راما الدرويش
أطلق ترامب دعوة لأوربا بتحمل مسؤوليتها تجاه القتال ضد تنظيم داعش، ومهّد للانسحاب الأمريكي من شمال سوريا قائلاً إن على أوربا أن تبادر بالمشاركة في محاربة التنظيم الذي يحمل جزءاً من مقاتليه الجنسية الأوربية. لكن أوربا بالمقابل لم تستجب، وفشلت ألمانيا بإقناع دول الاتحاد الأوروبي بالتدخل في النزاع الدائر شمال سوريا وإقامة منطقة آمنة يشارك فيها حلف الناتو -القوة العسكرية للاتحاد الأوروبي- واكتفى البرلمان الأوربي بالتشجيب بالتدخل العسكري التركي الأخير بعملية “ نبع السلام” والتي تريد فيها تركيا استعادة مناطق من الشمال السوري التي تقع تحت سيطرة حزب سوريا الديمقراطي، واستعاض البرلمان عن الاقتراح الألماني بطرح بعض العقوبات على تركيا بهدف الضغط عليها للتراجع عن العملية العسكرية.
دعوات التدخل العسكري تتحول لمشروع إبعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبي
تركيا التي هددت بالسماح لتدفق موجة جديدة من اللاجئين لأوروبا واجهت من البرلمان الأوروبي دعوات لوضع حدّ رسمي لمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تجري منذ عام 2005. بل وهدد البرلمان الأوربي بإنهاء الاتحاد الجمركي الذي يُعفي فيه الاتحاد الأوروبي تركيا من أي رسوم جمركية على معظم الواردات والصادرات باستثناء المنتجات الزراعية.
لكن ذلك لا يسمو لتوقعات وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب-كارين باور؛ فاقتراح وزيرة الدفاع الألمانية كان يرنو إلى إنشاء منطقة آمنة تخضع للمراقبة الدولية وتضم أيضا تركيا وروسيا، الهدف منها حسب التصريحات الرسمية مواصلة الحرب على الإرهاب، ومحاربة تنظيم داعش.
ورغم الانتقادات للطابع السلبي الذي تتسم به ردات فعل ألمانيا والأوروبيين في القضية السورية، والتي تصفه كرامب-كارين باور “ بالنظر من وراء سياج” إلا أن التصريحات الألمانية الرسمية تذكر دائماً بأن الجيش الألماني يشارك في مهام في المنطقة ضد تنظيم (داعش) سواء من خلال عملية التدريب أو الاستطلاع الجوي.
لكن ذلك لا يروق لمعارضي هذه السياسة والذين يصرحون مراراً بأن التحالف الأوربي لم يفعل شيئا حيال منع روسيا وإيران من توسيع نفوذهما بشكل منتظم في سوريا ومساعدة الأسد على اكتساب قوة جديدة. بل إن موسكو لا تسمح للأوروبيين أن يكونوا أكثر من مجرد قوة مساعدة في سوريا في خدمة مصالحهم الخاصة.
معارضوا الأسد يريدون المزيد من أوروبا
يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا التحرك للضغط على روسيا بإقناع النظام في سوريا بتقديم تنازلات. هذا ماتتوقعه المعارضة السورية والتي تدعو إلى التزام أوروبا والولايات المتحدة بفرض مبادئ ديمقراطية في المفاوضات المقبلة على الدستور السوري الجديد الذي ستتم جلسات مناقشته في دول أوروبية بعد جنيف.
تقول المعارضة السورية (ديما موسى) لجريدة تاغس شبيغل الألمانية إن “على الغرب ألا يسمح لحكومة الرئيس بشار الأسد باللعب بعامل الوقت في المفاوضات تحت مظلّة الأمم المتحدة لإنقاذ سلطتها”.
ناشطون حقوقيون أيضاً طالبوا بمقاضاة أسماء من أعضاء من المشاركين في اللجنة الدستورية من وفد النظام السوري خلال وجودهم في أوربا للمفاوضات. المحامي أنور البني ينشر على صفحته أسماءاً يقول إنها متهمة بتعذيب واختفاء العديد من المعتقلين في سجون النظام السوري. يطالب البني بمعلومات تفيد بدعم ملف المعلومات الواردة إليه إضافة للمشاركة بالضغط.
لا يبدو الطريق واضحاً ومعبداً لمحاكمات قانونية للأسماء، بسبب وجود حماية أممية أثناء قدوم وفد النظام السوري لأوروبا. إلا أن منظمات قانونية وناشطين يضغطون للوصول إلى ذلك وتحقيق مطالب العدالة ومعاقبة مجرمي الحرب في سوريا.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج