الأنباء الواردة حول الدمار والحصار الواقع على احياء حلب المحررة يزداد يوماً بعد يوم، وذلك بعد سيطرة قوات النظام على طريق “الكاستيلو” آخر ممر لأحياء حلب المحررة، وكان الطريق قد تم رصده بنيران قوات النظام السوري منذ السابع من شهر تموز، وساهم طيران القوات الروسية في تغطية جوية لمساعدة قوات النظام براً للسيطرة على الطريق، مما أدخل احياء حلب المحررة تحت حصار بات يهدد حياة أكثر من 300 ألف إنسان ما يزال يعيش في تلك الاحياء.
وقد أدى قطع الطريق إلى فقدان كبير في المواد وارتفاع في الأسعار، وتعتبر المحروقات من أكثر المواد المتأثرة في الوقت الحالي، مما يؤدي فقدانها إلى عدم القدرة على تشغيل مولدات الكهرباء كما يهدد فقدانها بتوقف المخابز الآلية عن انتاج الخبز.
بحسب ناشطين انعكست التطورات بسرعة على الأسواق وارتفعت أسعار الخضار لما يقارب ثلاثة أضعاف، مع فقدان الكثير من المواد مثل الفواكه والبندورة والخيار والبصل والفليفلة، وإن وجد بعض البندورة تكون أسعارها ما بين ال 750 إلى 1000 ليرة وبنفس المقياس تقريباً للخيار، الفروج مفقود بشكل كبير والبيض والجبنة واللبن وإن وجد شيء منها تكون الأسعار مرتفعة، أما اللحوم متوفرة بسبب فقدان العلف لتغذية المواشي مما يخيف مربي المواشي من نفوقها نتيجة الجوع فيسارعون إلى ذبحها. أولويات الطبخ بشكل عام باتت مفقودة رغم توفر الحشائش من بقدونس وفجل ونعناع وجرجير بالإضافة إلى الكوسا والباذنجان.
توقفت الأعمال بشكل عام بسبب انشغال المواطن بقضاء وقته في البحث عن الخبز والطعام ويعتمد غالبية السكان حالياً على بعض المدخرات او الاستدانة لتأمين قوت يومها، وكانت العائلة المؤلفة من أربعة اشخاص تستطيع العيش بما يقارب أربعين ألف ليرة سورية، وهو مبلغ مقارب لمتوسط الدخل في ظل الأوضاع الحالية، أما الآن قد لا تكفيهم 200 ألف ليرة، ويضاف إليها المعاناة في فقدان المحروقات وانقطاع المواصلات بالإضافة إلى توقف مولدات الكهرباء التي توزع الطاقة على أحياء المدينة.
منطقة الشيخ مقصود الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية تساهم أيضاً في الحصار بمشاركة قوات النظام حيث يستحيل دخول المواد من خلالها كما تساهم قوات سوريا الديمقراطية بغطاء ناري في حصار المدينة من جهتها، وقد أعلنت روسا ثم النظام السوري عن فتح أربعة ممرات اعتبرتها ممرات إنسانية ثلاثة منها لخروج السكان من الأحياء المحاصرة وواحد مخصص للمقاتلين الراغبين في الاستسلام، هذا وقد القت مروحيات النظام منشورات تدعوا السكان إلى التوجه نحو الحواجز العسكرية على المعابر المزعومة لإخراجهم من المنطقة، كما بينت تعليمات حول عفو عام لكل مقاتل يسلم سلاحه مع قابلية تسوية وضعه الأمني وبقائه في المدينة او خروجه منها بحسب رغبته، إلا أن ناشطين أكدوا أن لا ممرات آمنة حتى الآن مع وجود مخاوف كبيرة من استغلال النظام فترة الحصار لدفع السكان للخروج واستغلال أوضاعهم لإلقاء القبض على ناشطي الثورة السورية، إضافة إلى أن خروج أكثر من 300 ألف مواطن سيعطي النظام السوري فرصة كبيرة لإجراء تغييرات ديمغرافية على غرار ما حصل في حمص.
المروحيات التي القت المنشورات هي نفسها التي كانت وما تزال تلقي البراميل المتفجرة، كما ركز النظام على استهداف المشافي والمراكز الصحية التي خرج غالبيتها عن الخدمة، وفي ظل نقص في الكوادر الطبية بات على من تبقى من العاملين في المجال الصحي ان يناوب على مدار الساعة لاستقبال الجرحى والمصابين رغم الإمكانيات الضعيفة.
حملات الطيران الروسي ساهمت بشكل أساسي مع مروحيات الطيران السوري في قصف احياء المدينة والتي خلفت ما يقارب 1500 شهيد خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقالت هيومن رايتس ووتش أن النظام السوري يستخدم قنابل عنقودية وفوسفورية.
ناشطين سوريين أعلنوا عن حملة على تويتر مع هاشتاغ #الغضب_لحلب لتسليط الضوء على ما يجري فيها، وتأتي الحملة لمؤازرة حلب إعلامياً بعد استمرار عمليات القصف المكثفة وإحكام الحصار عليها فيما يهدد حياة أكثر من 300 ألف مواطن.
هذا وأعلن ناشطين عن مبادرة للتخفيف عن المواطنين ونتيجة فقدان المحروقات وانقطاع المواصلات، حيث سيتم تشغيل سرافيس لنقل المواطنين الباحثين عن الخبز إلى مراكز التوزيع، ويرى بعض الناشطين ان المنظمات الإغاثية تحتفظ بالمؤن تحسباً لمثل هذا اليوم، إلا أنها لا تكاد تكفي لما يزيد عن شهر واحد على الأكثر.
قالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) في سورية إن القصف الكثيف والعشوائي حول مدينة حلب يتسبب في وقوع أعداد لا حصر لها من الضحايا المدنيين.
وأضافت السيدة غاسر الموجودة حالياً في حلب أن: “الوضع مأساوي ومفجع. نسمع عن مقتل عشرات المدنيين كل يوم، وتقع أعداد أكبر من الإصابات بسبب القذائف ومدافع الهاون والصواريخ. القصف بالقنابل مستمر. والعنف يهدد أرواح مئات الآلاف من الناس والمنازل وسبل كسب العيش.”
لقد شهدت الأيام القليلة الماضية تدميراً أو إضراراً بشبكات المياه، والمستشفيات، والمخازن، ومراكز الإسعاف والمباني العامة ومنازل المدنيين على جميع جوانب خطوط المواجهة. ويتعرض المرضى والعاملون في المجال الطبي للقتل أو الإصابة.
ويعاني المدنيون الأمرّين على جميع الجوانب للعثور على المأوى والغذاء والرعاية الطبية. وتعمل اللجنة الدولية مع الهلال الأحمر العربي السوري دون كلل أو ملل لتقديم خدمات الإغاثة وإعادة تشغيل الخدمات الحيوية أو الحفاظ عليها، لكن يتعذر عليهما الوصول إلى العديد من المناطق بسبب العنف.
مع بدء موعد حملة الغضب لحلب بدئت ملحمة حلب الكبرى في عملية يشارك فيها كل فصائل الجيش السوري الحر وشهدت الحملة تقدم نوعي على عدة محاور، كما ساهم أطفال حلب في الملحمة بمنع الطائرات من التحليق فوق سماء مدينتهم وذلك عبر احراق إطارات السيارات مما شكل سحب كثيفة من الدخان لحجب الرؤية.
مستقل، مهووس في تكنولوجيا المعلومات والأمن الرقمي. مهتم في الشؤون الاقتصادية وريادة الأعمال، محرر القسم الاقتصادي في طلعنا عالحرية