حمزة العربي
شكل النصر الشعبي في محافظة السويداء إحراجاً ومفاجأة غير متوقعة للنظام ولإيران على السواء، وظهر هذا الإحراج في تصريح لونا الشبل “كل ما يشاع عن أن الدولة هي من تدعم راجي فلحوط غير صحيح، الدولة السورية ستبقى الداعم الأساسي لأبناء السويداء، أبناء العزة والكرامة، راجي فلحوط أحد أخطر المطلوبين للقضاء السوري بقضايا الخطف وفق المرسوم رقم 20 لعام 2013 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية العربية السورية”.
هذا التصريح الذي يدلل على سيناريوهين محتملين؛ إخفاء فلحوط وهو احتمال ضعيف، أو عمل مسرحية محاكمة سريعة والتخلص منه، ضمن ادعاء كاذب بأن القيادة غير راضية عن تحركات فلحوط.
بكل الحالات فإن الفزعة التي حصلت لاجتثاث ميليشيا فلحوط وبالتالي بتر ذراع إيران الأقوى في السويداء عبر الأمن العسكري هي ضربة موجعة للوجود الإيراني في مجمل الجنوب، وأعتقد أنها فرصة مواتية للاستثمار السياسي لحزب اللواء المثير للارتياب لكي يتقدم خطوات في السويداء ويسعى لاستثمار النصر الشعبي بطرقه المعهودة.
غني عن التعريف الاتفاق الإماراتي- الأردني- الروسي- الأمريكي حول تمكين كل من قوات مكافحة الإرهاب وقوات الفيلق الأول التابع لروسيا في السويداء ودرعا لعمق يبلغ حوالي 30 كم عن الحدود الأردنية، مع الإبقاء على معبر نصيب بيد النظام، على أن يتم استقطاع مبالغ منه لتمويل هذين الفصيلين. وفعلياً هذا ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير الذي حصل في دولة الإمارات، والذي جمع مالك أبو خير رئيس حزب اللواء، وأحمد العودة رئيس الفيلق الأول التابع لروسيا في درعا، وأطراف أخرى.
الفراغ الذي نتج من استئصال ميليشيا قوات الفجر سيكون فرصة مغرية ومجانية لتحقيق المشروع الذي بادرت بطرحه الأردن، والتحدي كبير أمام محافظة السويداء لتشكيل لجان أهلية تعمل على أكثر من مستوى ولإدارة أكثر من ملف؛ كالملف الأمني، والملف الصحي، والإداري والملف الأهم هو الملف السياسي، الذي يحتاج لدراسة عميقة بالتركيبة الداخلية للمحافظة وللأفخاخ المحتملة التي غالباً ما تستخدمها الدول في سبيل الاستثمار السياسي بما تتضمنه من وعود وعهود ليست صادقة غالباً، والتي طالما استخدمت الحرب بالوكالة لتحقيق غاياتها بواسطة دم الناس البسيطة المأزومة بالوضع المعيشي الصعب.
على عاتق الشرفاء في المحافظة في هذه المرحلة الحساسة مسؤولية تنظيم صفوفهم والتقدم خطوات في اتجاه التمكن من الأرض والناس، والامتداد باتجاه أجهزة الدولة وتحريرها مع الوقت من قبضة الفاسدين المتحالفين مع القوى الأمنية، أيضاً هناك مسؤولية على رجال الكرامة والغيارى من المحافظة لحماية هذا التقدم المدني.
إن سيطرة أي فصيل مدعوم من جهة خارجية، كحزب اللواء الذي يتذرع بانفصاله عن قوات مكافحة الإرهاب أو غيره من الفصائل ذات التمويل الخارجي، يعني حرفياً استخدام دماء وأحلام المجتمع المحلي في حروب بالوكالة المنتصر بها هذا الطرف الخارجي أو ذاك، والخسائر الفادحة من مجتمعنا. فاللاعبون قد يربح أحدهم ويخسر الآخر لكن من لا إرادة له هو فعلياً خارج اللعبة، ولن يمتلك أي احتمال للفوز. بل هو من أحجار الشطرنج التي يضحي بها المتنافسون على سوريا دون رحمة.
فهل يستطيع الشرفاء في المحافظة أن يكونوا بمستوى الحدث؟ سؤال سنرى إجابته في الأسابيع القريبة القادمة.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج