وُلد عاصم حسنة عام 1994، ونشأ في مدينة قطنا في ريف دمشق الغربي، هو الأخ الأكبر لشقيق وشقيقتين، درسَ الرياضيات ولم يستطع إكمال دراسته بسبب اعتقال والده في مطلع العام 2013، اضطر حينها لمغادرة قطنا، لأنه أصبحَ مطلوبًا هو الآخر لأجهزة النظام السوري، ذهب إلى مدينة مجاورة تحت سيطرة الجيش الحر ليتابع عمله الثوري كمسعف وسائق سيارة إسعاف، بعدها يقول عاصم: «في إحدى المعارك في منطقة (خان الشيح) في الغوطة الغربية وبينما كنت أقوم بعملي في إسعاف الجرحى جراء المعركة، تم استهداف سيارة الإسعاف بمن فيها بقذيفة مدفعية أدّت إلى إلحاق ضرر كبير بالسيارة، وكذلك إلى بتر ساقي اليسرى على الفور».
الرحلة إلى الأردن والعلاج
أجريَتْ لعاصم عملية إسعافية سريعة لوقف النزيف، ثم تم إرساله إلى الأردن بالتنسيق مع الجيش الحر لتلقّي العلاج، في رحلته إلى الأردن من ريف دمشق قضى ثلاثة أيام حتّى وصل للشريط الحدودي، وجرى استقباله وإدخاله إلى الأردن ثم نقله إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث تمّ إجراء عدّة عمليات جراحيّة لتصحيح البتر، بعدها خرج من المستشفى للعلاج الفيزيائي، يتابع عاصم: «بعد خروجي من المستشفى بثلاثة شهور بدأ مشروع لمساعدة المبتورين السوريين وتدريب فنيين لصناعة الأطراف الصناعية، وتم اقتراحي من قبل صديقي (منار) لأكون أحد المتدرّبين، ثم حصلتُ على أول طرف صناعيّ وبدأتُ المشي، بالتزامن مع تدريبي على صناعة الأطراف».
من شاب بساقٍ مبتورة إلى مصنّع للأطراف الصناعية
فقدان عاصم لساقه، جعله يسعى لتعويض ما فقده عن طريق مساعدة فاقدي الأطراف، يضيف: «بعد عدة شهور أصبحت قادرًا على التعامل مع المرضى وصناعة الأطراف لهم، ولهذا نكهة خاصة» ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة، يعمل عاصم في هذا المجال ويطمح لمتابعة دراسته الأكاديمية في هذا المجال أيضًا، وعن العودة إلى سوريا يقول: «أحلم بالعودة إلى سوريا وأن أفتتح مركزًا متطورًا لصناعة الأطراف وتقديمها مجانًا لمن يحتاجها»
عاصم حسنة: لا أخجل من إظهار طرفي
لم تعد الثورة كما حلم عاصم، إلّا أنه لم يتخلّ عن فكرة الثورة، يضيف: «تداعيات الثورة لم ولن تجعلني أندم لأنني منذ البداية كنت مقتنعًا بما أفعله، وحتى فقدي لأحد أطرافي لم ولن يجعلني أندم، الله أخذ مني شيئًا وعوّضني بأشياء كثيرة، فقد أصبحت أقوى بكثير، وأكثر قدرةً على تخطي أية صعوبات، حتى أنني لا أخجل أبدا من إظهار طرفي»
كثيرًا ما يضع عاصم صورًا له على صفحته الشخصية على فيسبوك وهو يمسك بطرفه الصناعيّ بيده، أو يضعه على الأرض، ورفض وضع أيًا من ملحقات التجميل على الطرف، تركه معدنيًا، ليرسل رسالة مفادها: «أن المبتور هو إنسان عادي مثله مثل غيره بل ويمكن أن يقوم بأشياء أكثر من الناس الطبيعيين أيضًا»
عاصم حسنة: نحن في زمن يحتاج لفصل الدين عن الدولة
يتابع عاصم حديثه عن الثورة: «الثورة تم حرفها بشكل هائل عن مسارها، وأرى أن سيطرة التيار الإسلامي المتشدد المتمثل بداعش هو ضربة قاصمة للثورة، وشخصيًا أنا ضد أي فكر ديني في أي ثورة، فنحن في زمن يحتاج لفصل الدين عن الدولة ولكنني متمسك جدًا بالمبادئ التي تبنّيتها في بداية الثورة وهي الحرية والعدالة والمواطنة للجميع، والقضاء على كل ما يتعلق بالنظام من قريب أو من بعيد»
رسالة أخيرة
يختم عاصم حسنة حديثه برسالة يريدها أن تصل “لكل الدنيا”: «مهما فقد الإنسان أشياءَ عزيزة في حياته، ومهما كان ظرفه صعبًا، يستطيع أن يتغلّب عليه، المبتور ليس معاقًا كم تعتقد الأغلبيّة، هو شخص طبيعي جدًا، وقادر على تحقيق أي شيء، وأنا سأقضي حياتي في الدفاع عن هذه الرسالة من خلال أفعالي».
*شاعر وكاتب صحافي فلسطيني سوري.
شاعر وكاتب صحافي من سوريا – فلسطين.
رئيس تحرير صحيفة “أبواب” ومحرر القسم الثقافي سابقاً في مجلة “طلعنا عالحرية”. صدر له في الشعر “سيرًا على الأحلام” 2014 عن دار الأيام – الأردن، وله كتابان قيد الطبع في الشعر “لم ينتبه أحد لموتك” و”لابس تياب السفر” في الشعر المحكي. يكتب في العديد من الصحف والمواقع العربية والألمانية. ترجمت نصوصه وقصائده إلى لغات عديدة كالإنكليزية والألمانية والبوسنية. يعيش في ألمانيا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بعد استضافته من قبل مؤسسة الأديب الألماني “هاينرش بول” في منحة تفرّغ إبداعي للكتابة.