تعيش مناطق ريف حماة الغربي والشمالي الغربي، وريف إدلب الجنوبي، جحيماً من الغارات والقصف المدفعي المتواصل منذ يوم 29 من شهر نيسان/ أبريل الماضي، مما تسبب بمئات الضحايا والجرحى، وآلاف النازحين ومئات البيوت المدمرة، بالإضافة لسيطرة قوات النظام السوري على مناطق جديدة كانت فيها المعارضة يوماً ما!
موجات نزوح كبيرة!
الوضع في مناطق شمال وغرب سوريا كان مأساوياً؛ فقصف وغارات قوات النظام وحليفها الروسي سبب موجة نزوح كبيرة من سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، ومن مناطق ريف حماة الشمالي ككفرنبودة، قلعة المضيق، حيش، كفرزيتا والزيارة، ومن مناطق ريف إدلب الجنوبي كخان شيخون، معرة حرمة، ترملا، أريحا، احسم، كفرنبل ومعظم بلدات جبل الزاوية، إضافة إلى موجات أخرى هربت من مناطق جسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي.
وكانت مجموعة إدارة المخيمات (CCCM Syria cluster) ، وثقت أعداد النازحات والنازحين بين بداية حملة القصف يوم 29 نيسان الماضي حتى يوم 9 أيار الحالي بـ 179648بينهم عائلات كاملة وأطفال، فيما أعلنت مجموعة منسقي الاستجابة إحصائية جديدة للنازحين، مؤكدة أنه خلال يوم 8 الشهر فقط نزحت أكثر من 11732 عائلة من مناطق ريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب بريف حماة.
وأكدت مجموعة منسقي الاستجابة أن عدد النازحات والنازحين منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة حتى 8 الشهر الحالي، بلغ 228416 نسمة.
القطاع الطبي في خطر!
ولم توفر هذه الهجمة المنشآت الطبية، حيث تعرض مشفى 111، ومشافي كفر زيتا، ترملا، اللطامنة، الأمل في كنصفرة بجبل الزاوية لأضرار كبيرة سببت توقف العمل فيها، ومشفيا كفرنبل الجراحي والأمل في كفرنبل الذين قصفا ليلة الجمعة الماضية، ، كما تضرر مركز احسم الصحي، ومركز ركايا الطبي بشكل كبير، وتم تدمير مركز كفر زيتا بشكل كامل بعد غارة صباح يوم الأربعاء الماضي، وأصبح مركز كفرنبودة الصحي خارج الخدمة خلال تقدم قوات النظام في البلدة بالأيام الماضية وسيطرتها عليها قبل يوم الأربعاء الماضي.
وسبب استهداف المنشآت إعلان مديرية صحة إدلب والعديد من المنظمات السورية الطبية حالة الطوارئ في مرافقها وتوقيف المراجعات والعمليات الجراحية الباردة، لملاحقة العدد الكبير من الإصابات الناتجة عن الحملة العسكرية العنيفة.
اتفاق المنطقة منزوعة السلاح غير مؤثر؟
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت في أحدث تقاريرها: “منطقة إدلب لخفض التصعيد شهدت منذ دخول اتفاق سوتشي حيز التنفيذ تصعيداً عسكرياً متكرراً، وقد تسببت تلك الحملات العسكرية التي شنتها قوات الحلف السوري الروسي في مقتل ما لا يقل عن 544 مدنياً، بينهم 163 طفلاً و105 سيدة، وتشريد قرابة الـ900 ألف مدني نزح مئات الآلاف منهم غير مرة، وتدهور الوضع المعيشي لقرابة 4.7 مليون نسمة يقطنون في مساحة تبلغ قرابة 6800 كم مربع”.
يجب التنويه إلى أن القصف العنيف هذا استهدف المناطق منزوعة السلاح، والتي تم تفعيل نزع السلاح منها بين تركيا وروسيا في أيلول 2018، بعد رسم حدودها في محافظة إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، ومناطق صغيرة بريف اللاذقية الشمالي في اتفاق بأحد اجتماعات أستانة بين تركيا وروسيا وإيران في أيلول 2017. فيما بدأت الحملة العنيفة بعد أربعة أيام فقط من لقاء أستانة الـ12 للدول الضامنة الثلاث حاملة في معادلتها عنصر البراميل المتفجرة، ما يثير التساؤلات عن خباياه غير المعلنة، في ظل الصمت التركي خلال 13 يوماً من القصف المتواصل! الذي كُسر حين دخلت مروحيات تركيا الأجواء السورية لإخلاء العسكريين الأتراك المصابين جراء القصف على نقطة مراقبة تابعة لأنقرة في شير مغار بريف حماة الشمالي يوم الأحد 5 من الشهر الحالي.
وآخر المتغيرات على الخارطة وأخطرها، بدأت يوم الأربعاء الماضي بسيطرة قوات النظام على كفرنبودة بريف حماة الشمالي، ثم قلعة المضيق، وانسحاب لقوات المعارضة من مناطق الكركات، تل الطاقة وتل هواش، لتسيطر عليها قوات النظام دون أي قتال.
على العموم ساد هدوء خلال أيام الخميس والجمعة والسبت، انخفضت وتيرة القصف والغارات الجوية على مناطق ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي، فيما حدثت اشتباكات بين قوات المعارضة (الجبهة الوطنية للتحرير)، وقوات النظام في كفرنبودة، كان الجديد فيها دخول هيئة تحرير الشام إلى خط المواجهة مع النظام بعد صمت طويل منذ بدء الهجمة، لكن لم يتغير شيء وبقيت كفرنبودة تحت سيطرة النظام.
ولم تتضح بعد أهداف النظام من هذا التقدم، هل ينوي التوجه إلى الهبيط جنوب إدلب؟ وما هو موقف تركيا من الأمر في ظل صمتها؟ مع العلم أن كفرنبودة تعتبر موقعاً استراتيجياً مهماً يفتح الطريق أمام محافظة إدلب وشمال غرب سوريا.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج