علاء ظاظا*
لا شكّ أن خبر التهجير القسري لسكان حلب الشرقية قد لقي اهتماماً غير مسبوق، في ظل حالة من الاعتياد على الجرائم اليوميّة ضدّ الإنسانيّة. وتزامنت الاستجابة الإعلامية مع جهود للنشطاء في كل مكان للمناصرة والضغط وتخفيف معاناة المدنيين الذين تم تهجيرهم قسرياً.
إلا أن الأخبار -كما همم المتابعين لها- تخفّ مع الوقت وتعود لحالة الروتين أو التركيز على ما هو جديد. لكن حاجة الناس الفعلية للدعم والاستجابة تبدأ عملياً بعد استقرارهم في أماكنهم الجديدة.
يمكن تشبيه حالة النزوح القسري بوفاة شخص مقرب. في البداية يغطي هول الصدمة (التركيز الإعلامي) ومراسم العزاء (الاستجابة الأولية) على الاحتياجات الحقيقية التي ما تلبث أن تظهر في الأسابيع الأولى بعد الصدمة.
نحن هنا نتحدث عن 26070 شخص هجروا قسرياً (الأرقام بحسب مجموعة تنسيق الحماية التابعة للأوتشا) بعد تعرضهم لشتى أنواع القصف الذي وصل لدرجات غير مسبوقة في الأسابيع التي سبقت التهجير. بالإضافة إلى الحصار والمعاناة اليومية ومشاهدة الجثث ملقاة في الشوارع وتلقي أنباء التصفيات الجماعية وغير ذلك من الأهوال التي رفعت مستوى الصدمة لأعلى درجة.
ومن بين هؤلاء آلاف الأطفال الذين لا بدّ من العمل على استجابة بشأنهم لمدة سنة على الأقل، لضمان تكيفهم وتقوية مرونتهم لتقبل ما حدث ومتابعة حياتهم.
ولتكوين تصور عن حجم المأساة وأهمية الاستجابة طويلة الأمد سنتحدث عن عينة من الأطفال الذين تم استقبالهم في مراكز للتقييم قبل توزيعهم على مساكنهم وأماكن اللجوء المؤقتة في ريف حلب وريف إدلب.
استقبلت مراكز التقييم جزءاً من الأطفال الذين نزحوا وعددهم 4581 ومن ضمنهم:
69 طفلاً لديهم سوء تغذية، 5 منهم بحالة خطرة.
14 طفلاً منفصلين عن أسرهم؛ أي لا يُعرف مصير أسرهم بعد.
47 مفقودين، وقدم القائمون على رعايتهم/ أسرهم طلبات بالبحث عنهم.
252 طفلاً رضيعاً تحت 6 أشهر.
435 إصابات طبية تضمنت إسهالات، إصابات تنفسية، سكري وجروحاً ناتجة عن القصف.
بالإضافة إلى الإصابات النفسية التي لم تُحدد، ويمكن تقدير الحالات الشديدة التي تتطلب تدخلاً تخصصياً بـ 250-400 طفل.
وكما هو معلوم، فإن هذه الأرقام هي عينة فقط، لأن الأرقام الحقيقة قد تصل لضعف هذا الرقم إذا ما شملنا من نزح بسيارته الخاصة أو اختار عدم العبور والتسجيل في نقاط التقييم. ولا ننسى أن محافظة إدلب ومناطق ريف حلب تعاني أصلاً من القصف ونقص الموارد واستمرار تدفق المهجرين قسرياً من مختلف الأماكن.
ففي مجال التعليم مثلاً، انخفضت نسبة حضور الطلاب لتصل إلى 30-40% فقط نتيجة القصف الممنهج على المدارس، وانخفاض جهوزية المدارس في فصل الشتاء. والآن سيضاف بحسب تقديرات مديرية التربية 10000 طفل جديد بحاجة لتعليم جيد وملائم.
التعليم كاستجابة حماية
قد تتساءل بعد قراءتك لهذه المعلومات عن ما يمكن فعله، وهنا ننصح بالتركيز على توفير التعليم للوافدين الجدد كاستجابة للمأساة التي حصلت. فالتعليم يعيد للطفل الروتين والاستقرار و يوفر الغرض والمعنى، والتعلم والنجاح في المدرسة يحفز هؤلاء الطلاب ويقدم لهم هدفاً واضحاً، ليس فقط على المستوى الفردي ولكن أيضاً من حيث رفاهية أسرهم وأهداف أوسع لتحسين المجتمع.
وتقدم المدرسة فرصاً للدعم النفسي الاجتماعي من خلال تلقى المعلومات، وتقدير الذات، وتأسيس علاقات اجتماعية، ولعب أدوار تساهم في استعادة الاستمرارية لحياة الطفل وإعادة توازنه.
ولا ننسى أنه في الغالب يتم ربط الخدمات الداعمة من تغذية وتوفير مساعدات للشتاء واللقاحات والكشف الطبي من خلال المدارس. فتوفر المدرسة مساحة آمنة ونقطة التقاء للتعرف على من هم بحاجة وربطهم بمقدمي الخدمات.
يمكنك اليوم أن تساهم في الحدّ من معاناة طفل وأسرته بدعم زيادة فرص الحصول على التعليم أو توفير سبل الحماية والمعيشة الجيدة في المدارس القائمة. ولكن يجب أن تخصص ليس فقط الدعم المالي وإنما جزءاً من وقتك لتكون شريكاً فاعلاً في الاستجابة من خلال تواصلك المستمر مع مقدمي الرعاية.
10000 طفل بانتظار أن يتلقوا التعليم وهذه قائمة بشركاء محتملين لك في إنقاذ حياتهم:
قائمة الشركاء
* مدير برنامج حماية الطفل في شبكة حرّاس
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج