Site icon مجلة طلعنا عالحرية

المعتقلون أولاً

زياد إبراهيم

يموت الشهيد مرة واحدة، ويموت المعتقل في كل يوم عدة مرات، إذاً فالاعتقال هو موت مكثف. لذا قام بعض السوريين الذين نجوا من الاعتقال بمحض الصدفة  (كما ذكر بيانهم) بإطلاق حملة “المعتقلون أولاً” التي جاءت نتيجة لتقاطعات أفكار ورؤى مشتركة بين مجموعات من الناشطين السوريين داخل سوريا وخارجها، لتنضم المجموعات في عمل موحد يعطي للحملة أبعاداً أخرى تتعدى التضامن مع المعتقلين على صفحات التواصل الاجتماعي.

وتسعى “المعتقلون أولاً” إلى تحويل قضية المعتقلين إلى قضية رأي عام عالمي، للضغط على القوى المؤثرة والمشرفة على مفاوضات جنيف لإطلاق سراح كافة المعتقلين قبل الشروع بأي إجراءات في القضية السورية التي تتمحور أصلاً حول حرية الإنسان السوري وكرامته. إضافة إلى تقديم معلومات واضحة عن المعتقلين للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي الذي لازال حتى اللحظة لا يتحمل مسؤولياته بجدية تجاه قضايا السوريين الإنسانية.

وللاطلاع أكثر على ماهية الحملة، التقت “طلعنا عالحرية” مع مجموعة من نشطاء الحملة لتوضيح رؤيتهم والوقوف على ما تم إنجازه حتى الآن والنظرة المستقبلية للحملة.

“تكمن أهمية الحملة في توقيتها الذي جاء أثناء محادثات جينيف 3، بعدما تم الاتفاق على وضع ملف المعتقلين كأولوية لأي مفاوضات أو حلّ سياسي أو أي اجتماع محلي ودولي يخص سوريا والثورة السورية “ يقول عبد الله حكواتي أحد نشطاء الحملة. ثم يتابع: “تعزز الشعار بعد انضمام عدد كبير من السوريين المهتمين بشأن المعتقلين في الداخل السوري والخارج لتحويل النشاطات الفردية لعمل جماعي منظم”.

وعن أهداف الحملة يكمل حكواتي: “نطمح أن تستطيع الحملة تحريك قضية المعتقلين أمام المحاكم الدولية ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم بالإضافة إلى الضغط على الصليب الأحمر الدولي لتشكيل لجنة خاصة للدخول إلى السجون والمعتقلات الموجودة في سوريا”.

وعن التحضيرات الخاصة بالحملة وامتدادها في بعض الدول الأوروبية يقول مازن حمادة، وهو معتقل سابق وناشط في الحملة :”تجري التحضيرات للحملة على قدم وساق بمشاركة طوعية واسعة من جميع السوريين والأوروبيين المعنيين بقضية المعتقلين. المعتقلون أهالينا وأبناؤنا! معلوماتهم وقصصهم وصورهم وحيثيات اعتقالهم حقائق مثبتة للجميع”. وعن المدى المفتوح للحملة يتابع: “الحملة ليست مؤقتة بل مستمرة، سترافقها ثم تتلوها نشاطات متّصلة مختلفة الأشكال من شأنها التنبيه الدائم لقضية المعتقلين؛ من تظاهرات، رسومات، احتجاجات ضمن المؤتمرات العالمية.. الخ”.

هذا وتستعد العاصمة الفرنسية باريس لاحتضان مظاهرة خاصة بالمعتقلين حيث من المقرر أن تبدأ بوقفة في ساحة الباستيل ذات التاريخ المرتبط بالثورة الفرنسية ثم الانتقال إلى ساحة الجمهورية التي تعتبر من أهم الساحات في المدينة.

عن المظاهرة يقول عمر الخطيب الناشط في حملة المعتقلون أولاً: “هي ليست حملة تذكيرية فحسب بل هي موقفنا الإنساني من قضية المعتقلين ورفض تحويلهم إلى ملف للأخذ والرد والتجاذبات السياسية؛ فالمعتقلون أولاً، وحريّتهم قبل التفاوض”. وعن المظاهرة المزمعة في باريس يتابع عمر: “سنعبّر عن ذلك بدايةً من خلال تظاهرة الحادي عشر من حزيران الجاري التي سترفع فيها ألف صورة لألف معتقل وستعرض شهادات عن التعذيب في المعتقلات ورسوم كاريكاتورية لرسامين سوريين، وكذلك معرض للكتب” وختم عمر كلامه بالدعوة “للمشاركة في حضور التظاهرة ودعم قضيتنا العادلة”.

وكانت قد بدأت الحملة قبل عدة أيام بنشر صور لمتضامنين مع الحملة حملوا بأيديهم الشعار الخاص بـالحملة، ووجهوا رسائل التضامن مع المعتقلين بالإضافة إلى نشر صور خاصة بالمعتقلين متضمنة معلوماتهم ضمن تصنيفات محددة.

تقول مريم فيما يتعلق بصور المعتقلين المعدة للطباعة: “ من خلال المعلومات المتوفرة لدينا عن المعتقلين كان من المهم تسليط الضوء على الإنسان القابع في ظلام المعتقلات من خلال تفاصيل تربطه بنا مباشرة، مثل المواليد والمهنة وصورته الشخصية، إضافة إلى المعلومة الدقيقة حول جهة الاعتقال وتاريخه” ثم تتابع عن تصنيف الصور: “لدينا ثلاث تصاميم متمايزة عن بعضها بفروق بسيطة للتعبير عن احتجاجنا ضدّ هذه الاختراقات للإنسانية: ملف المعتقلين المغيبين قسرياً عند النظام، وملف الشهداء تحت التعذيب عند النظام، وملف المعتقلين والمغيبين من قبل التنظيمات الأخرى”.

يذكر أنه منذ بداية الثورة أنجزت الكثير من الحملات الخاصة بالمعتقلين على المستوى المحلي، لكن في الحملة الحالية يطمح المنظمون إلى تشكيل ضغط حقيقي على المنظمات الدولية ومراكز صنع القرار وحشد التعاطف الدولي مع قضيتهم، وهذا ما تعكسه أجواء العمل المنظم والجهد الكبير المبذول من قبل جميع نشطاء الحملة للوصول إلى أهدافها، محاولين قدر الإمكان أن تكون قضيتهم قبل كل القضايا الأخرى .. فالمعتقلون أولاً.

Exit mobile version