Site icon مجلة طلعنا عالحرية

توقف الدعم عن عدة مشافٍ في إدلب يز يد معاناة المرضى والعاملين في المجال الصحي

علي الدالاتي

تقف أم محمد بالقرب من المخيم الذي تعيش فيه في ريف إدلب، بانتظار سيارة توصلها لمدينة حارم لتراجع مشفى المدينة في زيارة قد تكون الأخيرة، بعد توقف الدعم عن المشفى التي تتعالج به، مما ينذر بإغلاقه.
أم محمد التي تعاني من ألم الغربة والنزوح، والفقر، وكذلك المرض، يضاف اليوم لجعبة آلامها فقدان العلاج. تقول أم محمد لمجلة طلعنا عالحرية: “مع بدء الكلام عن إغلاق المشفى الذي يعالجني أفقد آخر بصيص ضوء لي بالعلاج؛ كون لا قدرة لي على الذهاب للمشافي البعيدة أو لزيارة طبيب خاص أو مشفى مأجور.
وبحسب بيان صدر يوم 12 من كانون الثاني عن فريق “منسقو استجابة سوريا” إن 18 منشأة طبية تقدم خدماتها لأكثر من مليون ونصف مليون من سكان شمال غربي سوريا انقطع عنها الدعم، في أزمة جديدة تضاف إلى العديد من الأزمات التي تعاني منها المنطقة.
كما حذر الفريق من توقف الدعم عن المنشآت الطبية، وخاصة مع ازدياد الضغوط على المنشآت الأخرى، وعدم قدرتها على تقديم الخدمات لجميع السكان في المنطقة، خاصة مع احتمالية موجة جديدة من فيروس كورونا المستجد قد تشهدها المنطقة.
مشفى حريتان الخيري للنسائية والأطفال هو من المشافي التي توقف الدعم عنها. وبحسب مدير المشفى الدكتور أديب عبد الرحمن أن سبب توقف الدعم عن مشفى حريتان هو قلة التمويل من قبل المانحين للمنظمات الإنسانية المحلية. ويتابع الدكتور عبد الرحمن: “رغم توقف الدعم عنهم، فقد قرر كادر المشفى استمرار العمل ضمن إمكانيات محدودة، حتى انتهاء المخزون من المحروقات اللازمة لمولدات الطاقة الكهربائية والتدفئة، والمستهلكات الطبية” ويستدرك: “ولكن نحن مضطرون لإيقاف العمل بالمشفى بعد انتهاء مقومات سير العمل من كلف تشغيلية ومحروقات و أوكسجين ومستهلكات طبية”.
الدكتور سالم عبدان مدير صحة إدلب قال لمجلة عالحرية إنه “خلال الربع الأخير من العام الماضي توقف الدعم الإنساني المقدم من المانحين الدوليين عن 13 مستشفى في محافظة إدلب، كانت تستقبل 50 ألف حالة مرضية شهرياً، تستفيد من الخدمات الطبية التي تقدمها تلك المشافي”، وأضاف إن “المشافي تعمل حالياً بشكل تطوعي بدون أجر، ولكن بالحد الأدنى بانتظار عودة الدعم، للعودة للعمل بالطاقة القصوى”.
وأكد د. عبدان بأن أثر توقف الدعم عن المشافي “سيكون كارثياً؛ فالأهالي في هذه المنطقة أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر، بالتالي هم غير قادرين على مراجعة المشافي الخاصة أو حتى المشافي الخيرية التي تكون عادة ذات أجور رمزية”.
وعلى وقع تحذيرات الجهات الطبية من مخاطر انقطاع الدعم وتبعات ذلك على حياة سكان شمال غرب سوريا، انطلقت حملة مناصرة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “ادعموا مشافي الشمال” بهدف لفت نظر العالم إلى المأساة التي ستنتج عن إيقاف الدعم عن المشافي، وبحسب ما قال الناشط فايز الدغيم لمجلة طلعنا عالحرية، وهو أحد المشاركين بالحملة إن عشرات الناشطين السوريين المدنيين والعاملين في الشأنين الإنساني والطبي في شمال سوريا وحول العالم ساهموا بإطلاق هذه الحملة من أجل المشافي في الشمال السوري، وذلك “بعد توقف الدعم المقدم لعشرات المشافي بشكل تام، وتخفيض الدعم عن مشافٍ أخرى في كل من حلب وإدلب” كما أكد الدغيم أنه “في حال استمرار توقف الدعم عن المشافي فنحن أمام كارثة صحية وإنسانية رهيبة، ستهدد حياة حوالي أربع ملايين مدني يعيشون في شمال غرب سوريا”.
كما شملت الحملة وقفات من الكوادر الطبية والناشطين، تدعو لإعادة الدعم، كما قام الرسام عزيز الأسمر برسم لوحة غرافيتي لنفس الغرض.
وسبق أن أصدرت “لجنة الإنقاذ الدولي” (IRC) تقريرًا يكشف التأثير الواسع والمدمّر لعقد من الهجمات الممنهجة على المرافق الصحية وعلى المدنيين في سوريا، وأوضح التقرير التأثير المدمر الذي أحدثه تدمير نظام الرعاية الصحية في البلاد، على قدرته للاستجابة لوباء كورونا المستجد.
وبحسب تقرير اللجنة، فقد غادر حوالي 70 في المئة من العاملين في القطاع الصحي البلاد، فيما باتت النسبة الآن طبيب واحد لكل 10 آلاف سوري.
وينص القانون الدولي الإنساني على حماية المرافق الصحية والعاملين الصحيين، وعلى الرغم من ذلك، وثقت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” 595 هجومًا على مرافق صحية في سوريا منذ عام 2011.
ونتيجة ذلك، لا تعمل أكثر من نصف المستشفيات السورية بشكل كامل بسبب الهجمات، وصار حالها يرثى له، مع عدم استعدادها لتغطي حاجة البلاد وتقديم الرعاية الصحية لـ 12 مليون سوري، والتعامل مع آثار كورونا، الذي أصاب بالشلل أقوى أنظمة الصحة في العالم.

Exit mobile version