باسل حمادة
كلمة ألقاها باسل حمادة في ندوة بمرور 7 سنوات على اختطاف الزملاء: وائل حمادة ورزان زيتونة وناظم الحمادي وسميرة الخليل
أشكر الجميع على حضورهم ليسمعوا منا عن جرح دام سبع سنوات!
مع العلم أنه لايوجد بيت سوري لا يخلو من جرح؛ فالبيوت السورية لا تخلو من قتيل أو جريح او معتقل أو مغيب أو مختطف، ومنها البيوت التي انتقلت أيضاً لتعيش في الشتات.
لا يوجد جرح يعلوا على جرح آخر. مأساتنا تذوب أمام المأساة السورية.
أتكلم هنا كوني أخ لشخص مورست عليه هذه الجريمة؛ جريمة الاختطاف والتغييب، هو وزوجته رزان زيتونة وصديقته السيدة المناضلة سميرة الخليل وصديق عمره ناظم الحمادي.
أخ حاول أن يمارس السياسية بمعارضة الاستبداد بأشكاله قبل الثورة وبعدها؛ إن كان النظام الأسدي أو سلطة الأمر الواقع في الغوطة الشرقية.
اعتقلته المخابرات السورية واختطفته أيادي جيش زهران علوش.
هذا هو المزاج السياسي لأخي وائل، الذي اجتمع عليه مع زوجته رزان، وهو ما اجتمعا عليه مع رفاق مثلهم، كانوا يمثلون لنا طوق النجاة حين كانت الحالة السورية تُقاد إلى العسكرة والتطرف.
كانوا حينها يحملون مشروعاً يقضي بإعادة العمل السياسي إلى السوريين بعد احتكاره لعقود طويلة.
إنها سنوات طويلة من العمل السياسي والحقوقي والعمل في الشأن العام قبل الثورة وبعدها، من ملاحقات أمنية وخوف دائم.. كانت قد كونت لدى وائل وعي عن مدى فجاجة هذا النظام، وكل من استلم رقاب السوريين.
إلا أنه لم يوقن أن جيش زهران سوف يرتقي هذا المرتقى في مدينة ولد بها وكوّن صداقاته وأطلق معهم شرارة تلك الثورة.
رغم سنوات طويلة من الدفاع عن حقوق الإنسان والعمل المدني والإنساني والسياسي، إلا أنه أيقن أن الاستبداد ليس حكراً على نظام الأسد أو غيره من سلطات الأمر الواقع. وإن آثار الاستبداد الذي كونته أجهزة النظام السوري وسلطة الأمر الواقع في سوريا والغوطة الشرقية، وخاصة في ترسيخ الفساد والجهل وتغيب سلطة القانون والمحاسبة.. كانت كفيلة بإن يحاولوا جاهدين لتوفير بيئة آمنة للعمل المدني والسياسي في الغوطة الشرقية، وتوفير مقوماتها الأساسية بإقامة مشاريع تلبي تلك الحاجات.
لذلك فإن عملية اختطافهم كانت ضمن سلسة من الجرائم السياسية، ولم تكن فقط قضية إنسانية. هم لم يكونوا أشخاصاً عملهم الوحيد هو تسجيل الواقع، إنما كانوا فاعلين بثورتهم وواقعهم ووثوقهما.
لذلك كان الهدف هو إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بالمنظمات التي ينشطون بها وإزاحة تلك الشخصيات عن الساحة كي لا يعكر صفو سياساتهم البغيضة أحد .
لذلك استطيع ان اقدر مدى الضرر الذي لحق بتلك المنظمات، واستمرت عمليات الضغط عليها حتى بعد تغييب النشطاء الأربعة، مشاريع العمل المدني والثوري، ومنها توثيق الانتهاكات في الغوطة الشرقية، ولوجودهم كهيكل ثوري لا يتبع أي جهة..
كان هذا ما أقلق مضجع سمير كعكة وزهران علوش والكثيرين، وعلى رأسهم النظام السوري الذي قدم له الخاطفين هدية حلم بها على مدار سنوات.
أصدقائي..
إنها أشهر قليلة في المدينة حاول أخي مدّ الجسور مع أهالي مدينته التي شهدت ولادته، لتنسيق الجهود الثورية في جميع المناطق السورية لإسقاط النظام الحاكم، وبناء دولة مدنية ديمقراطية حرة.. ويحاول ما أمكنه إيصال المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية والتقنية إلى مناطق سوريا بالمجمل. لذلك عمدوا على تأسيس لجان التنسيق المحلية في سوريا، بجانب العديد من المنظمات الأخرى. وعمدوا لمساعدة الصحفيين لتعزيز النشاط الإعلامي الثوري على عموم البلاد، ضد طغم أصبحت مسلّطة على السوريين من جميع الفئات.. ومحاولاً زراعة شيء جميل من خلال تلك المشاريع، ليحمي حقوق الضحايا وأسرهم، بمساعدة توثيق الانتهاكات مع أصدقائه، بأمل إجراء محاكمات عادلة، وإقامة دولة لكل السوريين.
…
أعزائي.. الجرح بالنسبة لنا عميق، ولا يكاد أن ينفتح حتى تفيض الأعين. عزاؤنا ليس كما نشر في بيانكم بأنكم ترغبون بالكشف عن نهاية لقصتهم، بالكشف عن مصيرهم، وعن إحقاق العدالة والمحاسبة.. عزائي بالمقام الأول -ولا شيء آخر- هو إطلاق سراحهم ليعودوا لأحضان أحبابهم.
بعدها نستطيع أن نقتصّ من الجاني بقوة القانون، والتكلم عن أخذ العدالة، وإطلاق عمليات المحاسبة ما شئتم!
وأتمنى من الجميع وكل من لديه أي معلومة صغرت أو كبرت، مشاركتها مع ذوي المختطفين، لأن لنا الحقّ في المعرفة، ولنا الحق في المشاركة في عمل يخصّ أحبابنا.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج