Site icon مجلة طلعنا عالحرية

ثورة المعرة ضد تنظيم القاعدة.. خمسون يوماً والحراك في تصاعد

معرة النعمان

تستمر مظاهرات معرة النعمان لليوم الواحد والخمسين على التوالي في شكل يعيد للأذهان بدايات الثورة السورية السلمية، واللافت في هذا الحراك الجريء أنه يعلن عن نفسه بلا مواربة كثورة ضدّ كل أشكال الظلم والقهر والاستبداد، ابتداءً بالنظام وليس انتهاءً بتنظيم القاعدة وملحقاته وعلى رأسهم جبهة النصرة.

كما يتسم حراك المعرة بالنزعة السورية الصافية والتي ترفض بوضوح مشاريع التقسيم والانفصال المطروحة، كما تعكس اللافتات والشعارات المرفوعة رفضاً قاطعاً للنزعات الطائفية المقيتة وتؤكّد على وحدة الشعب السوري، وعلى مطالب الحرية والكرامة والمواطنة.

عن بدايات هذا الحراك وتطوره تحدث الناشط والإعلامي ابن المعرة راسم غريب لـ “طلعنا عالحرية”: “عندما عاد الشعب السوري إلى ساحات التظاهر مطلع آذار من هذا العام بعد الهدنة المبرمة بين القوى الكبرى، عادت روح الثورة وخرج المئات في المناطق المحررة وخاصة المعرة وريفها؛ ففي الرابع من آذار خرجت مظاهرة كبيرة في معرة النعمان كما انضم لها بعض من أهالي القرى والبلدات المجاورة، حملوا أعلام الثورة وجددوا تمسكهم بحريتهم وطالبوا برحيل الأسد ومحاكمته”.

وتابع راسم: “في ذك اليوم، شهدت المعرة أحداثاً جديدة؛ فبعد انتهاء مظاهراتها ضد النظام، جاء عناصر من جبهة النصرة إلى ساحة المظاهرة بالمدينة، ونددوا بالمظاهرة، وأطلقوا شعارات ضدّ الفرقة 13 المجودة في المعرّة، والتي كانت قد شاركت بالمظاهرات الأخيرة”.

الجمعة التالية وبتاريخ 11 آذار خرج أهالي المعرة في مظاهرة حاشدة أخرى للتأكيد على الاستمرار بالحراك السلمي حتى إسقاط الأسد، لكنهم فوجئوا هذه المرة باقتحام المظاهرة من قبل عناصر جبهة النصرة بواسطة الدراجات النارية، حيث قاموا بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب الذي طال العديدين، وأطلقوا شعارات منددة بالجيش الحر وبالهدنة المبرمة، ولم يخف أحد عناصر النصرة حقده على الحراك الثوري السلمي وتوعد المتظاهرين قائلاً: “واالله ما جئناكم إلا بالمفخخات”!

في مساء اليوم التالي استقدمت النصرة تعزيزات وحاصرت المعرة بمساعدة جند الأقصى وهو تنظيم مقرب من داعش، واقتحمت المدينة مستهدفة مقرات الفرقة 13 حيث دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الفرقة وجبهة النصرة استمرت إلى منتصف الليل، قبل أن يسلم عناصر الفرقة أنفسهم للقوات المعتدية التي قتلت ستة منهم بعد استسلامهم واعتقلت قرابة 50 مقاتلاً ونهبت عتاد الفرقة من أسلحة وذخائر”.

ويتابع راسم: “لقد صعّد ذلك الاقتحام، من حدة الأحداث في المعرة، والتي بدأت تشهد مظاهرات يومية، ضدّ نظام الأسد بطبيعة الحال، وضدّ جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وضدّ تنظيم جند الأقصى، والتهبت وسائل التواصل الاجتماعي، وارتفعت الأصوات السورية، ضدّ ظلم النصرة، وكشف حقيقتها، التي تستغل مظلومية قتال الغرب لها، لكي تعتدي على الجيش الحر. وبدا للناس، أن النصرة أفسدت أكثر من أن تصلح، وانقلب عليها أهالي المعرة وأعلنوها ثورة ضدّ تنظيم القاعدة حتى تحقيق مطالبهم؛ وهي خروج جبهة النصرة وجند الأقصى من المدينة وإطلاق سراح المعتقلين وإعادة الأسلحة والذخائر ومحاسبة كل من تورط بهذا الاعتداء. لكن النصرة لم تستجب سوى لمطلب إخراج المعتقلين وذلك تحت ضغط المظاهرات السلمية المستمرة والتي فاقت الخمسين يوماً حتى الآن”.

يتابع راسم: “لا يزال الحراك مستمراً، وهو يقوى رغم كل هذه الممارسات.. وبسببها. ورغم انفجار سيارة مفخخة بالقرب من ساحة التظاهر في السوق القديم، والتي أدت إلى مقتل امرأة وطفل وجرح عشرة آخرين. نحن نتهم جبهة النصرة بتفجير السيارة، وأنها قد حققت “وعودها” لنا، في محاولة منها لإخافة المتظاهرين كي يكفوا عن التظاهر ضدّها”.

