مجلة طلعنا عالحرية

بضعة خطوط.. بضعة خطوات نحو السماء…

عن الرسام الشهيد أكرم رسلان

خلال ثلاث سنوات مضت كان هناك أمل كبير بأن أكرم سوف يخرج في يوم ما، وسوف نلتقي من جديد. سيكتب رسام الكاريكاتير الخارج إلى الحرية سيرته في المعتقل، سيرسم من جديد وينشر من جديد، سيخرج في سوريا الحرة الجديدة كبطل من أبطال هذه الثورة..  لكن الخبر الأخير بدد كل أمنياتنا ولهفتنا للقائه من جديد.

فأكرم الآن هناك.. ربما يرسم عنا الآن.. ربما يسخر من قتلته، ويسخر من كل هذا العالم.

ولد أكرم رسلان في حماة، تلك المدينة القابعة بألمها الخاص في ذاكرة السوريين. بحثاً عن الحرية، بدأ أكرم بالرسم، وكان له خطه القوي الذي يعطيه مساحة كبيرة لقول ما يريد.

رسم أكرم عن فلسطين والعراق ولبنان، رسم عن الثورات العربية منذ اندلاعها بحسه القومي العميق وتوقه للحرية.

بضعة خطوط.. بضعة خطوات نحو المعتقل…

اندلعت الثورة في سوريا ضد نظام الأسد وبدأ الناس ينزلون إلى الشوارع كاسرين سنوات من الصمت. بدأت أرواح السوريين تحلق في سماء الوطن مهللة للحرية القادمة، لسوريا القادمة.. بدون دكتاتورية، بدون فساد بدون قتل.. بدون الأسد.

بدأ أكرم بتوثيق الثورة كاريكاتورياً منذ أول يوم، من أول صرخة في دمشق وأول انتفاضة في درعا، لينقل يومياً الحدث وينقل الحقيقة في صدام مباشر مع الإعلام الرسمي الذي كان يكذّب كل شيء، ولا يعترف بوجود شعب ولا يصدق أن هذا الشعب قد قام… وقال “لا”.

بدأ النظام بالاعتقال والقتل، بدأ القمع منذ اليوم الأول، وبدأ أكرم يرسم ويصرخ مع الشعب، بخطوط واثقة تكنيكياً.. بفكر واضح ولقطات ذكية.

يوماً بيوم وساعة بساعة وتحد بتحد، رامياً بعرض الحائط كل الأصوات التي كانت تخاف عليه وتدعوه للتخفيف من حدة رسومه. لم ينصت لهذه الأصوات بل أنصت إلى نبض الشارع الثائر، ليأت ذلك اليوم الذي سمعنا فيه عن اعتقال أكرم وتغييبه في أقبية النظام.

ورغم أن الجميع كان يعرف أن الداخل إلى هذا الجحيم من الصعب ان يعرف مكانه أو وضعه، بدأت العديد من الحملات المطالبة بإطلاق سراحه أو على الأقل إعطاء معلومات عن مكان احتجازه ووضعه الصحي ولكن دون جدوى، ليصلنا أخيراً الخبر أن أكرم قد استشهد في المعتقل في بدايات فترة اعتقاله.

قليلة هي المعلومات التي تخرج من المعتقلات، لكننا سمعنا أن أحد المعتقلين السابقين تحدث عن معايشته لأكرم داخل المعتقل، تحدث عن شجاعته رغم ألمه الجسدي الذي لم يمنعه من مواصلة نضاله وتحديه، ومحاولاته المستمرة لبث روح التفاؤل والحلم بالحرية القادمة إلى سوريا.

– بضعة خطوط.. بضعة خطوات نحو المعتقل… وخطوة أخرى نحو السماء.

المجد لك يا أكرم … والبقية بأقلام زملائك الأحرار…

———————————————————————————————————-

Exit mobile version