Site icon مجلة طلعنا عالحرية

النظام يتاجر بأرزاق أهالي مدينة التل ويسلم طريق إمدادها الغذائي للمحتكرين

محمد هشام – التل

تدخل مدينة التل عامها الثاني تحت وطأة الحصار الخانق الذي تحكمه قوات النظام عليها من شتى الجهات، بغرض الضغط على الأهالي لإرغام الفصائل المسلّحة على الخروج منها ودخول قوات النظام إليها، والخضوع لحكمهم.

تنشط في المدينة مؤسسات المجلس المحلي التي تأسست في منتصف 2013 بعد توقيع وجهاء المدينة معاهدة صلح مع النظام، تقضي بإدارة المدينة التي باتت حضناً للمهجرين محلياً، مقابل عدم تعرض الفصائل المسلحة لطريق تل منين الذي تستخدمه قوات النظام.

إثر توتر الحالة بين الفصائل المسلحة وقوات النظام، وتعرضها لبعض قواته على طريق تل منين، تم حرمان قوات النظام من استخدام طريق تل منين، لترد حواجز النظام، وفرع الأمن السياسي الذي يدير تلك الناحية بإحكام الحصار على المدينة، والتضييق على المدنيين، وعدم إدخال المواد الغذائية والدوائية إلا بعد دفع ضرائب باهظة عليها، الأمر الذي ضاعفَ الأسعار داخل المدينة قياساً بالعاصمة، وغيرها من البلدات والنواحي.

كثيراً ما حاولت لجنة التواصل التي يترأسها السيد “غازي جاموس” أحد وجهاء المدينة، التنسيق لفكّ الحصار عن المدينة، وإنشاء مجلس عوائلٍ يضمُّ مندوبين عن جميع عوائل المدينة، ولجاناً محلية للأحياء، واجتماعات دورية مع خطباء المساجد لحثّ الناس على الوقوف جنباً إلى جنب مع جهود لجنة التواصل لفكّ الحصار عن المدينة، إضافة إلى اجتماعات دورية مع الأهالي في مسجد التل الكبير، وحثّهم وحثّ الفصائل المسلحة الالتزام بالعهود بين قوات النظام والفصائل، إثر خرق الأخيرة للعهود.. إلا أن محاولات الالتزام تلك كانت تُمنى بالفشل المنظم.

الأهالي يقولون إنّ الفصائل المسلّحة تتعمد خرق العهود لتتمكنَ من احتكارِ إدخال المواد الغذائية والدوائية والغاز والمحروقات إلى المدينة عندما يحاصرُها النظام، ويتهمونها بالتنسيق معه بهذه الخروقات. كما يقول أحمد الساهر أحد سكان التل: “حواجز النظام سعيدة جداً بخرق الفصائل المسلحة المتكرر للعهود، لأن ذلك يمكّنها من عقد صفقات مالية معهم لإدخال المواد الغذائية إلى المدينة، والمتضرر الوحيد هم المدنيون الفقراء”.

خالد خولاني أحد سكانها أيضاً، يشارك أحمد وكثيرين من أهالي التل رأيهم: “الحياة فيها لا تُحتمل، الجميع يتاجرُ بأرزاقنا، ولذلك غادرتها وسكنتُ في العاصمة منذ ثمانية شهور”.

يُذكر أن الأهالي قد استجابوا لنداءٍ دعا إليه ناشطون على الانترنت، للخروج بمظاهرة جابت شوارع المدينة، ونددت بالأحوال الصعبة التي تعيشها. وطالبت الفصائل العاملة بعدم المتاجرة بدمائهم وأرزاقهم. في الوقت الذي انتشرت فيه كثيرٌ من الحسابات والصفحات على وسائل التواصل لكشف الصفقات التي يجريها المسلحون مع قوات النظام، منددة باستهتار الفصائل بمصير الأهالي وأرزاقهم.

مؤخراً وفي 20-7-2016 انتشرت تسريبات بين المدنيين عن بلوغ لجنة التواصل لمرحلة متقدمة من المفاوضات مع النظام، الأمر الذي لم تنفه لجنة التواصل نفسها، وأعلنته رسمياً على صفحتها الرسمية على الفيسبوك. لولا أن اعترضت سيرَ المفاوضات محاولات عرقلة تقف وراءها “بعض الأطراف التي لا تريد الخير للمدينة وتريدُ احتكار المواد التموينية” بحسب تصريح اللجنة.

فيما قام النظام بوقتٍ لاحق بحسم موضوع المواد الغذائية، وباعَ طريق التل إلى التاجر المشهور والمدعو “أبو أيمن المنفوش” مجبراً الأهالي على التّعامل معه، واقتناء موادهم التموينية من أسواقه التي تقع على تخوم التل، على أن يتم دفع ضريبة 100 ل.س على كل 1 كيلو غرام من الخضراوات والفواكه، ونسبة تصل إلى 30% على مواد السوبر ماركت، ونسب قريبة بالنسبة للمنظفات.

“منى الخالدي” مدرّسة في المرحلة الابتدائية في التل، وأم لأربعة أبناء، عبرت عن حيرتها ومعاناتها إزاء ارتفاع الأسعار بهذا الشكل المريع: “هالمرة في وفرة بالخضار والفواكه، بس مصاري ما في .! تكلفة الطبخة الصغيرة صار 8$ مبسوطين هيك شباب الفصائل؟!”.

وقد كانت اللجنة أعلنت في وقتٍ سابق عن خروجها للقاء وفد روسيّ، لترتيب لقاء مع الفصائل المسلحة للتفاوض على طريق تل منين – صيدنايا، إلا أن حاجز الحرس الجمهوري لم يسمح للوفد الروسي بالوصول لمكان الاجتماع لأنه لم يحصل على موافقة من قوات النظام، بحسب ما أعلنته اللجنة ووسائل إعلام محلية.

Exit mobile version