وحول ردود الفعل من قبل مختلف الأطراف والفصائل العسكرية في المنطقة، أعرب راسم عن استياء وخيبة أمل كبيرين، مشيراً إلى أن أغلب الفصائل نأت بنفسها عن الموضوع، فيما صرحت القلة القليلة على استحياء بأنها تتضامن مع الفرقة 13 ودعت “الطرفين إلى الاحتكام لشرع الله”!

أما فيما يخص النظام، فيبدو أن المظاهرات المستمرة قد أزعجته مثلما أزعجت النصرة، فقام طيرانه الحربي باستهداف سوق الخضار الشعبي المكتظ بالمدنيين، ما أدى لاستشهاد 50 مدنياً وجرح 90 آخرين”.

لم تقتصر الاحتجاجات الشعبية ضدّ ممارسات النصرة على مدينة المعرة وحدها، إنما امتدت إلى العديد من المناطق السورية كـ سرمدا في ريف إدلب، والتي قام ناشطوها بدهن سيارات “الشرطة الإسلامية” التابعة لجبهة النصرة بالطلاء وقاموا بكتابة عبارات تستخف بها.

كذلك انتفاضة أهالي مسرابا بريف دمشق في وجه التنظيم الذي قتل أحد المواطنين، فخرج الأهالي بمظاهرات وطالبوا التنظيم بالخروج من المدينة. وفي مدينة الأتارب بريف حلب خرج المواطنون بمظاهرات طالبت التنظيم بالخروج من المدينة على أثر قتل التنظيم شقيقين من عائلة واحدة تحت التعذيب. ومن المتوقع أن يمتد هذا الحراك نظراً لفقدان النصرة مصداقيتها في أغلب المناطق، والتي تخسر فيها يوماً بعد يوم حاضنتها الشعبية.

الائتلاف.. بيان خجول لا يشير إلى النصرة:

يبدو أن القيادات السياسية للمعارضة السورية لا تؤمن بجدوى الحراك السلمي.. بل يعتقد الكثيرون أن العديد من هذه القيادات قد تحولوا إلى أمراء حرب.

حول السؤال عن ردود الفعل وحملات التضامن والدعم مع حراك المعرة من قبل مختلف الهيئات السياسية المعارضة، يجيب الناشط راسم أنه بعد عشرين يوماً من التظاهر أصدر الائتلاف السوري بياناً خجولاً ثمّن فيه الحراك الثوري في المعرة دون التطرق لأسباب هذا الحراك ودون التطرق لانتهاكات جبهة النصرة.

وفيما يخص الإعلام البديل عبر راسم أيضاً عن استياء عام من طريقة التناول السطحية  لثورة المعرة ضد تنظيم القاعدة، مشيراً إلى التقصير الكبير في مواكبة الإعلام لهذه الثورة محليا وعربياً وعالمياً.

تنسيق كبير بين الناشطين في الداخل والخارج

يؤكد الناشط والإعلامي راسم غريب، والذي يواكب الحراك في المعرة على مدار الساعة، أن هناك تنسيق كبير بين الناشطين في الداخل والخارج، وأن هذا التنسيق مستمر يومياً منذ بداية الحراك، حيث تتم مناقشة آخر التطورات في المدينة وما يقوم به التنظيم من انتهاكات بحق المدنيين كالاعتقال التعسفي والتغييب القسري وغيرهما. ويضيف: “لقد قمنا بتشكيل غرفة إعلامية تضم ناشطين في الحراك المدني والإعلامي من أغلب المناطق في سوريا كما نتشارك آخر الأخبار والمستجدات على الأرض يومياً، وأود هنا أن أذكر الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بالعودة والتفاعل مع الثورة في المعرة، النصرة تلعب على عامل الزمن وتراهن على أن يملّ الناشطون قريباً”.

 ويختم غريب حواره بنبرة إصرار وأمل رغم الإحباطات الكثيرة:

“لم يجد  تمرد المعرّة ضدّ النصرة الصدى الذي يستحقّه في المحافل السياسية؛ وأغلب عواصم القرار السياسي لا زالت تصدق رواية النظام بأن من يحاربهم هم مجموعة من إرهابيي تنظيمي داعش والنصرة. نحن نؤمن بحراكنا السلمي وأنه قادر على إسقاط كل الطغاة بدءاً بنظام الأسد وليس انتهاء بالتنظيمات الإرهابية كالنصرة وداعش، وقد حققنا من خلال حراكنا السلمي بعضاً من حقوقنا، مثل إخراج كافة المعتقلين من مقاتلي الفرقة 13 من سجون النصرة، وسنستمر بهذا الحراك حتى تحقيق ما خرجنا من أجله وهو خروج التنظيم من المدينة وإرجاع كافة المعدات والأسلحة والذخائر المسلوبة، وتقديم كل من خطط وشارك بهذا العمل إلى محكمة مستقلة، والإفراج عن كافة المعتقلين من المدنيين من سجون التنظيم وتقديمهم إلى جهة مستقلة”.

Exit mobile version