حسين الخطيب
بدأ منسوب المياه الجوفية (ماء الشرب) بالانخفاض تدريجيًا بريف حلب الشمالي بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب فصل الصيف، وحاجة الأهالي الضرورية لمياه الشرب، حيث بدأ الأهالي يشتكون من انعدام توفر مياه الشرب التي تصل إلى منازلهم عبر مضخات المياه الخاصة بالخدمات البلدية المقدمة لهم بشكل دوري أسبوعيًا، بينما يشتكي آخرون من احتواء المياه على ترسبات كلسية، في حال وصولها إلى منازلهم عبر أنابيب المياه، حيث يظهر تغيير واضح بلونها.
ويبدو أن شح الهطولات المطرية والثلجية في فصل الشتاء من أبرز الأسباب التي ساهمت في انخفاض منسوب المياه، إلى جانب ارتفاع أعداد الآبار العشوائية الزراعية وغير الزراعية، واعتماد الفلاحين على مياه الآبار لري محاصيلهم بسبب ندرة الهطولات المطرية شتاءً، والتي ساهمت بدورها في تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية.
المهندس الزراعي قيس حلاوة، يقول خلال حديثه لمجلة (طلعنا على الحرية): إن “عشوائية حفر آبار المياه الزراعية في محيط البلدات، وعدم خضوعها لرقابة فعلية من السلطات المحلية واعتماد الفلاحين على ري محاصيلهم الزراعية عبر الآبار بسبب شح هطول الأمطار ساهم بانخفاض منسوب المياه الجوفية”.
وأضاف: “الانخفاض الذي جرى في منسوب المياه الجوفية أجبر عمال قطاع المياه على استجرار المياه من قاع الآبار حيث كان بالسابق يتم استجرارها على بعد 60 متراً حيث المياه الراقدة، أما الآن فيتم استجرارها على بعد يفوق الـ 100 متر، مما جعل الماء تحتوي على ترسبات كلسية”.
ويشتكي الأهالي بريف حلب الشمالي من تغير لون المياه، إلى جانب ندرة وصولها بشكل كافٍ إلى منازلهم وخاصة خلال فصل الصيف، مما يدفعهم إلى شراء الماء من خلال صهاريج المياه التي يتم نقلها من الآبار الخاصة من محيط المدن والبلدات.
ويقول حسان الخطيب أحد أهالي مدينة مارع بريف حلب الشمالي لمجلة (طلعنا عالحرية): “لا تصل المياه إلى منزلي الكائن في محيط المدينة على الإطلاق، مما يضطرني إلى شراء صهريج مياه الشرب بشكل دوري؛ حيث أشتري كل أسبوع صهريجاً كاملاً من المياه (5 ألاف ليتر) ويبلغ ثمنه 40 ليرة تركية، أي أنا بحاجة إلى 160 ليرة تركية في الشهر لتعبئة الماء”.
وأضاف: “مصروفنا من المياه يزداد خلال فصل الصيف، وحاجتنا إلى المياه ضرورية لا يمكن التخلي عنها، ولذلك أدفع حوالي ثلث راتبي شهرياً لتعبئة مياه الشرب”، وأوضح: “قدمنا الكثير من الطلبات لمكتب الخدمات لتزويدنا بالماء، إلا أنهم يضعون الكثير من العواقب أبرزها انخفاض منسوب المياه وعدم إمكانية ضخها إلى مسافات محيط المدينة، لأنها مربوطة بأحياء كاملة ولا يصلنا إلا القليل منها”.
أما عبد الرحمن حاج عمر إنه بدأ يشرب من المياه التي تحتوي على ترسبات كلسية، والتي تصل إلى منزله من شركة المياه عبر أنابيب المياه، مما سيزيد من معاناته فهو يعاني من مرض مزمن في الكلى. وأضاف: “المياه التي تصلنا عبر الأنابيب غير صحيّة، وهي ليست مشكلة يوم أو اثنين وينتهي الأمر، وإنما مشكلة قد تستمر طوال العام، لأن المياه يتم استجرارها من أعماق الآبار، وغالباً سننتظر حتى الشتاء المقبل من أجل هطول الأمطار بالكم الكافي، لتزويد المياه الجوفية”.
مسؤول شركة المياه التابعة للمجلس المحلي في مدينة مارع بريف حلب الشمالي يوسف الحجي يقول خلال حديثه لمجلة (طلعنا عالحرية): “إن انخفاض منسوب المياه بشكل عام في ريف حلب ساهم في تردي خدمة المياه وتعكرها، حيث أصبحت المضخات تسحب المياه من النبع، حيث وجود (الحوارة) المياه الكلسية”.
وأضاف: “إن ارتفاع أعداد السكان في مدن ريف حلب، حيث بلغ عدد النازحين والمهجرين أكثر من الضعف، بالإضافة إلى التوسع العمراني الذي تشهده المنطقة، وسوء تصميم شبكات المياه القديمة والتي نفذت بطريقة غير مدروسة لفترات طويلة، بحيث لا يمكنها تغطية كافة أحياء المدينة”.
وأوضح: “المخالفات كثيرة من قبل الأهالي؛ حيث يقوم البعض منهم بوصل المياه إلى منازلهم دون مراجعة مكتب المياه، كما لا توجد رقابة فعلية، على هذا الموضوع من قبل السلطات المحلية بسبب تردي الوضع الأمني في المنطقة والتعدي المباشر على الأملاك العامة، دون التقيد بوجوب عملية دفع فواتير المياه شهرياً”.
وتبحث المجالس المحلية تقديم حلول عديدة، منها حفر “آبار عربية” التي تتميز بعمقها داخل المدن، إلى جانب وعود من الحكومة السورية المؤقتة التي تتخذ من مدينة اعزاز مقراً لها، ومنظمات غير حكومية عديدة من أجل توسعة شبكات المياه وإصلاحها.
وتقدم المجالس المحلية الخدمات اللوجستية والتشغيلية لشركات المياه، من حيث الرواتب ومصاريف الكهرباء، وتشتغل مضخات المياه لمدة 20 ساعة يومياً لتضخ المياه إلى منازل الأهالي عبر شبكات المياه، حيث تقسم على الأحياء لمدة أربع ساعات أسبوعياً، على دورتين، كل دورة ساعتين، وتبقى على الرغم من ذلك المياه الواصلة إلى المنازل غير كافية للأهالي.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج