Site icon مجلة طلعنا عالحرية

حروب عظيمة أشعلها تافهون / نبيل شوفان

مجلة-طلعنا-عالحرية-Rising-For-Freedom-Magazine

مجلة-طلعنا-عالحرية-Rising-For-Freedom-Magazine

يبدو أن طبول الحرب ما تزال مقروعة منذ الحرب العالمية الأولى ثم الثانية وحتى اللحظة، وما تزال كرة النار تتدحرج من بلد إلى آخر، سباقٌ محمومٌ ومريض من أجل التسلح لم يبدأ بصناعة القنبلة النووية، ولم ينته في محاولة السيطرة على البلاد والعباد عبر دكتاتوريات مقيتة أهلكت شعوبها وأماتتها سريرياً لأجيال. اليوم تثور الشعوب، وتلتقط أقطاب الحروب التقليدية أنفاسها، تلعب لعبة الموت في سوريا وأهلها؛ لتكون هذه الحرب بكل قذاراتها مجرد إرهاصات تشكل قنبلة، أو قدراً لطبخة فاسدة، وناراً توشك أن تنفجر بوجه العالم؛ فكل أدوات الموت على أهبة الاستعداد وكل طباخي الحروب عبثوا بثورة نشدت الحرية.

الوجوه ذاتُها -تقريبا- مع اختلاف بسيط في التحالفات تدق ناقوس حرب ثالثة، ولعل مكابرة أوباما تاريخية وليست طارئة فقد دخلت الولايات المتحدة للحرب العالمية الأولى في شهر أبريل 1917، بعد سنتان ونصف من جهود الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في إبقاء الولايات المتحدة مُحايدة خلال الحرب العالمية الأولى بعد تعهده في الانتخابات أن تبقى الولايات المتحدة على الحياد، ثم كانت هي من حسمت الحرب، وتكرر التأخير في الحرب العالمية الثانية حتى حادثة بيرل هاربر وإعلان فرانكلين دي روزفلت دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء وأيضاً حسمت الحرب.

تبدو أمريكا اليوم ضعيفة هزيلة خائفة ومتربصة، وتبدو روسيا في محاولتها إثبات نفسها كقطب قوي، وغسل ما يعتبره بوتين (عار هزيمة تفكك الاتحاد السوفييتي) -الذي حسمته أمريكا أيضاً- ويهوج قزم هتلر كدبّ منفلت لا يجرأ أحد على محاسبته، ومع أنه من المفترض أن تدور رحى الحرب العالمية الثالثة في الفضاء؛ فنحن لا نعرف ما الذي حول حرب النجوم التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي رونالد ريغان إلى حرب ضدّ السوريين وعلى أرضهم.

قال لي رئيس تحرير إحدى الصحف المغاربية، بعد خروجنا من إحدى حلقات النقاش على تلفزيون فرنسي إنه مستغرب ومتعجب من ثورة السوريين على بشار الأسد وأنه لا يرى أسباباً مقنعة للثورة، وإنما مؤامرة كاملة الأركان على بطل قومي وذكي، متحججاً هذا المغربي، بأن حرباً عالمية ثالثة تكاد تشتعل بسببه، وينسى الأخ الخمسيني الذي أكل رأسه الشيب والذي من المفترض أن يكون على درجة مقبولة من الثقافة التاريخية أنه في عام 1859 دخلت القوات الأمريكية في مواجهة مع كندا بسبب حادثة إطلاق نار على أحد الخنازير، وأنه ما بين سنة 1879 و1883، اندلعت حرب بين إسبانيا وتشيلي من أجل براز الطيور، وأن الطالب الصربي المختل عقلياً والمتعصب قومياً “الأهبل” الذي اغتال ولي العهد النمساوي جلب الويلات للعالم وأشعل الحرب العالمية الأولى التي أدت إلى 16 مليون قتيل من الجنس البشري، ولا أعتقد أن الرجل المغربي ومثله مثل الكثيرين من أغبياء القومجية الأسدية القبيحة يعلم أنه في عام 1925 اندلعت حرب بين اليونان وبلغاريا بسبب كلب.. أعزكم الله!

في النهاية لقد ربط ابن خلدون بين الغزاة والطغاة بشكل بسيط ومفهوم وحقيقي؛ حين قال الطغاة يجلبون الغزاة في كل الأحوال، إما يتدخل الغازي لنصرة الطاغية وإما بحجة نصرة الشعب على طواغيته. لكن في الحالة السورية الفريدة، لا أمريكا غزتنا بذريعة إنقاذنا من الطغيان، ولا روسيا ستستطيع بغزوها إنقاذ الطاغية من الثوار.

إجابتي لرئيس تحرير الصحيفة المغاربية لم تكن بذات التفصيل ولا ذات الحقائق فالرجل يؤمن بنظرية المؤامرة ولن تنطلي عليه حقائقي، اكتفيت بتذكيره أن المرء يستطيع أن يكون مقاوماً وممانعاً وبطلاً دون أن يدمر الأرض والشعب والتاريخ والمستقبل.

Exit mobile version