمار والإنتاج.
والنظام السوري الذي كان ينتج قبل 2011 نحو 360 ألف برميل نفط يومياً، انخفض منتوجه اليوم إلى حدود 100 ألف برميل، وعلى الرغم من سيطرة قوات النظام على نحو ثلثي مساحة البلاد، لكن 90% من النفط والغاز تقع تحت سيطرة خصومها “قسد” المدعومة من واشنطن.
تغير خارطة السيطرة
توقّف ضخ النفط عبر محطة تل عدس من حقول محافظة الحسكة نهاية 2012 بسبب المعارك الدائرة شرقي الفرات إلى مصفاتي حمص وبانياس، وبعد 10 سنوات تصدر قطاع النفط الأكثر تضرراً وقدرت وزارة النفط التابعة للنظام السوري وخبراء خسائرها بأكثر من 62 مليار دولار.
كما انخفض إنتاج النفط في عموم سوريا بنسبة 96% في عام 2014 ووصل إلى 9329 برميلاً يومياً، بعد سيطرة تنظيم “داعش” على مدينتي دير الزور شرقاً، والرقة شمالاً، حيث كان يجني منها نحو 40 مليون دولار شهرياً في ذروة قوته سنة 2015 بحسب وزارة الخزانة الأميركية.
وفي آذار/ مارس 2013، تمكنت “وحدات حماية الشعب” الكردية إحدى أكبر تشكيلات “قسد” من طرد “جبهة النصرة” والتي بات اسمها لاحقاً “هيئة تحرير الشام” وفصائل سورية مقاتلة، من حقول النفط في بلدة رميلان الواقعة على بعد 165 كيلومتراً شمال شرقي الحسكة، وبعد إعلان “الإدارة الذاتية” الكردية بنهاية العام نفسه، وضعت يدها على الحقول وبدأت كوادرها استثمار النفط، أما موظفو مديرية حقول الرميلان التابعة لوزارة النفط بحكومة النظام وكان يقدر عددهم آنذاك بنحو 5500 عامل وموظف، عاد قسم منهم إلى مسقط رأسه وهاجر آخرون خارج البلاد، فيما بقي القسم الأكبر على رأس عمله.
وقبل 2011 كانت حقول الرميلان تنتج 90 ألف برميل يومياً، ويقدر خبراء في اقتصاديات الطاقة والنفط عدد الآبار النفطية التابعة لها بنحو 1322 بئراً، أما حقول السويدية المجاورة فتنتج نحو 116 ألف برميل يومياً، كما يوجد 25 بئراً من الغاز الطبيعي في هذه الحقول، في حين كانت تصل إنتاجية حقول الشدادي والجبسة والهول إلى 30 ألف برميل في اليوم، ونحو مليون وربع متر مكعب من الغاز.
ويُقدر خبراء اقتصاديون أن إجمالي الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في سوريا عموماً يبلغ نحو 300 مليار برميل، يتوزع 75 في المائة من هذه الاحتياطيات في الحقول المحيطة بمحافظة دير الزور شرقي سوريا.
صحفي سوري، عمل مراسلاً لعدة وكالات دولية وكتب في صحف عربية وغربية ومواقع سورية.