النشطاء السلميون ونشطاء الإغاثة، وخاصة النشطاء الإعلاميون هم الهدف الأول بل الأساسي للنظام وجميع المجموعات المسلحة في سوريا؛ حيث الجميع يسعى لإسكاتهم ووقف نشاطهم، إما بالاعتقال أو القتل أو التهديد، فالحقيقة وصوت الإنسان وصوت الحرية هي ألد أعدائهم.
وإذا كانت جرائم النظام ضدّ الإعلام والإعلاميين هي الأكبر والأشد فظاعة، فالانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النظام بحق الإعلاميين من سوريين وأجانب، من استهداف المراكز الإعلامية بالقصف والبراميل المتفجرة، والإعلاميين بالقنص.. فقد تم توثيق 379 حالة قتل لنشطاء إعلاميين منذ عام 2011 حسب المركز السوري للحريات الإعلامية.
ولكن ما يتزايد هي الانتهاكات التي تطال النشطاء في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتحت سيطرة مجموعات مسلحة؛ حيث تزايدت بشكل كبير الانتهاكات والتهديدات وحالات اختطاف النشطاء الإعلاميين، وخاصة في مناطق سيطرة وحدات الحماية؛ حيث مازال عدد من الإعلاميين معتقلين لديهم وعلى رأسهم أمير حامد الذي يمضي سنته الثالثة في الاعتقال. وأيضاً مناطق ريف دمشق؛ حيث ما زالت المحامية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة والمحامي ناظم حمادة والناشطة سميرة الخليل مغيبون منذ أكثر من ثلاث سنوات. ومناطق جبهة فتح الشام وبقية مناطق سيطرة مجموعات مسلحة أخرى؛ حيث نذكر منها انتهاكات تعرض لها كل من حسام بدرخان وأنور أبو الوليد وأبو أسعد الحمصي وطارق بدرخان وسيف الله الأحمد وغيرهم كثيرون، بالإضافة طبعاً لمناطق سيطرة داعش التي تسيطر سيطرة تامة على الإعلام، واعتقالها العديد من النشطاء، وعلى رأسهم المحامي عبد الله خليل المختفي لديها منذ أكثر من أربعة سنوات والأب باولو بالإضافة إلى قيامها باستهداف وقتل النشطاء الإعلاميين خارج مناطق سيطرتها كما حصل في اورفا باغتيال عماد عبد القادر وفارس حمادي من مؤسسي حملة الرقة تذبح بصمت، ومقدم البرامج في محطة “حلب اليوم” زاهر الشرقاط، وناجي الجرف مدير مجلة “حنطة “ في غازي عنتاب.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها لنصف عام 2016 27 حالة بين اعتقال وخطف؛ إذ اعتقلت القوات الحكومية إعلامييَن اثنين وسبعة إعلاميين اعتقلهم “تنظيم الدولة”، بينما سجل التقرير اعتقال فصائل المعارضة المسلحة ستة، واعتقلت الوحدات الكردية أربعة خلال النصف الأول من العام الحالي.
وتطرق التقرير لعدد الإعلاميين المصابين موثقاً إصابة 38 إعلامياً، 211 منهم على يد القوات الحكومية، وستة استهدفتهم القوات الروسية، إضافة إلى ثلاثة على يد “تنظيم الدولة” واثنين أصيبوا على يد فصائل المعارضة المسلحة، في حين أصيب خمسة إعلاميين آخرين ونسبت الشبكة إصابتهم إلى جهات مجهولة.
إن استهداف النشطاء السلميين هو حقيقة استهداف لروح الثورة السورية وشعلتها المتأججة التي لم تخبو أبداً رغم كل ما تعرضوا له، وصوتهم أصبح مستهدفاً من كل الأطراف، وكلما زادت جرائم أحد الأطراف كلما ازداد استهدافه للنشطاء السلميين ونشطاء الإعلام الذين يقومون بفضح هذه الجرائم، وإذا كنا نعرف الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبها النظام، وحاجته الملحّة لقمع أي صوت يقوم بفضح هذه الجرائم، فإن ازدياد الانتهاكات ضد النشطاء والإعلاميين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام يؤشر إلى ازدياد الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها المجموعات المسلحة التي تسيطر على تلك المناطق.
إن الإعلام هو صوت الحقيقة وصوت الواقع، وهو الذي ينقل آمال الناس وآلامهم بالإضافة إلى أن النشطاء الإعلاميين هم أول الموثقين لأي حدث أو جريمة أو انتهاك، وهم من يكونون في موضع الخطر واستهداف النشطاء الإعلاميين هو جريمة حرب حسب القوانين الدولية، وحمايتهم واجب دولي.
رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، محرر قسم حقوق الإنسان والمجتمع المدني في مجلة طلعنا عالحرية