Site icon مجلة طلعنا عالحرية

حوار مع الفنّان سمير خليلي

سمير .. رسام الكاركاتير الذي يعيش في القسم الثالث من مدينة حمص..  حيث “الأمان” على كف عفريت ..!

ليلى الصفدي

لم يختر الفنان الفلسطيني الشاب الجواب الدارج هذه الأيام  عندما سألته لماذا تقيم في حمص؟

فقد فضل الحقيقة على الشعار: “عادةً يكون الجواب على هذا السؤال يحمل طابعاً شعاراتياً لا أكذّب أصحابه.. لكن وجودي في حمص قسري لأسباب أمنية ولعدم مقدرتي المرور على حواجز النظام, هذا يفتح  تساؤلاً عن مفهوم الشخص الصامد والشخص “المصمود” حسب أحد  التعبيرات الساخرة لزياد الرحباني، ربما كان الصمود هنا بنسب والمعادلة كانت في اختيار شكل البقاء القسري.. أنا اخترت أن أرسم”.

 سمير الخليلي شاب فلسطيني في مقتبل العمر، بدأ مسيرته الفنية كمصمم بوسترات للقضية الفلسطينية  ثم انتقل فيما بعد لرسم الكاريكاتير، مثله مثل آلاف الشباب الفلسطيني السوري انحاز لمفاهيم الحرية والكرامة والانسان. لا يرى سمير فرقا كبيراً بين واقع الفلسطينيين وواقع السوريين الا بالقشور كما يقول، والعديد من رسوماته تعكس هذه الوحدة في المعاناة والألم.. والحلم.

عن الأوضاع في حمص وفي مكان اقامته تحديداً.. وعن أحوال الفلسطينيين هناك.. حدثني سمير قائلاً:

“نستطيع أن نقول أن حمص الآن مقسمة إلى ثلاثة أقسام، قسم يقطن فيه أغلبية مؤيدة للنظام وموزعة على أساس طائفي يستحيل إنكار وجوده للأسف، القسم الثاني هو المناطق تحت سيطرة الجيش الحر وهي قابعة تحت الحصار الخانق منذ ما يزيد عن سنة من الآن، القسم الثالث وهو “المناطق الآمنة”..

– في حمص.. مناطق آمنة ؟!!

“نسبياً.. هي عدة أحياء قليلة ذات أغلبية معارضة للنظام، لكنها آمنة إلى حد ما، لا يوجد فيها عمل مسلح وتحوي عدداً ضخماً من النازحين من الأحياء المحاصرة،  ومفهوم الأمان هنا نسبي جداً ومؤقت (على كف عفريت)، أنا أقيم في القسم الثالث حيث الأمان على كف عفريت”.

ويتابع سمير:

“من غير الممكن الفصل بين واقع الفلسطينيين وواقع السوريين في كل سوريا..  ليس فقط في حمص، مع وجود خصوصية للتجمع الأكبر للفلسطينيين وهو (المخيم)، ولا ننسى أن العديد من الفلسطينيين يقطنون بين السوريين في الأقسام المذكورة أعلاه، عددهم في حمص حوالي الـ 20 ألفا منهم 15 ألفا داخل المخيم يعانون من قلة الأمان وكثرة الاعتقالات والظروف المعيشية المأساوية”.

– تحدثت عن أغلبية معارضة..  هل هناك فلسطينيين موالين؟؟ هل بقي منهم من يصدق كذبة الممانعة وركوب النظام على قضيتهم؟

“كما في كل سوريا، هناك قسم صغير جداً وجلّه من المنتفعين كان مع النظام، وقد قاموا بأعمال تشبيحية في العديد من المخيمات، إلا أن الغالبية العظمى انحازت بشكل تلقائي لثورة الشعب السوري، كان انحيازهم تلقائيا لجميع ثورات الربيع العربي، بالإضافة إلى الانحياز الإنساني بوجه الوحشية الفاشية التي عومل بها الشعب السوري. وأكبر دليل على مشاركة الفلسطينيين في الثورة تجلى في المخيمات التي كانت حاضنة مهمة جداً لها ـ أي الثورة ـ كمخيم اليرموك ومخيم درعا ومخيم الرمل في اللاذقية، أما بعض المخيمات فكان لها دورا إنسانيا مهما جداً بإيواء النازحين والعمل الطبي والمساعدات الإنسانية،  إلا أن هناك قسم من الفلسطينيين لا بأس به عدداً كانوا مع تحييد المخيمات عن “الصراع القائم” “.

 – رغم أن رسوماتك تصطبغ بلون الموت والألم إلا أنها تحمل روح الأمل والحب والحرية.. حدثنا عن رؤيتك الفنية وكيف ترى دور الفن في الثورة؟

“الفن برؤيتي ينبع من إحساس الناس ووجعهم ومن أحلامهم أيضاً،  والوجع الأكبر في سوريا كان الموت وعدد الشهداء اليومي الذي تخسره سوريا، بالإضافة لاختزال قضية الشهداء بالأرقام، الموت محيطاً بكل تفاصيل حياة السوري، فهو صديق الشهيد وابن عمه وأخوه و و و..  وهو معرّض للموت أيضاً في كل لحظة.. ربما كان هناك قضايا أخرى موجعة ومؤلمة كالنزوح والاعتقالات والفقر، إلا أنني كنت محاصراً بفكرة الموت الأكثر إيلاماً والتي لا عودة فيها. فالأمل هنا كان ينبع من أن كل هذه الدماء لا يجب ولا يمكن أن تضيع هدراً فنحن محكومون بالأمل كما كتب سعد الله ونوس.

أما عن دور الفن فهو يحمل وجهان: الوجه الأول هو أنه باب من أبواب المشاركة بالثورة من حيث تبسيط أفكار الحرية والعدالة الاجتماعية، ومن حيث إعطاء صبغة جمالية.. سلمية وحضارية للثورة، ومحاولة لترك إرث فني مرافق لها وتخليدها كباقي الثورات العظيمة في العالم.

الوجه الثاني شخصي يعبر عن الحالة الشخصية في زمن الثورة والحرب بما تحمله من حب وأمل وسخرية وضجر ..

والفن أيضاً يحمل مسؤولية انتقاد وتوجيه الثورة وتعرية أخطاءها من الزاوية التي يراها كل فنان. ولفن الكاريكاتير شعبية هائلة بين الناس تعطيه سلطة ومسؤولية لا يستهان بها،  وقد أصبح للثورة السورية إرث كبير جداً من أعمال الكاريكاتير ولفنانين كثر، والتي رافقت الثورة يوما بيوم وأثرت بما لا يحمل الشك بتفاصيل الثورة بشكل إيجابي جداً.. آمل أني قد استطعت أن أكون جزءاً بسيطاً منه”.

Exit mobile version