مجلة طلعنا عالحرية

المعتقل وليد – المشهد 2

معتصم أبو الشامات

أغلق السجان الباب تاركاً وليد وحيداً في الزنزانة المنفردة يعاني من لسعات الماء البارد التي أيقظته. عفونة المكان بدأت تدخل مع النفس إلى أنف وليد ليشعر بذلّ المكان.. الرطوبة بدأت تتسلل شيئاً فشيئاً إلى العظام لتفتك بها ألماً.

المكان تخاله بأنه تحت قبر، لا متنفس من هواء ولا شعاع من ضوء. يضيع الزمان في ذلك المكان، فلا وسيلة لعد ساعاتك وأيامك. الوقت يتوقف فلا تسمع إلا صراخ الجلادين وأنين المعذبين، ويبقى اتصالك الوحيد بالعالم الخارجي من خلال ذاكرتك.. انها الوحيدة القادرة على إخراجك من ذلك المكان.

تخلخل برودة الماء التي تلسع جلد وليد لمسات دفء من خلف رأسه. يمد يده ليعرف مصدر تلك الحرارة فيؤلمه جرحه النازف الذي ناله من عقب البندقية التي أفقدته وعيه. يحاول أن يستذكر دروس الإسعافات الأولية التي أعطاه أياها أحد شباب التنسيقيات من أجل إسعاف المتظاهرين في المستشفيات الميدانية. حاول أن يتحرك من أجل أن يوقف النزيف ولكن لم يسعفه جسده المتعب الجريح على الحركة.

يسمع أصوات أقدامٍ آتية من بعيد ويبدأ قفل الباب بالفتح ويغيب وليد عن الوعي من جديد.

 

Exit mobile version